المشرف على الدراسة: د. عبدالكريم بن عبدالله السيف
يشهد عالم اليوم تطورات تكنولوجية متسارعة ومتلاحقة، يعد أبرزها تلك التطورت شبكات الإنترنت، والتي أتاحت إمكانية الدخول إلى مصادر المعلومات المتوافرة في مواقع عديدة من الشبكة لإرسال البريد الإلكتروني أو البحث عن نصوص والوصول إلى قواعد البيانات والأخبار والمجلات الإلكترونية، والمشاركة في المعلومات والتعليم والتعلم وتبادل الخبرات والترفيه، بغض النظر عن بعد المسافات.
وهناك ملايين من أجهزة الكمبيوتر تتناول المعلومات فيما بينها عبر ما يعرف بالنسيج العالي متعدد النطاق (World Wide Web) مما يجعل الإنترنت دائرة معارف عملاقة يمكن من خلالها الحصول على معلومات حول أي موضوع في شكل نص Text مكتوب أو رسوم وصور Pictures وخرائط أو التراسل عن طريق Electronic Mail E-mail، كما يجعلها منتدى عالميًّا يتم من خلاله تبادل الأفكار والمعلومات عن طريق والمشاركة في النقاش مع جماعات واسعة.
وقد أوجب ذلك كله على كل مجتمع يريد اللحاق بالعصر المعلوماتي أن ينشئ أبناءه على تعلّم كيفية التعامل مع المواقع المختلفة، ويؤهلهم لمجابهة المخاطر التي قد تنجم عن التجول عبرها. إذ تنحو كثير من دول العالم اليوم نحو تسريع استخدام الإنترنت في كثير من المجالات، نظرًا لما يقوم به من إشباعات لكثير من الجوانب المرتبطة بحاجات المستخدمين مثل: الجوانب المعرفية؛ كمعرفة الجديد من المعلومات أو الأخبار، والجوانب العاطفية كحب الاستطلاع والفضول ورغبة الاكتشاف والتذوق الجمالي. والجوانب الشخصية؛ كالتقديم للقبول في إحدى الجامعات، أو البحث عن وظيفة، أو تلقي إجابات لأسئلة معينة. والجوانب الاجتماعية؛ كالاتصال بأفراد آخرين بسهولة من خلال مواقع الدردشة أو البريد الإلكتروني. وجوانب التسلية والترفيه: وتضم الألعاب المسلية أو المواقع الجذابة والجديدة، علاوة على المواقع الإلكترونية التي تقدم خدمات مسلية للمستخدمين مثل الصور وأماكن الدردشة. والجوانب التجارية: مثل التسوق وشراء السلع أو شراء الأسهم وبيعها.
سلبيات تفوق الإيجابيات
وبالرغم من الاستخدامات المتعددة للإنترنت في شتى المجالات إلا أن السلبيات المترتبة عليها تفوق الجوانب الإيجابية، ويأتي في مقدمة الاستخدام السيئ للإنترنت: الإقبال المتزايد على المواد الإباحية كالصور والقصص والفيديو، والتشهير والمضايقة، والتبعية الثقافية، والانحرافات الفكرية والعقائدية، والتحايل وانتحال الشخصيات والتزوير والابتزاز والسرقة والاختراقات والتجسس، ونشر ثقافة الإرهاب بين النشء، وإخفاء هوية مستخدم الإنترنت بحيث يصعب تعقبه عن طريق ساحات الحوار والبريد الإلكتروني وغيرها.
ولعل انتشار السلبيات السابقة بين مستخدمي الإنترنت، يرجع إلى قلة الوعي بما تؤدي إليه من عوامل تدمير في شخصية الفرد، وجوانب نموه الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي، إذ يؤكد ذلك مركز سياسات الاتصال (Center for Communication, 2003) الذي يشير إلى نسبة عالية من المراهقين بين 12-18 سنة يستخدمون الإنترنت، الأمر الذي يثير كثيرا من التساؤلات حول ماهية هذا الاستخدام، وطبيعة المحتويات التي يطلع عليها المستخدم، والأثار المترتبة على الاستخدام السيئ للإنترنت.
هدف الدراسة
تعتبر هذه الدراسة أحد المشروعات البحثية المشتركة بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وجامعة القصيم وفريق من الباحثين في بعض جامعات المملكة برئاسة الدكتور عبدالكريم بن عبدالله السيف، أستاذ تكنولوجيا التعليم وعميد التطوير الأكاديمي بجامعة القصيم. إذ تم تقديم مقترح الدراسة ليُحكم مع عدد من المقترحات البحثية من قبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، حيث تم اختيار هذا المقترح ليكون ضمن البرامج المدعومة من قبل المدينة في برنامج العلوم الإنسانية التاسع.
فقد تم تقديم هذا المقترح من قبل عدد من المختصين بجامعة القصيم وبعض جامعات المملكة إلى إدارة المنح بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ليأخذ الرقم ع س - 9-12 بمدة تنفيذ قدرها 12 شهراً تحت عنوان (برنامج وقائي لمخاطر الإنترنت وأثره على تنمية الوعي لدى طلاب التعليم العام).
وقد هدفت هذه الدراسة إلى تحقيق هدفين أساسين؛ أولهما السعي إلى تحديد العوامل الدافعة لاستخدام الشباب للإنترنت. إذ وجدت هذه الدراسة أن أسباب المخاطر الناجمة عن استخدام الإنترنت تتمثل بقلة الوعي، بما تؤدى إليه من انهيار أخلاقي وأدبي ومادي وجسماني للمستخدمين.
كما أشارت الدراسة إلى أنه إلى وقت قريب لم تكن الأخطار المحيطة بالأطفال والمراهقين من استخدام الإنترنت معروفة للآباء والمربين، ولم يكن مدى تفاعل الشباب مع محتويات الإنترنت معروفاً، لكن هذه الأخطار أصبحت واقعاً معاشاً يؤرق الأباء والمربين على حد سواء، لا سيما في ظل الإقبال المتزايد على استخدام الإنترنت، ومن الدلائل على ذلك ظهور مفاهيم وأفكار وأنماط سلوكية متمردة على القيم والأخلاق والدين.
الهدف الآخر للدراسة يتمثل في اقتراح برنامج وقائي للتوعية بمخاطر استخدام الإنترنت على المستوى الشخصي وعلى مستوى المجتمع الذي يعيش فيه الفرد. حيث يتم تصميم برنامج وقائي يتم بناؤه على أساس نوعية المواقع التي يتصفحها الشاب والدوافع للاستخدام وكذلك استبانة مدى الوعي بمخاطر استخدام الإنترنت.
برامج تربوية ووقائية
إذ إنه في الوقت الذي أصبح فيه استخدام طرق تقليدية في التوعية بهذه السلبيات - مثل منع استخدام الإنترنت أو تضييق الخناق على المراهق والطفل المستخدم للإنترنت- لايجدي نفعاً، مما يؤكد أهمية التفكير في بلورة برامج تربوية ووقائية تهتم أساسًا بالتوعية بمخاطر الاستخدام السيئ للإنترنت، مع تقديم المعلومات الكافية التي تقي الأبناء من مغبة التعرض للمواقع السيئة، وسبل التعامل معها.
ومع ظهور عدد من المتغيرات التي تجعل من استخدام الإنترنت أمراً ملحاً كاستخدامها في المدرسة أو في المنزل أو لجمع معلومات حول موضوع معين، ومع تنامي ظاهرة الاستخدام السيئ للإنترنت، أصبح لزاماً على الآباء والمربين تعهد الأبناء بالرعاية والنصح والتوجيه، وبخاصة في المراحل المبكرة من حياتهم، حتى يتكون لديهم الوعي بما يحدق بهم من مخاطر، ويأتي ذلك لوقايتهم مما قد يتعرضون له في حياتهم المستقبلية. فالطلاب في المرحلتين المتوسطة والثانوية على وجه التحديد يمرون بمرحلة المراهقة ويتعرضون من خلالها لبعض المشكلات النفسية حيث يضطرب اتزان الشخصية ويرتفع مستوى توترها بحيث تصبح معرضة للانفجارات المتتالية، وتختل علاقاتها الاجتماعية مع أعضاء الأسرة وأصدقاء المدرسة. وتمتاز حياة المراهق الاجتماعية بأنها أكثر اتساعا وشمولا وتميزا، حيث ينتقل المراهق من حياة الطفولة إلى حياة الرجولة.
وتمتاز الحياة الانفعالية بأنها لا تكون واحدة طوال هذة المرحلة ففي المرحلة الأولى تكون عنيفة، إذ نجد المراهق يثور لأتفه الأسباب. وقد يأتي استخدامه للإنترنت هنا ليفاقم من مشكلاته النفسية ويزيد من حدتها، ما لم تكن هناك أساليب وقائية وبخاصة في المراحل المبكرة من عمره.
وإزاء ذلك كله ليس من المقبول أن تقدم برامج النصح والإرشاد للطلاب والمراهقين في المراحل المتأخرة من عمرهم، بعد أن يكونوا قد تعرضوا لمخاطر الإنترنت، ومن غير المنطقي أن نعالج قضايا الانحراف، بعد أن يكونوا قد وقعوا فيها بالفعل، ويتطلب الأمر هنا وضع أساليب وقائية لاستخدامات الإنترنت في كافة الجوانب الأخلاقية والفكرية والدينية والأمنية، وتحديد المخاطر المرتبطة باستخدامه، ثم اقتراح برنامج وقائي للتوعية بمخاطر هذا الاستخدام على المستويين الشخصي والاجتماعي.
وباستقراء البحوث والدراسات السابقة المتعلقة بهذا الامر، تبين أن معظمها لم يتطرق إلى بناء برامج تعليمية تهتم بوقاية الطلاب والطالبات بأخطار الإنترنت وسبل التعامل مع المعلومات التي يطلعون عليها من الشبكة، سواء كانت تهدف إلى الاستغلال أو بث فكر منحرف يهدف إلى تحقيق أهداف فئات ضالة أو نشر ثقافة الإباحية على الإنترنت.
ومن هنا تدعم الإحساس بمشكلة البحث، وتبين أهمية بناء برنامج تعليمي في مستوى طلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية، للوقاية من أخطار الإنترنت وتنمية وعيهم ببعض قضايا الانحراف المرتبطة بالاستخدام السيئ للإنترنت، وهذا ما تم معالجته في الدراسة الحالية.
فكرة البرنامج المقترح
تقدم هذه الدراسة برنامجا توعويا مقترحا للوقاية من أخطار استخدام الإنترنت وأثره في تنمية وعي طلاب وطالبات التعليم العام (بالمرحلتين: المتوسطة - الثانوية)
في ضوء دوافع استخدامات الطلاب والطالبات للإنترنت والإشباعات المتحققة، ومن ثم التعرف على أثر هذا البرنامج في مستوى وعي الطلاب والطالبات ببعض قضايا الانحراف المرتبطة بالأفكار السيئة والناتجة عن الاستخدامات المتعددة لشبكة الإنترنت.
محتوى البرنامج
يتكون البرنامج من أربع رزم تعليمية رئيسية، تتكون كل رزمة تعليمية من ثلاثة مديولات (برنامج فرعي)، وهي: الرزمة التعليمية الأولى: مدخل إلى استخدام الإنترنت، وتتكون من ثلاثة مديولات هي: المديول الأول: المفاهيم المرتبطة بالإنترنت المديول الثاني: استخدامات الإنترنت، المديول الثالث: خصائص الإنترنت. الرزمة التعليمية الثانية: مخاطر استخدام الإنترنت وسبل مواجهتها، وتتكون من ثلاثة مديولات هي: مخاطر استخدام الإنترنت، مواجهة مخاطر الإنترنت، ضبط أخلاقيات الإنترنت. الرزمة التعليمية الثالثة: جرائم الإنترنت، وتشتمل ثلاثة مديولات: ماهية جرائم الإنترنت، أنواع جرائم الإنترنت، سمات مرتكبي جرائم الإنترنت ودوافعهم. الرزمة الرابعة: الإنترنت في المملكة العربية السعودية، وتشتمل على ثلاثة مديولات هي: خدمة الإنترنت في المملكة العربية السعودية، مقاهي الإنترنت في المملكة العربية السعودية، نظام مكافحة جرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية.
كيفية تطبيق الدراسة
قامت هذه الدراسة على نوعين من مناهج البحث العلمي المعروفة. أحدهما المنهج الوصفي، الذي استخدمه الباحثون عند استعراض دوافع استخدامات طلاب وطالبات التعليم العام لشبكة الإنترنت، والإشباعات المتحققة منها، وكذلك عند استعراض أهم الأخطار المترتبة على استخدام شبكة الإنترنت وأساليب الوقاية من أخطار استخدام الإنترنت، وكذلك عند تطبيق مقياس الوعي ببعض قضايا الانحراف الناجمة عن استخدامات شبكة الإنترنت واستخلاص أهم الاستخدامات والإشباعات المتحققة منها من وجهة نظر الطلاب وأولياء الأمور والمتخصصين ممن لهم علاقة بالموضوع.
والمنهج الآخر هو المنهج التجريبي، حيث استخدمه الباحثون من خلال القيام باختيار عينة الدراسة من بين طلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية بعدد 1065 طالبا وطالبة ينتمون إلى مدراس مختلفة في ثلاث مناطق رئيسية بالمملكة (الرياض، مكة المكرمة، القصيم). حيث تم تقسيم عينة الدراسة من طلاب وطالبات هاتين المرحلتين إلى مجموعتين إحداهما تجريبية والأخرى ضابطة. إذ تم تصميم مقياس الوعي نحو قضايا الانحراف المترتبة عن استخدامات الإنترنت، ومن ثم تطبيقه تطبيقًا قبليًا على مجموعات الدراسة كاملة، ثم تم تصميم البرنامج الوقائي ليتم بعد ذلك تعريض المجموعات التجريبية فقط للبرنامج لمدة تزيد على الأسبوعين، ليتم بعد ذلك إعطاء كافة المجموعات المقياس البعدي، ليتم بعد ذلك مقارنة نتائج المقياسين القبلي والبعدي للمجموعات كاملة، وكذلك مقارنة نتائج المجموعات التي تعرضت للبرنامج (التجريبية) مع التي لم تتعرض له (الضابطة).
نتائج الدراسة
من خلال المنهجية المقترحة لتطبيق البرنامج المقترح، حرص فريق البحث بأن يكون اختيار عينة الدراسة يعكس التركيبة السكانية للمملكة وذلك باختيار المجال الجغرافي لتطبيق البرنامج من ثلاث مناطق هي الرياض ومكة المكرمة والقصيم، وذلك من خلال تحديد مدراس معينة توافرت فيها الظروف الملائمة لتطبيق الدراسة وذلك من المرحلتين المتوسطة والثانوية ذكوراً وأناثاً.
وقد تم تطبيق البرنامج برزمه التعليمية الأربع لمدة شهر تقريباً في المدارس المختارة، ليتم بعد ذلك أخذ نتائج المقياسين القبلي والبعدي للمجموعات التجريبية والضابطة في كلا المرحلتين لكلا الجنسين، فيما كل منطقة من المناطق الثلاث.
وقد جاءت نتائج التطبيق مشجعة جداً لفاعلية البرنامج، إذ أثبتت المعاملات الإحصائية وجود فروق كبيرة بين نتائج المجموعات التجريبية في المقياس القبلي عنها في المقياس البعدي كذلك وجود فروق بين المجموعات ذاتها من خلال مقارنة نتائج المجموعات التجريبية عنها في الضابطة، وهو الأمر الذي يثبت فاعلية البرنامج في تنمية الوعي بمخاطر الإنترنت. وقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:
1 - تبين أن نسبة وعي طلاب وطالبات المرحلة المتوسطة في مناطق الدراسة الثلاث كانت متدنية بالنسبة لمخاطر الإنترنت بصفة عامة، والمخاطر الشخصية والساسية والدينية، ومخاطر الاختراقات وتدمير المواقع وإرسال واستقبال الفيروسات، ومخاطر الموارد المالية، ومخاطر ارتياد المواقع الإباحية والمحجوبة. ولعل مرد ذلك انتشار استخدام الإنترنت في المنازل والمدارس، واختلاف اتجاهات الطلاب نحو مخاطر استخدام الإنترنت بصفة عامة، واختلافهم في إدراك الاختراقات وتدمير المواقع وإرسال واستقبال الفيروسات، واختلافهم في طرق التعاملات المالية عبر الإنترنت، واختلافهم في إدراك مخاطر ارتياد المواقع الإباحية والمحجوبة.. وفي الوقت ذاته كان وعيهم بالمخاطر الشخصية والسياسية والدينية كان مرتفعا ولعل مرد ذلك لارتباطها بخلفية عامة لدى الطلاب والطالبات.
2 - أثبتت أن طلاب وطالبات المرحلة الثانوية أكثر وعيا بمخاطر استخدام الإنترنت بصفة عامة، ومخاطر الاختراقات وتدمير المواقع وإرسال واستقبال الفيروسات، ومخاطر ارتياد المواقع الإباحية والمحجوبة. ولعل مرد ذلك إلى عدم اختلاف إدراك الطلاب للجوانب المرتبطة بالمخاطر الشخصية والسياسية والدينية والمالية، وهذا منطقي مع طلاب المرحلة الثانوية.
3 - أن البرنامج المقترح يتصف بدرجة مناسبة من الفعالية لدى طلاب المرحلة المتوسطة في تنمية الوعي ببعض قضايا الانحراف، بالنسبة لمدن البحث الثلاث (جدة، القصيم، الرياض).
4 - على أن البرنامج المقترح يتصف بدرجة مناسبة من الفعالية لدى طلاب المرحلة الثانوية في تنمية الوعي ببعض قضايا الانحراف، وذلك، بالنسبة لمدن البحث الثلاث (جدة، القصيم، الرياض).
5 - بينت الدراسة أن هناك تباينا في استخدام الإنترنت بالنسبة لعامل النوع (طالب - طالبة) في المدن الثلاث. إذ وجدت الدراسة أن طلاب منطقة مكة المكرمة ميلا لاستخدام الإنترنت بشكل أكثر خطورة من طلاب منطقة القصيم، ومن حيث التفاعل كانت طالبات جدة هن الأكثر خطورة في استخدام الإنترنت يليهن طلاب جدة ثم طلاب القصيم فطالبات القصيم.
6 - كما وجدت الدراسة أن هناك فروقا في عامل (المنطقة) حيث وجدت الدراسة فروقا واضحة بالنسبة لعامل المدينة، فكانت أخطار الاستخدام للإنترنت الأكثر بالنسبة لمدينة الرياض يليها مدينة جدة، وأخيراً مدينة القصيم، وبالنسبة للتفاعل فكان طلاب مدينة الرياض الأكثر خطورة في استخدام الإنترنت، يليها طلاب القصيم، وأخيراً طلاب جدة، أما بالنسبة للطالبات فكان أخطار استخدام للإنترنت لدى طالبات الرياض، يقترب منه استخدام طالبات جدة، وأخيرا طالبات القصيم بمتوسط.
كيفية الاستفادة من البرنامج
يتميز هذا البرنامج بتقديم حل عملي لتوعية فئات الناشئة والشباب بما يحيط بهم من مخاطر جراء استخدامهم الإنترنت، إذاً يكمن تميزه بأن الوعي بتلك المخاطر يأتي من المستخدم نفسه من خلال الوعي الذاتي والاقتناع بوجود تلك المخاطر في استخدام الإنترنت، بخلاف كثير من البرامج التي تفرض الوصاية على الشاب أو المستخدم من خلال فلترة المواقع التي يمكن للمستخدم الوصول إليها، وهي طريقة قد تنفع مع صغار السن من الأطفال وغيرهم، لكنها غير مجدية مع المستخدمين في سن الشباب نظراً لمعرفتهم التقنية بكيفية تجاوز مثل تلك البرامج، حيث بين كثير من الطلاب والطالبات في مجموعات الدراسة التجريبية، مدى زيادة وعيهم بتلك المخاطر التي تحيط بهم جراء استخدام الإنترنت، بعد تعرضهم للبرنامج المقترح. إذا بينوا أن كثيرا من المخاطر والجرائم التي تعرض لها البرنامج لم تكن معروفة لديهم، كذلك الطرق التي تستخدمها عصابات الإنترنت في الإيقاع بضحاياهم، كما بين إفراد عينة المجموعات التجريبية في الدراسة سرورهم بتعلمهم الرزمة التعليمية الرابعة من البرنامج والتي تحتوي على نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الذي أقره مجلس الوزراء وبدأ تطبيقه في محاكم المملكة منذ عام 1428هـ.
إن فكرة هذا البرنامج قامت على تقديم حل عملي للمخاطر القادمة عبر الإنترنت وفي مقدمتها مخاطر الأمن الفكري الذي أصبح هاجسا يقلق كل ذي بال، لذا فإن الاستفادة من هذا البرنامج باتت ممكنة من خلال تطويره وتطويعه، للفئات التي يمكن استهدافها من شباب ومراهقين. إن الحاجة باتت ماسة لمثل هذه الحلول، التي تأخرنا كثيرا في تقديمها والعمل عليها، لذا فيمكن للجهات ذات العلاقة الاستفادة من هذا البرنامج من خلال التواصل الجهة الداعمة للدراسة وهي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أو من خلال الجهة المنفذة للبرنامج وهي جامعة القصيم ممثلة بعمادة التطوير الأكاديمي من خلال التواصل مع رئيس فريق الدراسة.
توصيات الدراسة
وفي ضوء هذه النتائج أوصى الفريق بمجموعة من التوصيات التي تقي طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية من بعض قضايا الانحراف المرتبطة بالتجول عبر شبكة الإنترنت، ومنها:
1 - تهيئة المناخ المناسب لتعرض الطلاب والطالبات في المرحلتين المتوسطة والثانوية لشبكة الإنترنت، من خلال توفير برامج وقائية يتعين أن يمر بها الطلاب والطالبات قبل تجوالهم عبر شبكة الإنترنت.
2 - استغلال تكنولوجيا الإنترنت وميزاتها الضخمة في عمل منتديات وقنوات اتصال بين المعلمين والطلاب في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية لتبادل الخبرات والتجارب حول استخدامات الإنترنت وأهم الإشباعات الإيجابية المتحققة منها.
3 - تدريب وتشجيع المعلمين على الاتصال بطلابهم من خلال الصفحات المدرسية الإلكترونية والبريد الإلكتروني، باعتبار أن عددا لا يستهان به من الطلبة لديهم خدمة الإنترنت في بيوتهم أو يذهبون إلى مقاهي الإنترنت، وذلك لشغل الطلاب بمواد تعليمية وواجبات مدرسية تحضهم على ارتياد المواقع العلمية والاطلاع على المعلومات التي تنقصهم واستكمالها، وفي الوقت ذاته كيفية تجنب المواقع الإباحية التي قد تظهر عبر تجوالهم.
4 - تبني تنمية ثقافة توظيف الإنترنت في تعلم ما هو جديد وتوظيف ذلك لأغراض التعليم والتعليم في المواد الدراسية المختلفة.
5 - تزويد الطلاب والطالبات بوصف مختصر لبعض المواقع المفيدة في المجال العلمي والتربوي والترفيهي والتثقيفي، وكيفية تحقيق أقصى إشباع منها.
6 - استخدام البرامج الوقائية وذلك على هيئة رزم ومديولات تعليمية مكتوبة، أو على هيئة برامج إلكترونية يتم بثها عبر شبكة الإنترنت لتنمية وعي الطلاب ببعض المخاطر التي تواجههم عند تعرضهم لشبكة الإنترنت، والعمل على تجديد المعلومات الواردة بتلك البرامج لتساير أهم التطورات والمخاطر والمستجدات في مجال استخدامات شبكة الإنترنت والتجول عبرها.
7 - الاهتمام ببناء برامج وقائية لطلاب المرحلتين المتوسطة والثانوي والعمل على إكسابها للطلاب إما بدمجها في بعض المقررات الدراسية، أو بتدريسها كبرامج مستقلة، أو بجعلها وحدة في مادة الحاسب الآلي. ويفضل الاهتمام بتدريس هذه البرامج في المراحل الأولى من حياة المراهق، وليس بعد أن يكون قد اكتسب أنماطًا سلوكية يصعب علاجها. ويتم ذلك عن طريق مراجعة فلسفة المناهج ووضع أهداف إستراتيجية تركز في جوهرها على استخدامات الإنترنت والإشباعات المتحققة منها، وسبل التغلب على مخاطرها.
8 - ربط المناهج باستخدامات الإنترنت وبخاصة البريد الإلكتروني، وغرف المحادثة والفيديو كونفرانس وغيرها وذلك من خلال إبداع مجموعة من الأنشطة التي يمكن إتمامها من خلال التجول عبر شبكة الإنترنت، كاستخدام الإنترنت في تعليم التاريخ والجغرافيا وثقافة الشعوب واللغة العربية واللغة الإنجليزية والتربية الإسلامية وغيرها.
9 - الاهتمام بتنمية مهارات التفكير الناقد لدى طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية، وتدريبهم على استخدام هذه المهارات في تقييم صفحات الإنترنت المختلفة وتمييز الغث من السمين كالتمييز بين المعلومات القديمة والحديثة، والتمييز بين المواقع المخلة بالآداب والمواقع الإيجابية، وكذا تمييز المحادثات النافعة من الضارة، ومواقع الابتزاز المالي على الشبكات..الخ.
10 - تنمية وعي طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية بأخلاقيات استخدام الإنترنت Online Ethics وبأساليب الأمانSafety on the web في استخدام الإنترنت.
11 - عرض مقياس الوعي ببعض قضايا الانحراف على موقع تعليمي لوزارة التربية والتعليم لمعرفة مدى وعي الطلاب بمخاطر استخدام شبكة الإنترنت، وكذا تطوير عدد من المقاييس التي تفيد في هذا الشأن، واستخدام نتائجه في التغلب على مشكلات استخدام الطلاب لشبكة الإنترنت.
12 - الاهتمام بالتوعية الأسرية الخاصة باستخدام شبكة الإنترنت مثل تشجيع المناقشة العائلية حول مخاطر استخدام الإنترنت، ووضع برامج ترصد كل موقع يتم الدخول عليه، وكل ما يكتب على لوحة المفاتيح.
كلمة أخيرة
وفي الختام صرح رئيس فريق الدراسة الدكتور عبدالكريم السيف بكلمة لمجلة الاتصالات والعالم الرقمي قال فيها: أود أن أبين أن هذا الجهد الذي قمنا به على مدار عام كامل شارك فيها ما لا يقل عن 30 باحثا ومساعد باحث لم يكن ليتم لولا فضل الله وتوفيقه وعونه الذي مدنا الجهد والوقت والتوفيق لتطبيق هذه الدراسة والتي لمست فيها حماس العاملين على إنجازها لإيمانهم بأهميتها ومدى الحاجة لمثل هذا البرنامج ولعل ذلك الوقود الحقيقي لنا كفريق عمل في هذه الدراسة ذلل لنا كثيرا من المصاعب. كما أثنى د. السيف على جهود صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ومتابعته للدراسة والعمل فيها والسؤال عنها. كذلك قدم الشكر لمعالي مدير جامعة القصيم الدكتور خالد بن عبدالرحمن الحمودي على تذليله الصعوبات التي في سبيل تطبيق هذه الدراسة، ولمعالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور السويل، وتسخيره جهود المدينة لمثل هذه الدراسات ودعهما، ولسعادة الدكتور عبدالرحمن بن إبراهيم العبدالعالي مدير إدارة منح البحوث بالمدينة، وتجاوبهم مع متطلبات الدراسة. كما شكر د.السيف كافة الزملاء والزميلات من مديري تعليم ومدرسين ومدرسات في مناطق الدراسة الثلاث والذين ساهموا مساهمة جبارة في تطبيق هذا البرنامج والتحمس له (بشكل جعلنا جمعيا نعمل بروح الفريق الواحد).