بشارة كبيرة لمن ضاقت بهم الأرض، ولمن يتطلعون للسكنى في القمر، وهي أن توزيع أراضي الكوكب الفضي بات مسألة وقت.
طبعا الناس ليسوا مهابيل ليتوجهوا بعجلة إلى القمر، فقد غزا الإنسان هذا الكوكب الجميل منذ عقود طويلة، وسار الأمريكي آرمسترونج على سطحه بقفزاته التاريخية المشهودة، ولكن مع ذلك تريث البشر عقودا قبل التفكير بالهجرة الجماعية للكوكب الشاعري.
الناس الآن يحسبونها بشكل جيد، وبدأوا في تهيئة الظروف لمقامهم القمري قبل الغزو، وشرعوا في تجربة ما يحدث للنباتات، التي تشاركهم صفة الحياة، ليروا ماذا يمكن أن يفعل بها القمر!
الحكاية وما فيها أن علماء من مركز الفضاء الأوروبي، وهم من المتخصصين في علوم الفضاء وعلوم الأحياء، أكدوا أن تجاربهم توصلت لإمكانية زراعة نوع من الزهور في صخور تشابه الصخور القمرية.
التجارب لم تكن طبعا لنشر الزهور في الكوكب المقفر، ولم تكن كذلك للتأكد من وجود الفراشات الملونة في القمر، ولكن كان الدافع هو التأكد من تأهيل البيئة القمرية للغزو الإنساني المتوقع.
التجربة ستؤكد أن بالإمكان إيجاد بنية تحتية للحياة في القمر، فإذا تمكنت الزهور من البقاء والتكاثر، فهذا يعني أن فرصة البشر ستكون أفضل في البقاء هناك، خصوصا إذا اصطحبوا معهم إناثهم.
لكن للتجربة هدفا آخر، وهو تحقيق خطوة أولى لإقامة سطح قمري يقبل المستعمرات البشرية، فالناس سيذهبون إلى هناك زرافات ووحدانا، حتى لو اقتصر الأمر في بدايته على المغامرين والأثرياء وأصحاب الفضول، فالتطورات ستقود حتما لأمواج بشرية هاربة من الأرض بما رحبت، وساعية للقمر وإن بعدت مسافته!
لا أعرف ما يدور بالتفصيل في خلد العاملين بمركز الفضاء الأوروبي، ولا أعرف كذلك ما يختمر في ذهن علماء كيب كينيدي، لكن المؤكد أن هناك سعيا جادا الآن لنقل مسرح الحياة إلى القمر. وهذه الحقيقة تقود لنتيجة بدهية هي أن هناك مخططات هندسية للمدن القمرية باتت جاهزة للتنفيذ، خصوصا في ظل ما توفره الحواسيب من قدرات خارقة في هذا المجال.
وما دام الأمر كذلك، فإن على الناس أن يبدأوا في حزم حقائبهم إذا أرادوا مواقع مميزة في السطح القمري. لكن المشكلة أن لا أحد يعلم شروط التوزيع، فقد يحصر الأمريكان والأوروبيون المسألة في مواطنيهم، وقد يزعل الصينيون ويهيجون فيأخذون بعض النصيب، وقد تكون الوحدات السكنية باهظة التكاليف، وكل شيء وارد!
المهم أن تستعدوا، فالزهور في طريقها للقمر، ولم يبق سوى متابعتها للتمتع بأريجها، بعيدا عن فضول الأرض، وبعيدا عن جاذبيتها التي لا تستثني أحدا.