* تحقيق - غادة إبراهيم
انتشرت الكاميرات الرقمية في السنوات الأخيرة في أسواق الكومبيوتر بشكل ملحوظ وبأسعار معقولة. ومع انتشار هذه التقنية الجديدة ظهرت أيضاً دورات تعليم التصوير الرقمي خصوصاً بين النساء، إذ ازداد إقبال السيدات على دورات التصوير الرقمي بشكل ملفت. ولا استغراب في ذلك إذا اعتبرنا أن المرأة بطبيعتها تمتلك حساً فنياً وذوقاً راقياً وتتقن فن التقاط الصور الفوتوغرافية بقليل من التعليم والتدريب خصوصاً أن الكاميرات الرقمية الحديثة اليوم سهلة الاستخدام ولا تتطلب الكثير من المهارة العالية.
الخيال الفنّي!
في دورات التصوير بشكل خاص هناك منهج مخصص للسيدات فقط، فالنساء بخلاف معظم الرجال يمتلكن خيالاً وحساً فنياً، وبقليل من المساعدة يصبح بإمكانهن دمجن الحرف والأعمال اليدوية مع تقنية التصوير الرقمي الحديثة.
حيث يكون التدريب هنا على كيفية التقاط الصور بواسطة الكاميرا, ومن ثم معالجتها بواسطة برامج معالجة الصور، وأخيراً طباعتها بطرق معينة وإنتاج عمل حرفي بفكرة جديدة.
وتعد ظاهرة التصوير الرقمي نتاج الثورة الكبيرة في الكاميرات الرقمية، والإنترنت. والأخيرة أسهمت بشكل ملحوظ في صقل مواهب المصورات السعوديات من خلال القراءة وتبادل الخبرات، والمشاركة في العديد من المسابقات المحلية والعالمية.
في هذا التحقيق نسلط الضوء على ظاهرة التصوير الرقمي بأنامل نسائية، ومدى تقبل المجتمع لفكرة الصورة، والمعوقات التي تقابل المصورات السعوديات الهاويات والمحترفات في هذا المجال الذي يعد ظاهرة طبيعية لنتاج الثورة الكبيرة في عالم الكاميرات الرقمية.
بين الهواية والاحتراف
ترى (هند الدليمي)، فتاة جامعية أن التصوير الرقمي أكثر ما يستهويها وخاصة المناظر الطبيعية، وتقول: (يتركّز اهتمامي حالياً على التصوير الدعائي، وأنوي العمل في هذا المجال. فهناك من يرى أن الإحساس هو الحكم وهو المحفّز الأساسي لأخذ اللقطة، حيث أصور أي شيء يستحق أن تخلده اللقطة، وأركز على أن يكون للصورة فكرة). وتضيف الدليمي: (أعرض لقطاتي في منتديات عربية، وموقع أجنبي، وأحرص على نشر لقطاتي في المواقع العالمية المختصة لأستفيد من خبرات الآخرين).
أما (سمر العنقري) وهي مصورة سعودية فتقول: (بتنا نشهد تحول ظاهرة التصوير الرقمي من الشبكة العنكبوتية إلى الواقع، فقد أقيمت معارض جماعية مختلفة لتساعد المصورات على نشر تجربتهن والاستفادة من الخبرات). وتضيف (العنقري): (أحب أن أشارك في المعارض والمسابقات المحلية، لقد شاركت في معرضين تابعين لمنتديات عدسات عربية، ومعرض في الجنادرية، وأرى أن حضور المرأة السعودية يتبلور في الساحة الثقافية الفنية، يوماً بعد يوم، ولا يقتصر هذا الحضور على جانب بعينه، بل صارت المرأة شريكة في العمل الإعلامي والفني والتصوير والإخراج وغيرها، وفي الآونة الأخيرة صرنا نلاحظ تزايد عدد المصورات السعوديات، في ظاهرة ثقافية جديدة، لها رموزها ولغتها وعالمها على الإنترنت وفي الواقع).
مشاركة وتواصل
وفي السياق نفسه ترى (عائشة الزهراني)، مصورة محترفة أن ظهور المواقع المتخصصة العربية سواء العامة أو الشخصية، وسهولة التواصل مع المحترفين مكّن من المتابعة المستمرة والمشاركة والتواصل معهم في كل وقت.
وتضيف الزهراني: (في الفترة الأخيرة زادت ممارستي لهذا الفن بحكم ظهور كاميرات الديجتال والإنترنت، واستخدم كاميرا رقمية احترافية، وأعرض الصور التي ألتقطها على بعض المنتديات، أما المتخصّصة تماماً في التصوير كموقع (أصدقاء الضوء)، أو ذات الاختصاص الجزئي، فاستخدامي للكاميرا الرقمية سهل لي عرض لقطاتي في عدة مواقع تهتم بالتصوير، وقد صقلت موهبتي من خلالها، وقد ساعدتني على ذلك بعض الدروس على الشبكة والورش في المنتديات إضافة إلى التكرار والمحاولة).
دوافع ذاتيّة
وللمصورات السعوديات دوافع ذاتية أخرى حيث تقول (الجوهرة القبيع) مصورة هاوية: (أحب الصور منذ الصغر، أتأملها، أجمعها، وأصنفها وأرتبها، شيء مذهل شدني لهذا العالم المليء بالأسرار، رافقت الضوء، عشت معه لحظات جميلة، حاولت أن أفهمه بصبر وتأنٍ، إلى أن أصبحت عدستي جزءاً مني، أعبر بها عما عجزت أن تصفه الكلمات، حيث أنظر الآن إلى الأشياء بعين أخرى).
وترى (القبيع) أن دافعها للتصوير هو أنها استطاعت من خلاله تجسيد إحساس خاص يكمن في داخلها، أو نقل واقع تراه أمامها مما جعلها توقف الزمن لثوانٍ معدودة وإبقاء المشاهد للأبد.
والتصوير يثري الحواس بالتأمل، وهو فرصة لفهم الحياة حيث تقول (رنا السدحان) مصورة: (الذي دفعني للتصوير هو حبّي للتغلغل في العناصر الكامنة وراء الأشياء، وكذلك تعويد حواسي على رؤية جوانب الصورة المتكاملة، مما يفيدني في أموري الحياتية وتعاملي مع الآخرين)، وتضيف: (إن الجهات التي تحتوي المصورة السعودية وتتبنى موهبتها قليلة جداً إن لم تكن نادرة، وكذلك الاهتمام الاجتماعي بهذا المجال ضئيل جداً من حيث إقامة المراكز المختصة والدورات والمحاضرات، وخاصة للمرأة، ومع قلة عدد المعاهد والجمعيات فإن هذه اللجان لا تستوعب جميع المصورات، ولا تفي بشغفهن المعرفي لفن التصوير، ويضاف لهذا ضعف الدعاية والإعلان عنها).
وتأسف السدحان لعدم وجود جمعية نسائية مختصة بالتصوير الفوتوغرافي، وتضيف: (إنني لم ألتحق بأي معهد خصوصاً وأن المعاهد الموجودة لم أجد فيها التخصص الذي أهتم به).
التحفّظ واجب
(صالحة الوهيبي) فتاة جامعية تهوى التصوير الرقمي وتحتفظ بصور أطفال الأسرة والمناظر الطبيعية وبعض اللقطات الخاصة وهي تعد الصور في الكمبيوتر أشبه بألبوم الصور الذي كان في الماضي يعدها من أهم السجلات الخاصة بالذكريات حيث تقول: (اليوم صار الكمبيوتر وتقنياته العديدة هو السجل الحقيقي الذي يتيح الفرصة بسرعة للاطلاع على الصور المطلوب مشاهدتها بأسرع من البرق).. وعن اهتمامها بالصور قالت: (لقد تعلّمت بعض الجوانب من برنامج الفوتو شوب حتى أستطيع التعامل مع الصور العزيزة عليّ خاصة صور والديّ وإخواني). وتشير (الوهيبي) إلى إن لديها في كمبيوترها مجموعة رائعة تشكّل ملفاً متكاملاً وفريداًَ من الصور العديدة حصلت عليها عن طريق بعض المواقع المتخصصة في الصور الفنية.. واهتمامها وعشقها للصور جعلها تقتني أفضل الكاميرات وأغلاها سعراً.. وهي سعيدة الآن بحكم أنها لا تحتاج لتحميض الصور لدى الاستديو لخطورة ذلك خوفاً من تسرب الصور العائلية كما حدث لبعض زميلاتها.
لذلك وكما أشارت (الوهيبي) الحذر واجب في عملية التعامل مع الصور العائلية أو الخاصة التي تتعلق بنساء العائلة، ومن حسن الحظ صار التصوير ومن خلال الديجتال لا يحتاج إلى الطباعة أو التحميض خارج البيت بل حتى خارج الغرفة وبشكل دقيق.. العملية الآن أكثر من سهلة وأكثر أماناً وحفظااً من الماضي، فالصورة من الكاميرا إلى الكمبيوتر مباشرة وفي وقت قياسي.. مما سهل عملية التصوير وتنامي هواية التصوير بين الناس.