تقنيات التصوير وصلت مراحل مدهشة، وكل يوم تشرق فيه شمس يستقبل المصورون عوالم جديدة في هذا المجال. الطريف أن التصوير أصبح قادراً على تغيير الملامح بشكل كامل، فالتقنيات الحديثة قادرة على تصوير شخص عادي، ثم ببعض المعالجات يمكن إضافة منقار نعامة إلى فمه، فيصبح صاحبنا هجينا بين النعام والبشر!
طبعاً المسألة ليست قاصرة على المناقير والتهجين، لكنها دنيا شديدة الاتساع أصبحت متاحة أمام محترفي التصوير وهواته، وتم استحداث برامج حاسوبية عجيبة تفعل الأفاعيل في مجالات التصوير المختلفة، فتصبح الصورة مضاهية لما هو مرئي في الواقع، بل وباتت الصورة صناعة تدر على أصحابها الملايين من الدولارات. ولأن التقنية يمكن أن يتم استغلالها في الجانب السلبي، ظهرت مخاطر عديدة من انتشار البلاوي من ورائها، بل ولقد تم بالفعل استغلال معطيات التقنية التصويرية، فتم تركيب صور لنجمات في مجالات السينما والمسرح والتلفزيون على أجساد عارية، كما تم -عن طريق تقنيات المونتاج- إظهار أناس معروفين في أماكن وأوضاع لا تليق بهم، هذا عدا ما توفره التقنية من إمكانية التصوير بكاميرات شديدة الصغر، لتصبح خصوصيات الناس في خبر كان، ولينفتح الباب على مصراعيه لممارسة الابتزاز على أبرياء لا جريرة لهم ولا ذنب. لكن أخطر ما تولد عن تقنيات التصوير والمونتاج الحديثة هو تزييف العملات، فقد أضحى بإمكان البعض استخدام الوسائل التصويرية شديدة الدقة في تصوير وطباعة العملات، وازداد سيل عمليات التزييف، في حين أن الدول باتت أكثر حرصاً على عملاتها، وأضحى الناس أقل ثقة في العملات التي يحملونها، وتدخلت التقنية لتأتي بأجهزة دقيقة كاشفة للتزوير والتزييف، وكانت المحصلة النهائية مزيداً من التعاسة لبني البشر، رغم ما تضخه التقنية من رفاهية على حياة الناس.
المهم أن الناس قد ترضى بوجه ذي منقار، أو تركيب رؤوسها على أجساد غير لائقة، لكنها لن ترضى أبداً أن تذوب فلوسها بفعل التزييف.
افتحوا عيونكم وحافظوا على فلوسكم، واستمتعوا بالتقنية وعالمها الرحيب من الثمار والإيجابيات.