ألم أقل لكم إن المصائب تأتي بالمزيد من المصائب؟ نعم، فقد جاءت لنا التقنية، أخيراً، بالكاميرات التي تبحث عن الأسلحة في كل مكان بالجسد، وتستطيع أن ترى ما تحت الثياب، وكل ذلك ضماناً لأمن البشر من المسلحين المتسللين للطائرات والمرافق العامة.
صحيح أن القائمين على تلك التقنية الغربية نفوا أن يكون اختراعهم من النوع قليل الأدب، حيث أشاروا إلى أن تقنية الكاميرات تكشف فقط مواقع السلاح في الجسم، وأن الكاميرا غير مجهزة لكشف تفاصيل الأجساد بأي شكل من الأشكال!
المشكلة أن التقنية تبدأ بمحاولة حل المشكلات التي يصنعها البشر، فإذا نجحت، قام البشر بتحويل الاختراعات إلى مصائب أشد هولاً مما كان يعتقد الناس.
والناس الذين يتباكون على المصائب التي تنهمر على رؤوسهم، يبدو أنهم يدفعون أثمان ما اقترفه أناس آخرون محسوبون على الجنس البشري، فحوادث اختطاف الطائرات وتدميرها، والأعمال الإرهابية في الأماكن العامة، والترويع الذي تعرض له الكثير من الآمنين المطمئنين، كلها أعمال جعلت التقنية تتسارع من أجل ضبط الانفلات، فظهرت أولاً بعض الأجهزة المستعملة في التفتيش الشخصي عند ركوب الطائرات، ثم بدأ الفحص الإلكتروني للعفش المصاحب للركاب الجويين، وأخيراً لاح في الأفق استخدام الكاميرات الكاشفة للسلاح تحت الثياب!
أحد الأصدقاء قال: إن سيارته تعرضت للسرقة مرات عدة، وكان السبب هو سهولة فتح أبوابها وتوصيل دائرتها الكهربائية، ولذلك هداه تفكيره إلى شراء سيارة حديثة مترفة في جوانب التأمين ضد السرقة، وقال: إن أبوابها غير قابلة للفتح إلا بواسطة صاحبها. لكن المصيبة جاءته حين قفل مفتاح سيارته بداخلها، فأسقط في يده، وباءت كل محاولات الفزعة من (الخبراء) بالفشل، فكان لا بد من الاستعانة بالوكالة، وتم فتح السيارة بعد جهد جهيد أطاح بحماسته تجاه تأمين السيارة ضد السرقة.
حتى أهل القانون في مختلف الدول باتوا أسرى لمشكلات لم يعهدوها، فثارت مشكلات مثل الوكالة بالرسائل القصيرة، والطلاق عن طريق رسائل الجوال أو الإيميل، كما ثارت مشكلات حول التصرفات الناقلة للملكية كالبيع إذا تم بالفاكس أو الجوال أو الرسائل الإلكترونية، وكل تلك الإفرازات جاءت نتاجاً للتقنية التي لن نستطيع أبداً الاستغناء عنها! الآن جاءت تقنية كشف ما تحت الثياب، وهي ما زالت قيد التجربة على نطاق ضيق في الغرب، وأحس بأنها ستعم قريباً أسواق الدنيا، خصوصاً وأن مخترعيها يقولون -كما ذكرنا- إنها متخصصة في البحث عن الأسلحة وليس غيرها، وإنها غير قادرة على تجاوز هذه المهمة بأي شكل من الأشكال!