إن الاعتماد على الشاشات الإلكترونية هو جزء من شيء ما أكبر، إنه انتشار الحضارة التقنية. ويحذّر (جورج ستيز) من أن هذه الحضارة سوف تفرز تماثلاً كاسحاً يهدد الثقافات المحلية.
ويعود مصدر معظم هذا التماثل إلى صناعات الإعلان والترفيه والسينما. فالأفلام وبرامج التلفزيون تباع على نطاق واسع في كل أنحاء العالم، وتبلغ الآن جملة هذه المبيعات أكثر من 10 بلايين دولار سنوياً. ولقد وصفت إحدى صحف نيودلهي وسائل الإعلام هذه بأنها (النمل الأبيض) يعوّض قيمنا وعاداتنا.
إن المخاطر كبيرة، فمنذ أن عُرفت الكتابة على أوراق البردي منذ أربعة آلاف عام وحتى اليوم ظلت الكتب تمنحنا الذاكرة والعمق.
وفضلا عن ذلك فإن التقنية تساعد على زيادة الاعتماد على الكلمة المكتوبة. فمن خلال شبكة الإنترنت تمر يومياً عشرات البلايين من الكلمات. وقد أدت سهولة الطباعة والتصوير والحصول على المعلومات الرقمية إلى رفع استهلاك الورق إلى مستويات غير مسبوقة.
يقول (جول سويردلو) في دراسته التي عن ثورة المعلومات: إن التلفزيون والحاسوب ينشران العزوف عن القراءة بين كثير من الناس غير الراغبين في قراءة أي شيء بشكل مفصّل ومطول ويحتاج إلى تركيز، إيجاز، جمل قصيرة جداً، قفز بين القنوات، صور سريعة الحركة، إثارة دائمة. ومن ثم أصبحت الكتب تتخذ أشكالاً عديدة وجديدة، اعتماداً على الزخم التقني، الذي سيجعل الكتب في شكلها التقليدي أشبه بعربة يجرها حصان بين سيارات حديثة.
إن مبيعات الموسوعات الإلكترونية فاقت مبيعات الموسوعات المطبوعة، وستزداد الهيمنة الإلكترونية على الكلمة المطبوعة إذا أصبحت شبكات الكتب الإلكترونية التي يمكنها أن تسمح بالاتصال اللاسلكي بالمكتبات، متاحة ومتوافرة، أنقر على مفتاح، واقرأ ما تريد، أينما تكون.
ومع أن الناس يحبون الكتب المطبوعة اليوم، إلا أن هؤلاء الذين يقاومون التقنية سيتجاوزهم الزمن!!
ويبقى أن أقول إن تقنيات المعلومات، ورغم كل الاهتمام الذي تحظى به تظل متخلفة إلى حد بعيد قياساً على مخ الإنسان.