وقفة جديدة مع أحد أبناء الوطن الموهوبين، وهو المخترع عبد السلام بن إبراهيم الشومر، يعمل أمين صندوق في إدارة سجون منطقة حائل، ولديه العديد من الاختراعات التي تدخل في مجال الإلكترونيات والتقنية (السلكية واللا سلكية) والفيزياء والطب من بينها (ذاكرة المصحف الشريف وصائد الجمال وسيارة المدينة المعطرة واختراع ماصة الدهون)، بالإضافة لمخترعات أخرى بانتظار تسجيل براءة الاختراع الخاصة بها.

[ كيف ترى رعاية خادم الحرمين الشريفين لمعرض الابتكار السعودي الأول 2008 الذي شاركتم به مؤخراً؟

- يحظى هذا المعرض بالاهتمام الكبير والمباشر بشكل مستمر من قِبل مؤسسة الملك عبد العزيز للموهبة والإبداع برئاسة خادم الحرمين الشريفين ورسالتها الأساسية هي اكتشاف الموهوبين ورعايتهم وكذلك دعم القدرات الوطنية في توليد الأفكار الابتكارية، إن مجرد قبول المشاركة في معرض الابتكار بحد ذاته يعتبر إنجازاً لكون مشاركتي اختيرت من بين أكثر من 800 مخترع، حيث تم تقييم جميع الابتكارات واختير منها 64 مخترعاً شاركوا في هذا اللقاء المتميز.

[ ما الفعاليات والمناسبات التي شاركت بها؟

- شاركت في اللقاء الخامس للمخترعين السعوديين الذي أقيم بمنطقة القصيم عام 1427 هـ وحصلت على المركز الثاني ومنحت ميدالية فضية عن اختراع (ذاكرة المصحف الشريف)، كما شاركت مؤخراً في معرض الابتكار السعودي الأول 2008 وحصلت على شهادة مشاركة وميدالية ذهبية رمزية.

[ حدثنا عن اختراعاتك والأفكار التي قدمتها عموماً في مجال الابتكار والاختراع؟

- لدي العديد من الاختراعات أربعة منها قمت بتسجيلها للحصول على براءة اختراع في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وهي (ذاكرة المصحف الشريف - صائد الجمال السائبة - سيارة المدينة المعطرة - وماصة الدهون)، أما البقية تعثرت بسبب عدم توفر الرسوم.

[ ماذا عن اختراع ذاكرة المصحف؟

- هذا المخترع عبارة عن آلة إلكترونية مثبتة على جناح المصحف من الداخل وهي تحتوي على عدة فوائد منها تفسير أي كلمة من القرآن الكريم، وكذلك تذكير القارئ باسم ورقم الآية التي توقف عند قراءتها فما عليك إلا أن تكتب الكلمة التي تريد أن تعرف معانيها عن طريق لوحة المفاتيح والأحرف التي في الآلة الإلكترونية وأنها تحت متناول اليد، حيث توفر عليك الوقت في البحث بالمكتبات أو كتب التفسير وأنه يستخدم بأي مكان أو زمان سواء بالمدرسة أو المنزل أو المسجد.. وهذا بحد ذاته ابتكار جديد لأنه سهل وسريع الاطلاع هذا ما قاله المهندسون والخبراء في المعرض.

[ هل عرضتم اختراع ذاكرة المصحف الشريف على المسئولين في مطابع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الشريف؟

- عرضت هذا الاختراع قبل نحو سنتين ووضحت لهم مهامه وفوائده وخدمته للدين ومنفعته لطلبة العلم، كما يزيد من التعمق في كلام الله من حيث تفسير معانيها فقدمته لمطابع الملك فهد للمصحف الشريف بالمدينة المنورة وأفادوني بالتالي: خطاب من عميد المطابع في مقدمته ثناء وشكر ومديح لامتياز الفكرة وفي الأخير اعتذار لعدم توفر قسم برمجيات لدى المطابع.

فأنا أطرح على المؤسسات الحكومية وأصحاب القطاع الخاص من رجال أعمال وغيرهم من خلال جريدة الجزيرة (الاتصالات والعالم الرقمي) ابتكاري (ذاكرة المصحف الشريف) للذين يريدون إنتاجه وطرحه في الأسواق لغرض التجارة أقدم له تنازلاً وبخط اليد دون مقابل جزاء للثواب وخدمة الإسلام والمسلمين في شتى أنحاء المعمورة.

[ ماذا عن اختراع صائد الجمال السائبة؟ وما الفرق بينه وبين ما تم طرحه بالإعلام سابقاً؟

- هو جهاز يحدد المسافة بين الجمل السائب والسيارة على الطريق لتجنب وقوع الحوادث وكذلك فهو ابتكار خدمة جديدة تضاف للخدمات الموجودة في الهواتف المتنقلة بحيث يتم استقبال رسالة نصية تبلغك بالاتجاه والمسافة التي تفصل عن أقرب جمل سائب ومكانه حتى تتمكّن من توخي الحذر والسير بكل راحة واطمئنان، وبشكل عام فإنه إذا أردت أن تسافر عبر الطرق المعبدة فما عليك إلا أن تطلب الخدمة من الشركة وهي خدمه يمكن أن نطلق عليها (خدمة احذر - انتبه أمامك جمل سائب - خطر..) فتتهيأ لك الخدمة بالحال وعندما تصل بالسلامة تلغي الخدمة متى ما تشاء.

[ كيف كانت بداية التفكير باختراع صائد الجمال السائبة؟

- أتت هذه الفكرة قبل عشرة أعوام بعدما تعرضت لحادث اصطدام مع جمال سائبة ليلاً أنا وأحد الزملاء عام 1415 هـ ولله الحمد نجونا منه فبعد عمل الأبحاث العلمية التي أخذت مني الوقت الطويل من الكد والسهر وإنفاق المال توصلت لهذا الاختراع وعملت على تطويره مؤخراً وأنتجت ابتكار خدمة جديدة تستخدم عن طريق الهاتف النقال كما ذكرت آنفاً.

[ هل من تفاصيل عن اختراع ماصة الدهون؟

- يقوم هذا الاختراع (ماصة الد هون) بامتصاص الزيت أو الدهون الموجودة في الطعام بنسبة ما (كبروستد الدجاج أو السمك والبطاطا والسمبوسك وغيرها من المقليات بالزيوت)، فهي تحافظ على صحة الإنسان من تجنب وقوع الإصابة بالجلطات الخطيرة التي قد تؤدي إلى الوفاة، وقد عرضت هذا الاختراع على أحد المصانع الكبيرة بالمملكة والمختصة بتصنيع الأواني المنزلية قبل نحو ثلاث سنوات وحتى الآن لم يحدث لها شيء، وعندما يرى مرتادو المطاعم توفر (ماصة الدهون) سوف يتوجهون إليه بكل تأكيد وذلك للمحافظة على السلامة وأنصح أصحاب سلسلة المطاعم باستخدامه لزيادة الدخل المادي والربحي لهم.

[ ما المعوقات والصعوبات التي تواجه المخترعين؟

- المعوقات تكمن في قلة الدعم من القطاع الخاص باعتباره صاحب الدور الكبير لإنتاج وطرح الاختراع للأسواق ولكن خوف رجال الأعمال من المغامرة والخسارة هي التي تحول دون ذلك، كما أن طول المدة لإصدار براءة الاختراع التي قد تتجاوز الأربع السنوات يمكن أن تطرح خلالها اختراعات مشابهة بينما الدول الأخرى لا تتجاوز عدة أشهر لإصدار براءة اختراع، كذلك الرسوم السنوية المطلوبة عن كل اختراع تتضاعف سنة تلو الأخرى مما يجعل المخترع يعجز عن إكمال المشوار لعدم مقدرته على توفيرها.

لقد انتعش اقتصاد بعض الدول الفقيرة الذي يقل عندها البترول باعتمادها على الصناعات وتصديرها أمثال ماليزيا والهند وسنغافورة واعتمادها بشكل أساسي على المخترعين والمبتكرين فنجدها تركز على البنية الأساسية (البحث العلمي) التي تنطوي عليه أغلب الاختراعات والابتكارات فأعطتها تلك الدول جل اهتمامها ورصدتا لها ميزانية بنسبة عاليه تنهض بها وتدعمها وتهيئ للمخترع كل سبل الارتياح لكي يصبح كادراً منتجاً.

ومن هذا المنطلق اقترح على المؤسسة أن تذهب بالاختراعات ذات الجدوى الاقتصادية المناسبة مع مندوبيها إلى إحدى الدول المصنعة كالصين واليابان أو ماليزيا ويتم تسويقها في بلادنا تحت اسم اختراع سعودي نفخر به، وهذا ليس تهميشاً لدور المؤسسات والقطاع الخاص، بل لمجاراة الدول المتقدمة والتسابق معها في مجال الاختراع ولكي نختصر بعض الوقت.

[ نرجو إلقاء الضوء على فكرة ابتكاركم سيارة صديقة للبيئة؟

- الدول الأوروبية تعمل جاهدة لإنتاج سيارة صديقة للبيئة ومن بينها (فرنسا) فما زال علماؤهم والمخترعون يفكرون بطريقة تقضي على تلوث الهواء، فما حدث معي أنني ابتكرت أول اختراع يمكن أن نطلق عليه صديق للبيئة تحت اسم (سيارة المدينة المعطرة)؛ فهي سيارة تنبعث منها روائح عطرة وزكية باختلاف أنواع العبير (ورد - ياسمين - فل - كادي...) فتخيل أنك تقف في أحد شوارع المدينة وتعبر من أمامك سيارة تنبعث منها روائح عطرة وزكية فما هو شعورك حينها، فتلوث الهواء يؤثّر نفسياً وعلى المخ والأعصاب فينتج عنه التوتر وفقد السيطرة مما يحدث مشاكل قد يذهب ضحيتها آخرون.

[ كيف ترى دور مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين؟

- حقيقة أود أن أوجه شكري وثنائي للمؤسسة لما قاموا به من جهود على رأسهم د. خالد السبتي وزملاؤه وأنا شاهدتهم بنفسي قبل انطلاقة معرض الابتكار الأول بيوم، حيث كانوا يعملون ليل نهار لإنجاح هذا الحدث كما أن المؤسسة تهدف من خلال تنظيم المعرض إلى تقديم فرصة لجمع المبتكرين والمخترعين في المملكة مع الجامعات والشركات ذات الاهتمام تحت مظلة واحدة.

[ ما الصعوبات التي واجهتك حتى إنك لم تتقدم لبقية اختراعاتك ببراءة اختراع في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية؟

- نحن ما زلنا في بداية المطاف ولا بد من توافر الكوادر المؤهلة في مدينة الملك عبد العزيز، حيث تنقصهم بعض الخبرة التي تعتبر من شروط منح براءة الاختراع، حيث إنهم وبعد مرور أربع سنوات من تسديد الرسوم السنوية المطلوبة يفيدون بأن شروط منح براءة الاختراع لا تنطبق على أحد اختراعاتي وأن اختراعك موجود في أحد الدول الأخرى وقد صدرت عليه براءة اختراع من قبل، وعند محادثتي للموظف المختص الفاحص (بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية حاولت أن أقنعه وأفهمه أن هذا الاختراع استخدم لغرض آخر غير الذي يستخدمونه في الدول الأخرى وأنه يقضي على مشكلة كبيرة وخطيرة راح ضحيتها الكثير من الناس وما زلنا نعاني منها إلى اليوم، فبعد عدم انطباق شروط منح براءة الاختراع لهذا الاختراع الله ألهمني وقادني إلى فكرة تعالج نفس المشكلة ولكن بتقنية جديدة مبتكرة ومطورة.

[ كلمة أخيرة؟

- أولاً: أقدم شكري وتقديري لصاحب السمو الملكي الأمير ممدوح بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - لسؤاله واهتمامه بأصحاب العلم والعلماء والمفكرين والمخترعين ورعايته ودعمه المستمر لهم، وأخيراً أشكر جريدة الجزيرة وكل القائمين عليها عامة ومجلة الاتصالات والعالم الرقمي للجهود المبذولة في البحث عن المخترعين والموهوبين وإبراز ما لديهم من اختراعات.