إن كلمة التقارب تطبق منذ العقد الأخير من القرن الماضي على تطور التقنية الرقمية، أي دمج النص والأعداد والصور والصوت والعناصر المختلفة في الوسائط الاتصالية والمعلوماتية.
يقول مؤلفا كتاب (التاريخ الاجتماعي للوسائط): حتى العام 1970م كانت كلمة التقارب تستخدم للإشارة إلى أشياء أخرى كثيرة. وبخاصة ما أسماه ألان ستون (الزواج الذي عقد في السماء) بين أجهزة الحاسب، والتي دخلت أيضاً في زيجات أخرى، والاتصالات عن بُعد.
وقد استخدمت الكلمة الهجين (الاتصالات الحاسوبية Compunications كوصف لهذا الزواج في مراحله الأولى.
وفيما بعد طبقت كلمة التقارب على المنظمات إلى جانب العمليات، وبخاصة الاقتراب بين صناعات الوسائط والاتصالات عن بُعد.
وفضلاً عن ذلك كان لهذه الكلمة استخدامات مختلفة وأوسع في مجتمعات وثقافات كاملة.
وفي الستينيات كان تطور التقنيات نحو تقديم مثل هذه الخدمات مازال في مرحلة معملية تجريبية، وإبان الثمانينيات، ذلك العقد المهم الذي بدأ فيه تقدير المدى الممكن لهذه التقنيات، لم يكن أحد قد تيقن بعد من مسألة أي من هذه التقنيات سيثبت نجاحه.
وقد بدا من المحتمل، وليس المؤكد أن التقنية الرقمية ستكون لها الغلبة في معظم، إن لم يكن كل فروع الاتصال.
إن قدرة التقنية المعتمدة على الحاسب على تقديم كل أنواع المعلومات في شكل رقمي وعلى تشغيلها ونقلها وضغطها وتخزينها ساعدت على تحويل انتباه الجمهور من نوع المعلومات التي يتم نقلها، أعني محتواها إلى القدرة التي تتيحها الحوسبة Computerization على تمثيلها جميعا ورقمياً.
ثم إن رقمنة digitalization كل أشكال المحتوى، رغم أنها مكنت من عمل أشياء كثيرة، لم تحسم مشكلات قديمة تتعلق بالمحتوى، مثل: هل وجود قنوات أكثر يعني فعلا اختيار أكثر؟! هل هذه القنوات الأكثر لا تقدم سوى المزيد من الشيء نفسه؟!
ولقد أعدت مخططات لجامعات من دون جدران ومدارس من دون مدرسين. وكانت المعلومات في نظر بعضهم مسألة إشكالية. وبالنسبة إلى كثير من صناع السياسة الذين أدركوا أهمية المعلومات كانت القضية الأساسية هي الوصول إلى المعلومات، أو ما أسماه (دبليو إتش دتون) الإتاحة عن بُعد tele access، وعلى رغم كثرة الحديث عن مجتمع المعلومات، لماذا لا يزال الناس غير ملمين بالقدر الكافي من المعلومات؟ حتى إن بعض الناس بدوا أقل معرفة مما كانوا عليه في أجيال سابقة.
وقد علّق (بين ستين) في عام 1989م قائلاً: إننا في عصر المعلومات، ومع ذلك فلا أحد يعرف أي شيء. ألا يجب الاهتمام إذن بإخبار المجتمع وكيف يمكن للتقنية أن تساعد في إنجاز ذلك من خلال الوسائط.
وفي العام نفسه جاء في التقرير السنوي لمؤسسة ماركل الأمريكية التي كانت مهتمة بالوسائط الأمريكية أكثر من اهتمامها بما يحدث في أي مكان آخر من العالم أن: تقارب الوسائط أحدث تغييرات في الاتصالات. فمع توسيع إتاحة خدمات جديدة، عملت الوسائط على تغيير طرق حياتنا وعملنا وتبديل مدركاتنا ومعتقداتنا ومؤسساتنا.
ختاماً أقول: إنه من الضروري أن نفهم هذه التأثيرات؛ بغرض تطوير المصادر الإلكترونية لصالح المجتمع كله ولرخاء الأمة.