الهنوف بنت صالح عبدالله تبلغ من العمر عشرين عاماً، وهي طالبة جامعية تدرس في مجال الخدمة الاجتماعية، وهي مهتمة بابتكار الأجهزة الحديثة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على إدارة شؤونهم بأنفسهم وتحقيق الرفاهية لهم، ولها الكثير من الابتكارات، من بينها جهاز لتنظيف المساجد، ودولاب لذوي الاحتياجات الخاصة، وجهاز ترتيب الكتب الدراسية. وجميع ابتكاراتها لم تكتمل بعد، كما تكتب الكثير من المقالات بعدد من الصحف المحلية، من بينها صحيفة (الجزيرة). التقيناها في هذا الحوار؛ لنتعرف أكثر على ابتكاراتها، ونسلط الضوء على تجربتها الواعدة.
* كيف كانت الانطلاقة في عالم الابتكار؟
- أقول بدايةً الحمد لله الذي بفضله نشأت في مجتمع إسلامي يعترف بقيمة العطاء؛ فهو يعطي لله ومن أجله لبناء مستقبل أجياله. أما تجربتي في الابتكار فهي تجربة ممتعة ومنطلقة من تفكير وخيال واسع عشته وأنا أحاول ابتكار جهاز ما.
* حدثينا عن ابتكاراتك؟
- توجد لدي الكثير من الابتكارات منها جهاز لتنظيف المساجد سميته باسم (لتكتمل صلاتنا بصحة أنفاسنا) ودولاب لذوي الاحتياجات الخاصة وجهاز ترتيب الكتب الدراسية. وجميع ابتكاراتي لم تكتمل بعد.
* كيف كانت بداية الأفكار؟
- بالنسبة إلى جهاز المساجد أتتني الفكرة من حساسية والدي من الأتربة، خصوصاً عندما يسجد على السجاد، أما دولاب لذوي الاحتياجات الخاصة فلقد رأيت موقفاً أثر في نفسي وجعلني أتجه إلى هذه الفئة أكثر في أحد مراكز التسوق؛ فبينما أتجول رأيت ثلاثة أو أربعة شباب متجهين إلى القسم الخاص بقسم الستائر وقفوا أمام الموظف الخاص بهذا القسم، وهم يبتسمون ينظرون تارة إلى الموظف، وتارة إلى بعضهم. علمت حينها أن تلك الابتسامة تحمل الكثير من المعاني المؤلمة؛ فبقيت أراقبهم لأرى ما أمرهم؛ فتقدم أحدهم وأخذ يشير بأصابعه. علمت حينها أنه أصم لا يتكلم؛ (فهو يتحدث بلغة الإشارة). نظرت إلى الموظف عله يفيدهم، لكن لم يكن بوسعه إلا أن يبتسم لهم ابتسامة حيرى لا تعلم ماذا يريدون. خجلت حينها من ثقافتنا! نتعلم لغة الغرب ونفتخر بها، وننسى أغلى فئة من فئات مجتمعنا كيف نتعامل معها!، كلمة حق لابد أن تقال: لقد أجحفنا بحق تلك الفئة؛ فمنذ ذلك اليوم وأنا قد بذلت نفسي لتلك الفئة أحاول جاهدة أن أقدم لهم كل ما بوسعي من قدرات وإمكانيات؛ فهم أهل لهذا الاهتمام. أما جهاز ترتيب الكتب الدراسية فقد أتت فكرته من خلال بعثرتي اليومية لكتبي على مكتبي.
* ما الهدف من تقديم تلك الابتكارات؟
- يقول توماس: لا فائدة لمظلات الطيارين وهي مغلقة؛ ففائدتها تكمن في فتحها، وها أنا أعمل جاهدة مستغلة هذا العقل الذي وهبني الله؛ لأنفع نفسي ومن حولي.
* ما الصعوبات التي واجهتها في مسيرة ابتكاراتك؟
- الصعوبات كثيرة؛ فهي متعة النجاح وتحدّ يسلكه الناجحون للوصول إلى أهدافهم؛ فصعوبات وكفاحات اليوم هي الثمن الذي يجب أن ندفعه لانتصارات الغد. أول صعوبة واجهتها عدم وجود من أستشيره في تركيب ابتكاري. ثانياً: قلة البرامج المقدمة في مجال الإلكترونيات للطالبات. ثالثاً: ارتفاع رسوم المكاتب التي ترسم جهاز المخترع وتساعده في صياغة نموذج براءة الاختراع. وأتساءل: أين دور المؤسسة في ذلك..؟ فأرجو من المسؤولين بالمؤسسة أن يدرسوا فكرة إنشاء ناد للموهوبات لجميع الأعمار؛ ليتاح لنا أن نقدم كل ابتكاراتنا بسهولة ونحظى بالاستشارة من المهندسين المتخصصين.
* لماذا لم تتقدمي إلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لتسجيل ابتكاراتك كمخترعات للحصول على براءة اختراع؟
- ذكرت في الصعوبات أن أول صعوبة واجهتها عدم وجود من أستشيره في تركيب ابتكاري؛ فكيف لي أن أقدم على براءة اختراع لجهاز غير كامل المعالم؟ وأود أن أنوه إلى أنه لو نظرت معي إلى المخترعين لوجدت أن أكثرهم من الذكور. ألم تتساءل يوماً: ما السبب؟ السبب واضح وهو قوة البرامج الإثرائية التي تقدمها المؤسسة للموهوبين، وهي دائماً للذكور؛ فأتمنى أن لا نتجاهل كموهوبات، كما تجاهل المجتمع وظلم الفتاة سابقاً بتفضيل تعليم الذكور على تعليمها. إلى متى ونحن نتوارى ونتقهقر إلى الخلف؟ السؤال الذي حيرني: هل يا ترى تلك المعتقدات لم تزل سائدة إلى الآن، وتمارس من قبل حملة الدكتوراه والماجستير؟!
* ألم تتلقي دعماً من أي جهة من الجهات؟
- تقدم لي مركز المواهب الوطنية بأن يدربني بالمجال الذي أرغبه وكذلك مدارس الرياض قدمت لي دورة مكثفة مدتها شهر للموهوبين بمركز الأمير سلمان لبناء القادة كانت رائعة في محاورها وأيضاً ندوة قرر انعقادها في الرياض. لكن للأسف قبل انعقادها بأيام أخبروني بأنها تم إلغاؤها للطالبات لقلة المشاركات وأقيمت بالطبع للذكور، وأوجه رسالة من هذا المنطلق إلى الأستاذ عبدالله المهنا رئيس مركز الأمير سلمان لبناء القادة وأقول: إنه لأمر أليم أن يلغى انعقاد دورة الطالبات الموهوبات العام الماضي.. في زمن نحن أحوج في إلى العلوم والمعارف؛ فأقترح أن يكون هناك تعاون بين مركز الأمير سلمان لبناء القادة وبين مؤسسة الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين على استقطاب الطالبات الموهوبات من المؤسسة؛ إذ إن البرامج التي تقدم بالمركز على طور من المواكبة للعلوم الحديثة؛ فأرجو أن يطبق التعاون فيما بينكما لنربي جيلاً مبدعاً مبتكراً من البنين والبنات.
* ما الشهادات التي حصلت عليها؟
- حصلت على الكثير من الدورات في مجال تطوير الذات وعلى شهادة شكر من مدارس الرياض لمشاركتي في مهرجان الشباب الخليجي الأول بجناح المخترعين السعوديين وعلى شهادة شكر من مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين لمشاركتي في البرنامج الصيفي الإثرائي للموهوبات مساعدة مدربة فيزياء في عام 1427هـ والذي أقيم بجامعة الملك سعود، كما تلقيت خطاباً من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية على أن اثنتين من الأفكار التي قدمتها ليس لهما مثيل لدى المكتب الأوروبي للبراءات، والمكتب الأمريكي، والمكتب الياباني، وأعنى بذلك أنه حين تقديمي للمدينة لفكرتين من أفكاري أجروا لهما بحثاً أولياً فلم يجدوا لهما مثيلاً في المكاتب المذكورة، وهذا إيجابي؛ إذ إن الطريق مفتوح أمامي لبراءة الاختراع، لكني توقفت عاماً كاملاً لعدم جاهزية الفكرة تماماً، وبعد أن أردت العودة للعمل وجدت اليابان قد أخذت براءة اختراع على فكرة مقاربة جداً لفكرتي. ويحق لهم ذلك؛ فهم أهل العلم والعمل ولا يتراجعون ثانية عن ذلك؛ فإنجازي هو بصدارتي لتلك الفكرة قبل اليابان.
* ماذا عن المشاركات؟
- شاركت في الكثير من المناسبات بالتقديم، سواء بالمدرسة أو الكلية، وأبرزها إلقاء كلمة الخريجات بالمرحلة الثانوية، وتقديم الاحتفال باليوم العالمي للمعلم بحضور سمو الأميرة الدكتورة الجوهرة آل سعود، كما شاركت مع فريق عمل مسابقة الفريست ليغو العالمية التي أقيمت بمدارس المملكة، وكذلك شاركت بالمشروع الوطني لتطوير كرسي المعاق (بعدة أفكار لتطوير الكرسي) المقام بجامعة الإمام محمد بن سعود كلية الحاسب الآلي.
* ما حلمك الحالي والمستقبلي؟ وما رسالتك في الحياة؟
- حلمي أن يعيش العالم بأمان بلا حروب، بلا قتل، بلا تدمير، وأن يعرف الكل معنى الصدق والاطمئنان بعيداً كل البعد عن الخيانة والغدران. حلمي عالم جميل كجمال بسمة الطفل البريء، أما رسالتي الشخصية فدعني أفوز.. وإن لم أفز.. فتكفيني شجاعة المحاولة، أما رسالتي العامة: مساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم.
* هل لديك هوايات أخرى؟
- نعم أهوى الكتابة من مقال وخاطرة وقصة قصيرة، وكذلك عالمي الخاص جهاز الكمبيوتر أهوى كل ما فيه، وأطمح إلى أن أكون يوماً مهندسة ومبرمجة حاسب آلي، وكذلك الإلقاء، والفك والتركيب، والقراءة.
* موهبة تتمنين لو كنت تمتلكينها ولماذا؟
- موهبة الرسم؛ لأنها إبداع أنامل إنسان، وفن جميل فيه تصوير وإبداع للواقع والخيال، وترجمة للأحاسيس بريشة فنان.. يبحر في الأعماق.. فتظهر لنا لوحة من إبداع خلق الرحمن.
* لمن تعترفين بالفضل في إنجاز ابتكاراتك؟ ومن هم قدوتك؟
- أعترف بالفضل إلى المولى - عز وجل - على ما يسّر لي من نعمة العقل والتفكر.. فالحمد لله كما يبغي لكريم وجهه وجلال عظمته. أما قدوتي فكل مؤمن قوي عرف الله ورسوله.. وتحلى بالخلق الحسن.. وفرج هم منكسر.. وعمل لدنياه وآخرته معا.. وشكر المولى على ما أهداه إليّ من نعم.
* المكان الذي تطمحين الوصول إليه؟ ولماذا؟
- مشرفة تربوية لأكسر الروتين الذي جمد عقلي أثناء دراستي.. وما زال في نظري يمارس إلى الآن؛ حيث سأعمل جاهدة على إحياء الحياة الحيوية بالحصة الدراسية لأجعل الطلاب والطالبات يقبلون على التعليم بدافع ذاتي يعملون بجد وحماس، كما هو في لعبة البحث عن الكنز، وسأصحح المفهوم الذي عانينا منه طويلاً (نحفظ ثم نسمع لنؤدي الامتحان). نحن نتعلم لنثقف أنفسنا، ونرتقى بذواتنا.. وننهض بمجتمعنا.. لا لنردد ما يقال لنا.
* يعرف الموهوبون بكثرة استفساراتهم فما آخر سؤال طرأ ببالك؟
- هو سؤالي لوالدي مجيبي في حيرتي: كيف استطاع الأمير سلطان بن سلمان أن يصعد إلى الفضاء؟ وأي طريق سلك؟ ومن أي مكان ذهب؟ وكيف وصل؟