ماجد إبراهيم السلوم(*)
تبذل الدول العربية في الآونة الأخيرة جهوداً مكثفة بشتى الوسائل لحماية حقوق الملكية الفكرية وخاصة في دول الخليج العربي من خلال الرقابة الصارمة على جميع المنتجات الفكرية من برامج وكتب وأفلام وألعاب وغيرها الكثير، ولعل الذي يشاهد ما تقوم به من جولات تفتيشية على جميع الدوائر والمحلات التجارية المتخصصة ببيع الحاسب للتأكد من سلامة البرامج المحملة على الأجهزة أنها أصلية ومرخصة، ومع دخول هذه الدول نحو منظمة التجارة العالميةWTO زادت حمى البحث عن الحقوق الفكرية والتأكد من عدم مس تلك الحقوق أو سلبها سواء بنسخ غير أصلية أو تقليد أو فك للحماية الموجودة.
****
في بداية التسعينيات وحينما ظهرت برامج مايكروسوفت للعالم العربي منذ Windows 3.11 بدعم اللغة العربية واعتماد اللغة العربية لم تبحث تلك الشركة عن حماية برامجها أو البحث عن تلك الحقوق مثل ما تسعى إليه الآن، لقد تركت مايكروسوفت من نفسها على الغارب الحبل (كما أعتقد) وكانت أكثر النسخ المحملة من نظام التشغيل Windows 3.11 غير مرخصة وانتشر نظام ويندوز على حساب الأنظمة الأخرى OS/2 من شركة IBM مع وجود تعريب لهذا النظام وكذلك Macintosh مع أن الأخير لا يعمل إلا وفق الأجهزة المخصصة له من Apple، فقد أبدعت مايكروسوفت في ذلك الوقت وانتشر Windows بشكل غير عادي وأصبح اليوم كل جهاز لابد أن يوجد فيه نظام ويندوز مع وجود منافس قوي وهو Linux الذي لم يرتق إلى ما يصبو إليه مصنعوه وخاصة في الدول العربية لقلة اهتمام الجميع بتلك الأنظمة المفتوحة والمجانية وعدم وعيهم فيها.
تلك البرامج التي لها حقوق فكرية ما إن تنشئ وتوزع في السوق فتباع ثم تنسخ بسرعة ويذهب الجهد هباءً منثوراً وتكون نسخاً بيد الكثير، لقد ضاع كثير من الجهود المبذولة في صناعة البرمجيات العربية وأغلقت كثير من الشركات المتخصصة في تلك البرمجيات، وأصبحنا الآن نعتمد لأكثر من 90% من برامجنا على صناعة غير محلية وإنما تعريب مضاف أو نتعامل مع البرامج الأجنبية لعل وعسى أن تتفضل علينا تلك الشركات بالتعريب أو بدعم للغة العربية كأدنى حل موجود، ولقد عاشت كثير من البرامج القوية صراعات دامية في سبيل إثبات جدارة تعريبها في دولنا العربية ولم تفلح تلك الصراعات، في حين أن السارق للنسخة الأصلية أو المقرصن يتمتع بمذهب غير عادل في سبيل إثبات أن تلك النسخ غير المرخصة (المقرصنة) هي حق من حقوقه وأن النسخة المقرصنة تكون أرخص وأوفر ولا يفكر في دعم تلك البرامج أو التفكير في كيفية تطوير تلك البرامج من خلال شراء النسخ المرخصة الأصلية، ولا ينسى الكثير منا ما حصل لشركة Corel حينما أصدرت برنامج CorelDraw 6.0 بواجهة عربية وأنها باعت نسخاً لم تتعد عشرا، وقامت الشركة بوقف ذلك المشروع الفاشل وهو التعريب واكتفت بدعم العربية ولم نستفد نحن من تلك المنظومة الرسومية المتطورة من شركة Corel، وكثير من الشركات العالمية عانت الأمرين في القرصنة ولا نخفي سراً أن معلومات الشركات حول شراء النسخ المرخصة في الدول العربية يعتبر مشروعا فاشلا جداً من قبل الأفراد ومن قبل بعض الدوائر.
فقامت كثير من الشركات بخطوات حثيثة لضمان أن النسخ الموزعة والمباعة كلها مرخصة وقامت بتضييق الدائرة على المقرصنين باستعمال أساليب جديدة من أهمها نظام تنشيط النسخة التي بدأت فيه مايكروسوفت منذ نسختها الأولى لنظام التشغيل Windows Xp واتبعت أغلب الشركات ذلك النظام وحين تقوم بتحديثات ضرورية للنظام وكذلك تحديث للبرامج فقبل ذلك كله يقوم بالتأكد من أن النسخة مرخصة أو سينقلك إلى صفحة توبيخ وإعلام أن النسخة يجب أن تكون أصلية وإلا فسيكون مصير تلك النسخة أن تنتهي ولا يشملها تلك التحديثات.
مع وجود الإنترنت الآن وانتشار النطاق العريض والسرعات الكبيرة نستطيع أن نقوم بإنزال أي برنامج كاملاً مع طريقة تنشيطه وكسراً لحمايته بسرعة فائقة وبأحجام كبيرة مثل ما حصل لنظام التشغيل ويندوز فيستا الجديد.
يجب أن يكون هناك وعي كامل وتثقيفي حول الملكية الفكرية واعتماد النسخ المرخصة في جهاز الكمبيوتر مع الاهتمام بالجانب الإبداعي في تلك الحقوق، ولا ننسى الشركات الكبرى في تحقيق رغبات الكثيرين في تخفيض أسعار البرامج والأنظمة لتكون في متناول الأشخاص من الفئة المتوسطة والعادية في المجتمعات العربية.
إن الحرب والصراع الكبير بين النسخ الأصلية المرخصة وبين النسخ المقرصنة وغير الأصلية سيستمر طويلاً وسنجد في الأخير أن النسخ المرخصة الأصلية هي من ستبقى.