ثلاثة من ديناصورات التقنية اجتمعوا وتشاوروا وتبادلوا الرأي، واتفقوا على حماية حرية التعبير في الشبكة العنكبوتية.
الديناصورات هم: جوجل، ومايكروسوفت، وياهو. والمسألة فيما يبدو سياسية، خصوصاً بعد أن ارتفع اللغط حول أدوار الشركات العملاقة في الارتهان للحكومات، ومساعدتها في تكميم الأفواه، لا سيما وأن ياهو ما زالت تلعق جراح ورطتها المتعلقة بالصحفي الصيني (شي تاو)، حيث قدمت معلومات عنه للحكومة الصينية، مما أدى لإدانته وإيداعه السجن لعشر سنوات.
جوجل نفسها، وهي أكبر الديناصورات في مجال محركات البحث على الإنترنت، تورطت من قبل في اتهامات تتعلق بالتواطؤ مع الصين، وتقديمها دعماً تقنياً حول مسائل حساسة كقضايا الأيدولوجية وأحداث ساحة تيانامين الشهيرة.
السياسة هي المحرك الظاهري لثورة الديناصورات، وهي المحفز لإعلانهم المواجهة مع الحكومات دفاعاً عن الحريات في الإنترنت. فالدنيا كلها تركب حالياً صهوة الحرية في التعبير السياسي، والغرب يتبنى هذه (الرسالة) لدرجة التقديس، بل ويرهن مقدراته وثرواته تعميماً لها وإيماناً بها، ولذلك يبدو التبرير السياسي مبلوعاً لمثل هذه الخطوة.
المشكلة أن هناك من يرى وجود أجندة خفية وراء اتفاق الديناصورات، وأن القصد منه ليس حرية التعبير في الجانب السياسي، حيث يتخفى (الغرض) ومطامح جني المال وراء الاتفاق. ويشير هؤلاء صراحة إلى أن الديناصورات يريدون مساحة أكبر في مجال حرية التعبير (الجنسي) بالصورة والصوت والنص، ويريدون حرية التعبير في بؤر الفتن كالنعرات العنصرية والجهوية، ويريدون حرية التعبير في الأمور العقائدية الحساسة كالتهجم على الأديان والاستهتار بالمعتقدات.. الخ.
موجهو الاتهام يقولون إن هذه المجالات هي التي تجذب الناس للانترنت، وبالتالي تفتح آفقاً أكبر للإعلان وقطف الأرباح، لكن الليبراليين السياسيين يرون أن المسألة لا تخرج عن كونها فتحاً لأبواب حرية الرأي السياسي، وأن الديناصورات خضعوا للمنطق الإنساني الضاغط في هذا الاتجاه.
بين هؤلاء وأولئك تقف التقنية حائرة، ويقف الإنسان حائراً، وتقف الحكومات حائرة. فالأوراق تختلط كثيراً في جدلية الخطأ والصواب، والأجندة المعلنة، مهما كانت براقة، من الممكن أن تكون وراءها أجندة غارقة في الظلم والظلام.
الدنيا تسير، لكن لا ندري إلى أين. والأيام حبلى بالقادم من الأحداث.