حكاية الديجتال حكاية! نعم والله هي حكاية!
لا أتحدث عن الديجتال في مجال التلفزة، ولا أتحدث عنه في مجالات التصوير والالتقاط للصور عبر الأقمار الصناعية، بل أقصد الديجتال في المجال الإذاعي.
فالعودة الملحوظة إلى الاهتمام بالإذاعات المسموعة أحد أسبابها البث الرقمي، كما أن من أهم أسبابها الالتقاط الرقمي، فلم يعد من المهم الضبط اليدوي والبحث المضني عن المحطات الإذاعية، فيكفي أن توجه الريموت مباشرة إلى مقر إذاعتك المفضلة، فتأتيك المحطة كالعروس صافية بهية دون أن يرتفع ضغطك بصفير الموجات القصيرة، ودون أن تفقع أذنيك بشوشرة الفراغات الأثيرية في الموجة!
صحيح أن الديجتال قد أسهم في تحسين عطاءات التقنية في كثير من المجالات، لكن يمكن القول بكل ثقة إن مساهمته في جذب الناس تجاه التلفزة والإذاعة هي الأكبر تأثيرا في المجال الإعلامي.
ومن المؤكد أن إذاعات ال(إف إم)، بتقنياتها المتطورة، قد أفادت من البث الرقمي، وبتنا نسمع الإذاعة، أي إذاعة، وكأنها تبث في منازلنا، فالأصوات فيها نقية قوية، والوضوح فيها عال بدرجة مدهشة، وأصبح من الممكن استعمال الطبق الهوائي المخصص لاستقبال البث التلفازي لالتقاط الإذاعات بكل أشكالها وعلى مختلف مواقعها الجغرافية.
ولأن الديجتال أسهم بشكل عجيب في نقاء الصوت الإذاعي، بدأ الناس العودة التدريجية لسماع الراديو والاستمتاع ببرامجه وتمثيلياته وأخباره. بل ولقد أدت التقنيات المتطورة في مجالات البث الرقمي إلى زيادة الانتشار الكمي للإذاعات، فأصبحنا في كل يوم نشهد ميلاد إذاعات جديدة، ودخلت محطات الإذاعة في مجالات التخصص، فأصبحنا نسمع عن الإذاعات الغنائية، وإذاعات المنوعات، وإذاعات الأخبار، والإذاعات الخدمية، والإذاعات الرياضية، والإذاعات الدينية، وهلم جرا.
ولأن الإذاعات ككل عطاءات التقنية فيها الصالح وفيها الطالح، فإن الديجتال الإذاعي يمكن أن يسهم في رقي العمل الإذاعي، كما يمكن أن يجعل الإذاعات مرتعا لإفساد الأذواق العامة، ولذلك يقلق الكثيرون من انتشار أحدث التقنيات في إذاعات قد لا تكون منضبطة بشكل كاف، فيحدث فيها ما يحدث في كثير من الفضائيات من غثاء.
ومهما يكن من أمر، فالإذاعات الرقمية حقل يضاف لحقول الإضافات التقنية التي تجمل حياتنا، فإذا كان البعض يسيء استخدامها، فإن إشراق شمسها لا يمكن تعتيمه بحال، فهذا زمان التقنية، وهذا عصر الديجتال.