مهند يوسف السحار، أحد المواهب الواعدة التي تفخر بها بلادنا، الذي يحدق بناظريه إلى المستقبل، ليجد مكاناً لاختراعاته التي يريد بها أن تسهم في حل بعض مشكلات البشرية، وهو صبي يبلغ من العمر اثني عشر عاماً وله اختراع عبارة عن قبعة عسكرية مزوّدة بوسيلة تدفئة متحركة للأذنين، وقد شارك بمهرجان الطفل الذي نظمته هيئة الأركان بوزارة الدفاع وهو ابن أمين عام اللجنة التأسيسية للمخترعين الأستاذ يوسف السحار الذي استضفناه في وقت سابق. نستضيفه في هذه المساحة ليسلّط الضوء على اختراعه وأفكاره المستقبلية.
* كيف كانت البداية في مجال الاختراع؟
- بدايتي ما زالت متواضعة، حيث كانت بسبب حبي لما يقوم به والدي من أعمال في هذا المجال، وكما تعلمون فإن والدي مخترع ولديه العديد من الاختراعات التي منها ما يسوق حالياً في الأسواق فكنت في صغري كما يقول والداي عني كثير الحركة وأحب العبث بكل شيء تقريباً مما عرضني لكثير من المخاطر التي أنجاني منها ربي عزّ وجلّ ولله الحمد بفضل توجيهات والدي لي، حيث سعى وأصر على تشجيعي ولكن مع التوجيه المستمر وكنت أحب مرافقة أبي لمشاهدة بعض تجاربه على اختراعاته وكان ما يقوم به أبي في مجال الابتكار والاختراع يستهويني للغاية للدرجة التي كنت أغضب فيها إذا أبعدني والدي عن بعض تجاربه التي لا يريدني أن أشاهدها.. وكنت كلما ركبت بمفردي دون أخوتي مع أبي في سيارته أطرح عليه فكرة اختراع جديد أكون قد حضرت لها مسبقاً مع نفسي فأبدأ بنقاش الفكرة مع والدي الذي يشجعني بأسلوبه كثيراً ولكن يصدمني أحياناً إذا قال لي: إن هذه الفكرة موجودة وغير جديدة ولكنه يشجعني على الاستمرار وعدم الإحباط أو اليأس..
* هل من صعوبات وعوائق واجهتك؟
- الصعوبات التي عانيت منها كانت في عدم معرفتي بكيفية تطبيق أفكاري على أرض الواقع، حيث إنني فكرت بآلة لتقليم الأشجار دون تدخل العنصر البشري ولكن تطبيقها يحتاج إلى تجارب وجهود وأموال فأقتنع والدي بأهمية الفكرة ولكن أقنعني بتأجيل العمل بها لقلة الإمكانات، وكانت لي فكرة أخرى أفصحت بها لوالدي وهي أريد أن أصنع آلة وظيفتها تقشير حبات (الفصفص)، حيث كنت أحب كثيراً بعض أنواع (الفصفص) ولكن مشكلتي كانت في صعوبة تقشيره ففكرت بأن لو أصنع آلة يدخل بها (الفصفص) من أحد جوانبها لتخرج تلك الحبات مقشرة من الجانب الآخر.
* هل تذكر لنا بعض أفكار الاختراعات التي قمت بها في بداياتك؟
- أذكر أن أول فكرة اختراع فكرت به كان بسبب استمرار عمل مكيف الصالة التي تجلس بها جدتي (يرحمها الله) وهي وسيلة تحكم في فصل (الكمبرسر) الذي يستهلك كمية كهرباء عالية وكان سبب تفكيري في هذا الاختراع هو أنني وأخواني وأمي نذهب مع والدي إلى خارج البيت فتبقى جدتي بمفردها في صالة منزلنا والمكيف يعمل في الصالة ثم تقوم جدتي لتذهب إلى غرفتها لتنام فيبقى (الكمبرسر) يعمل ويستهلك كما قال لي والدي كمية كبيرة من الكهرباء يتوجب علينا دفع قيمتها لشركة الكهرباء فأتيت إلى والدي بفكرة وضع جهاز به (مؤقت زمني) يعمل على إطفاء (الكمبرسر) بعد ساعة مثلاً من تشغيله فرد على والدي أن هذا الاختراع موجود في جهاز مزود به المكيف اسمه (الترموستات) وأن سبب عدم فصل كمبرسر مكيف الصالة لدينا هو لأن حجم الصالة كبير مقارنة بحجم وقوة المكيف، فأحبطني جواب أبي ولكنه رفع معنوياتي عندما قال لي: إنني (موهوب) وأن دليل موهبتي هو تفكيري بحلول علمية (منطقية) ولو كانت في الأصل موجودة..
* ما الفكرة التي شاركت بها في مهرجان الطفل الذي أقيم بالرياض؟
- الفكرة التي شاركت بها في مهرجان الطفل هي عبارة عن (قبعة مزودة بوسيلة متحركة لتدفئة الأذنين) وقد فاجأت والدي قبل سنة عندما اشتريت طاقية الأطفال التي تباع في (محلات أبو ريالين) لاستخدمها ثم اشتريت أيضاً بعد فترة طاقية خاصة بالأذنين لاستخدمها وبعد فترة من استعمال الاثنتين خطرت لي فكرة دمج القبعة ومدفئة الأذنين مع بعضهما، فقمت وبدون علم أحد بإحضار خيط وإبرة وبدأت بوصل مدفئة الأذنين مع طاقية الرأس لتكون (2 في 1) وجربتها فأعجبتني فعرضتها على والدي فأعجب بها ورفع معنوياتي كثيراً عندما قال لي: إن ابتكاري هذا هو أول تطبيق عملي لموهبتي على أرض الواقع، وبعد سنة كاملة شاركت بابتكاري هذا بعد تطويره بمساعدة أبي ليصبح قبعة عسكرية في مهرجان الطفل الذي نظمته هيئة الأركان بوزارة الدفاع والطيران وقد حاز على إعجاب زائري المعرض وعلى رأسهم سمو اللواء ركن الأمير بندر بن فيصل بن تركي آل سعود مدير إدارة الثقافة والتعليم في الوزارة وهذه أول مشاركة رسمية لي.
* ما المدة التي كنت تحتاجها للانتهاء من كل اختراع؟
- تعتمد مدة تنفيذ هذا الاختراع أو ذاك على حسب نوعية الاختراع، فاختراع القبعة العسكرية المزوّدة بوسيلة تدفئة متحركة لم تتجاوز مدة تنفيذه منذ أن كان فكرة في رأسي مروراً بأكثر من نموذج للابتكار أحاول أن أعدل فيه لأصل للأفضل هو أسبوعان فقط.
* ما المعوقات والصعاب التي يواجهها المخترعون عموماً؟
- الإمكانات المادية بالدرجة الأولى، حيث إن المخترع لديه (طاقة إبداع) كبيرة ولكن لضعف الإمكانات المادية تتراجع طاقته وحماسه للعمل في هذا المجال.
* ما نصيحتك لزملائك المخترعين وخصوصاً من لا يزالون في بداية دخولهم لهذا المجال؟
- وجهت هذا السؤال إلى والدي ومعلمي الأول فقال لي: أنصحك يا أبني أنت ومن يمتلكون الموهبة في هذا المجال المهم (الابتكار والاختراع) بالاتفاق فيما بينكم على (العمل الجماعي) فإنه سيكون مثمراً وبناءً أكثر من العمل الفردي، ولا شك أنه سيكون ذا نتيجة إيجابية بكل المقاييس سواءً باختصار مدة البحث وأيضاً في مستوى تطوير الاختراع بعد الوصول للنموذج المعملي الأولي أخيراً في سهولة حماية وتسويق الاختراع محلياً وعالمياً من خلال جهود فريق وليس جهد فرد واحد.
* كلمة أخيرة؟
- أتمنى كمخترع ناشئ أن أجد نوادٍ للمخترعين على مستوى جميع مناطق المملكة لتكون في كل مدينة وقرية بحيث تعمل تلك النوادي على توفير المناخ الملائم لي ولزملائي منذ الصغر حتى أصل عندما أكون كبيراً إلى حصيلة عالية من العلم والثقافة والتجارب المعملية التي تؤهلني للإبداع والاختراع العلمي المشرف مثل العالم العربي القدير: أحمد زويل وأمثاله.
وختاماً يسرني أن أتقدم بالشكر الجزيل لجميع القائمين على مجلة الاتصالات والعالم الرقمي بجريدة (الجزيرة) واهتمامهم بالموهوبين والمخترعين وتخصيص صفحة أسبوعية.