مرة أخرى تعرضت الثقة بالخدمات المصرفية في دولة الإمارات إلى هزة عنيفة بسبب عمليات السحب غير الشرعية من أرصدة المودعين التي تمت من خارج أراضي الإمارات بل ومن دول بعيدة جغرافيا كأمريكا وروسيا، وذلك من خلال نسخ الأرقام السرية لبطاقات عدد لا بأس به من المودعين عبر كاميرات متناهية الصغر وضعت في بعض ماكينات الصرف الآلي في دبي وأبوظبي طبقا لما جاء في موقع (ارابيان بيزنيس الاقتصادي) على شبكة الانترنت.
وأشار الموقع الى انه حتى وقت قريب، ساهم التقدم التقني في تعزيز الحاجة إلى حلول دفع إلكترونية وذلك مع توسع أنواع الخدمات البنكية الإلكترونية وهو ما ساعد على توسيع قاعدة استخدام بطاقات الائتمان ورفع الطلب عليها. ونظراً لتطور هذا المنتج المصرفي، صار لدولة الإمارات العربية المتحدة باع إقليمي وعالمي قوي في سوق البطاقات المصرفية والائتمانية وجعل منها أكثر الأسواق ديناميكية لبطاقات الدفع الذكية.
لكن التطبيقات السيئة لبعض الأنظمة والمواقع الإلكترونية شكلت خطراً على أمن هذه البطاقات، على الرغم من الجهود المبذولة لتطوير مستويات الأمن في عمليات الشراء الإلكترونية التي تعتمد عليها، لتغدو هذه البطاقات الذكية سلاحاً ذا حدين.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه شركات الأمن المعلوماتي، ومعها المصارف والمؤسسات المالية والمصرفية لابتكار خدمات تقنية متخصصة لحماية العملاء وتأمين معاملاتهم المالية، ينشط قراصنة الإنترنت والمحتالون الإلكترونيون المحترفون لابتكار وسائل جديدة والعثور على ثغرات يمكن من خلالها تنفيذ عملياتهم الاحتيالية.
ولعل عمليات القرصنة الإلكترونية التي سجلتها دولة الإمارات العربية، مؤخرا جاءت بمثابة إنذار للعاملين في القطاع وضع العديد من التساؤلات والاستفسارات حول جدوى الأساليب الأمنية المتخذة من طرف البنوك المحلية.
ويقول مهدي كاظم عضو مجلس إدارة مصرف الإمارات الإسلامي: (الاحتيال والقرصنة ليسا بشيء جديد على القطاع المصرفي العالمي ككل، وإن كانا جديدين على المجتمع الإماراتي. فالعمليات التي سجلتها بعض البنوك الإماراتية لم تكن يوماً ما مستبعدة. لكن ما هو إيجابي هو أن المصارف الإماراتية استطاعت أن تكشف هذه العمليات في وقت قصير جداً ولم تمكن الجهات التي ساهمت في عمليات القرصنة من الاحتيال على مبالغ كبيرة يكون وقعها كبيرا سواء على العميل أو على البنك. فالمبالغ التي تم سحبها هي مبالغ بسيطة جداً).
من جانبه قال فيصل الكلداري المدير التنفيذي لبنك دبي التجاري: (تسعى الشركات المصدرة لبطاقات الائتمان والأقسام المتخصصة في هذا النوع من البطاقات الذكية داخل المصارف إلى تقليل عمليات الاحتيال إلى الحد الأدنى الممكن، لكنها لا تستطيع القضاء عليها كلياً، ما دفع هذه المؤسسات المصرفية إلى الحرص على استخدام بطاقات الكترونية ذات شرائح ذكية تمكن من التعرف على نوع العمليات وما إذا كانت عمليات احتيال أم لا، وأيضاً تشديد إجراءات المراقبة الإلكترونية لترقب أي عملية من هذا النوع والتعرف إلى هوية مستخدم البطاقة. كل هذه الإجراءات الصارمة التي ينهجها النظام المصرفي الإماراتي ساعدت في الكشف المبكر لعمليات القرصنة التي شهدتها بعض البنوك المحلية. وبالتالي فان الخسائر لم تكن كبيرة وانما متواضعة جداً وليس لها أي تأثير. وكل ذلك كما سبق وذكرت بسبب الكشف المبكر لهذه العمليات. وهذا ما يعكس مستوى ودقة الأنظمة التقنية التي تعمل بها مختلف المصارف المحلية).
لا شك أن المؤسسات المصرفية في المنطقة واعية للتهديد الذي يواجه هذا النوع من البطاقات الذكية، خاصة وان أجهزة الصراف الآلي أصبحت تشكل هدفا ممتازا للمجرمين والمحتالين الإلكترونيين الذين جعلوا منها سوقاً سوداء تتركز خطورتها في إمكانية سرقة البطاقات وإجراء عدد من عمليات الشراء أو السحب السريعة قبل أن يتم تسجيل سرقة البطاقة.
وهذا بالضبط ما جعل أمن بطاقات الائتمان يواجه تحديات كبيرة، تستدعي استخدام أحدث أنظمة الحماية والأمان لجميع التعاملات المصرفية عبر الإنترنت، من تشفير جميع بيانات المتعاملين على الشبكة، واستخدام أحدث البرمجيات لضمان عدم الاختراق لأنظمة وقواعد بيانات المتعاملين لدى المصرف، وصولاً إلى وضع شروط وطريقة استخدام خاصة ومحددة تتفادى كل السيناريوهات المحتملة لإمكانية اختراق الحسابات.