أعلم أن التقنية سوف تتركني وراءها في يوم من الأيام، ربما قريبًا جدًا، وسوف يعتبرني أطفالي خارج التاريخ، فأنا أحب حاسوبي وهاتفي النقال، ولكن لا تسألني عن الكتابة على الحاسوب أو الألعاب، فلا أريد أيًا من ذلك.
فحتى عدة أسابيع كنت رابطة الجأش بشأن موقفي المعارض للأدوات الجديدة، وكنت أتفاخر بذلك بدلاً من أشعر بالحرج، فقد كنت أشعر بنوع من الرضا حتى مع نقص مهاراتي في تلك التقنيات الجديدة.
ثم أعلن مؤسس شركة أمازون والرئيس التنفيذي لها جيف بيزوس عن الجيل الجديد من اختراعات شركته، ووجدت نفسي أقل تفاؤلاً.
فقد تم الإعلان عن (الجيل الثاني) للكتب، أو كما يدعوه بيزوس جهاز القراءة المحمول اللاسلكي الجديد لشركة أمازون.
والمواصفات مذهلة، فالجهاز الجديد المسمى Kindle يستخدم تقنيات الهاتف المحمول، كما أنه يزن أقل من وزن الكتب ذات الغلاف المقوى، ولكنه يحتوي مائتي كتاب، كما أنه لاسلكي، أي تستطيع أن تتمدد على أريكتك وأن تستدعي فقرات أدبية، وفي خلال ثوان تقرأها مرارًا وتكرارًا.
وإذا لم يكن الذي يتكلم هذا هو السيد بيزوس نفسه، لكنت قلت إن هذا الكلام لا يخرج من قارئ كتب على الإطلاق؛ لأن ما يفتقده Kindle هو أن يكون كتابًا وهو ليس كذلك؛ فالورق والصمغ والحبر والخياطة، كل تلك الأشياء لا تختفي عند القراءة، ولكن يلتف العقل حولها ويركز على أفكار المؤلف، في حين لا تزال تلك الأشياء بين يديه، فالبنية النفسية للكتاب هي جزء لا يتجزأ من تجربة القراءة، عندما تحمل الكتاب بين كفيك وترى صفحتيه المتقابلتين وتكون عيناك على الأخرى بينما تحمل كفك الكتاب وإبهامك على الصفحة المقابلة.
الكتب الإلكترونية لن تحتاج إلى أشجار يتم قطعها وقتلها من أجل إنتاج الأوراق، كما لن يتم انبعاث الكربون في الجو نتيجة الأحبار التي نستخدمها في الكتابة، وعندما تقرأ أمام الشاشة فلن تحتاج إلى مناديل ورقية بجانبك لكي تجفف جراح الأوراق التي ربما تقطع يدك وأنت تقلب الصفحات.
ولكني سوف أستمر في شراء الكتب الحقيقية حتى تغلق آخر مطبعة أبوابها، وحينئذ سوف أغلق أنا أيضاً عليّ بابي وأستقر على كرسي، وربما حينئذ فقط أبدأ مرة ثانية من البداية.