دعاة حماية البيئة المعلوماتية.. حركة في طور التكوين
|
* أعداد : سناء عيسى
بدأ دعاة حماية البيئة في المجال المعلوماتي الدعوة إلى استعادة الصفاء الذهني والعقلي. بداية من البريد الإلكتروني وكابلات التلفزيون والهواتف الجوالة.
انطلاقاً من أن الملوثات الحديثة ليست ما تلفظه المصانع من سموم ومخلفات كيماوية بالهواء, ولا تحطيم وتدمر للغابات العتيقة, ولا ما يقوم به المستثمرون الجشعون من تحويل الأراضي البكر إلى كتل خرسانية. الملوثات الحديثة تتواجد في جيوبنا وعلى مكاتبنا وتتعلق بخطوط الهاتف حاملة آلاف المعلومات الرقمية المتدفقة. حسب ما يعتقد حماة البيئة المعلوماتية.
كما يؤكدون أن عصر المعلومات الذي نعيشه هو أكبر ملوث للمعلومات، وليست المشكلة في حجم وكم المعلومات الهائل ولكن في الافتقار إلى المضمون.
ومقصد دعاة حماية البيئة المعلوماتية هو استعادة الصفاء الذهني من الإزعاج الدائم للجوال والرسائل الفورية والأجهزة الرقمية, والكابلات المعلوماتية وآلاف الأخبار والرسائل المزعجة وعروض المبيعات.
البروفيسور ديفيد ليفي بكلية المعلومات بجامعة واشنطون والباحث السابق بمركز بارك في شركة زيروكس وهو المركز الذي أنتج الحاسب الشخصي وطابعة الليزر وغيرها من الاختراعات يقول: نحن الآن في حاجة إلى العودة إلى الطبيعة في المجال المعلوماتي ونحتاج إلى تقييم خبرتنا واهتماماتنا والملوثات المعلوماتية في حياتنا. فهذه الطريقة في الحياة التي نعيشها وهذا الإيقاع السريع كما لو أننا نخدر أنفسنا. حيث أن معظم الناس تتجول في المحيط المعلوماتي من باب الفضول وليس للانفتاح على العالم.
الحركة الجديدة :
من السابق لأوانه أن نطلق على (دعاة حماية البيئة المعلوماتية) حركة، فالأمر يحتاج إلى عمل جاد وطويل، وفي سياتل (معقل مايكروسوفت وشركات الحاسب العملاقة) اجتمع صفوة من الأكاديميين ورجال الدين والطب والفن وكان موضوع المؤتمر هو المعلومات والسكون والمقدسات، وكان هذا المؤتمر عبارة عن اجتماع لمعارضي الضجيج المعلوماتي، وقد دعم هذا المؤتمر بالإضافة إلى جامعة واشنطون المجلس القومي للعلوم ومؤسسة ماك آرثر. وقال ألسبيث ريفير من مؤسسة ماك آرثر: الحقيقة أن المعلومات تحاصر البشر وأنا اسميه ضجيجاً وهو أمر هام. الفكرة أنه من الممكن ترتيب هذه المعلومات والاستفادة منها بحيث لا نجعل حجمها يتضخم بشكل زائد عن اللزوم مما يؤثر سلباً على حياتنا.
الإفراط في حجم المعلومات المتاحة يمثل مشكلة ليس بسبب كميتها الزائدة عن الحد وإنما لكونها بلا مضمون.
جون سيلي براون المدير السابق لمركز بارك وعضو أساسي في المؤتمر يوضح التطور التاريخي لمصدر المعلومات, ففي الماضي كانت الصحف اليومية وصفحات الكتب والإذاعات هي مصدر المعلومات الرئيسي وكانت المعلومات موثوق فيها، أما الآن فالثقة في المعلومات قلت مع خلوها من المضمون.
ويضيف السيد براون الصور الحالية لمصادر المعلومات تبني ذهناً مشوشاً ويجب أن نحدد معنى التطور, فليست كل صور التكنولوجيا تؤدي إلى التطور.
الاهتمام بالحصول على المعلومة بصورة سريعة وسهلة جعلنا نضيق أفقنا بحيث أصبح كل ما نهتم به هو إرسال واستقبال المعلومة فقط، وإن التركيز الآن في تكنولوجيا المعلومات على فعالية المعلومات وسرعتها وليس على أهميتها، وهناك الكثير من الأدوات الفعالة مثل الهواتف الجوالة وماكينات البحث على الإنترنت والنسخ الإلكترونية من الصحف تثير قلق المتلقي لأنه يحصل على معلومة لا يفهم مغزاها.
التخلص من المصادر العقيمة :
روجر ليبمان خبير المحافظة على الطاقة يستخدم طريقة جديدة بعد أن اتخذ قراراً, تخلص بمقتضاه على جميع مصادر المعلومات التي اعتبرها عقيمة وغير مفيدة كالتلفزيون والرسائل الفورية ومجموعات الرسائل الإلكترونية والمنتديات، وأصبحت معظم مصادر معلوماته من أصدقائه الذين يراسلهم ويراسلونه. ولكن على عكس السيد ليبمان فإن مساعدته وهي ناشطة سياسية تشترك في عدة مجموعات رسائل وتستقبل عشرات الرسائل يومياً وتشعر بتأنيب الضمير إذا لم ترد على كل هذه الرسائل، وبما أنها لا تستطيع الرد على جميع الرسائل فهي دائماً تشعر بتأنيب الضمير. أما مايك داش وهو استشاري إداري في صناعة التكنولولجيا المتقدمة, اكتشف أنه متعرض لطوفان من الملوثات المعلوماتية, وقضى عامين كاملين في تطوير استراتيجية لوضع حد لهذه البيانات المسمومة، وكانت نتيجة بحثه انه اكتشف أن هناك حجماً مروعاً من المعلومات يأتي تحت شعارين الأول: أنت تحتاج إلى شيء ينقصك، والثاني: إذا اشتريت هذا الشيء سيصلح لك الشيء الآخر. وكان تعليق السيد داش عجيباً لقد انطلقت من هذه الحقيقة فليس لدي تلفزيون ولا أشترك إلا في مجلة واحدة وأهمل 99% مما أراه.
وبعض دعاة حماية البيئة المعلوماتية هم من أعمدة عصر المعلومات، فنجد أن ليفي بعد تخرجه من جامعة ستانفورد المرموقة وحصوله على الدكتوراه في علوم الحاسب والذكاء الاصطناعي توجه إلى لندن وبدأ دراسة الخط اليدوي وتجليد الكتب، ولكن لتوفير نفقات الدراسة اضطر ليعمل استشاري معلومات، كما بدأ ليفي في دراسة تعلم الفنون والحرف اليدوية التي تعود إلى القرن التاسع عشر والتي ظهرت في مواجهة الثورة الصناعية التي أفرزت ثورة في النسيج وصناعة الورق وأزهقت العديد من الحرف اليدوية.
في ورشة عمل عام 1983 في جامعة ستانفورد تأكد ليفي أن الكمبيوتر سيكون وسيلة الكتابة في المستقبل، وان الكمبيوتر سيحدد التاريخ القادم ولذلك قرر المشاركة في هذا التطور بأن يجلب روح الكتابة اليدوية بجوانبها المختلفة التاريخية والثقافية والروحية إلى تكنولوجيا المعلومات.
كان هذا المؤتمر فرصة للبحث عن الإجابة وكانت الإجابة هي العودة للطبيعة حيث يؤكد دعاة حماية البيئة المعلوماتية أن البناء والتعمير والصناعة بشكل فوضوي سوف يقضي على كوكب الأرض، في الوقت الذي فيه أن البشر بحاجة إلى الغابات العتيقة والبحيرات ومساحة بيئية وبيئة معلومات مهيأة ومتاحة للتنفس.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|