ثورة معلوماتية جديدة عبر محاكاة التكوين الذاتي للآلات النانوية
|
* إعداد : إبراهيم الماجد
برنامج Blue Gene الذي تتبناه شركة IBM هو عبارة عن ندوات يلتقي فيها العلماء والباحثون ليحاضروا ويتشاركوا في الآراء حول كنوز المعرفة والمعلومات، وتقوم (آي بي أم) باعتماد العلوم الكمبيوترية لإيجاد الحل لأحد أكبر التحديات في عالم بيولوجيا الجزيئيات: (عملية التكوين الذاتي للبروتين)، خلق كمبيوتر متواز يمكنه جعل عدة آلاف من الشرائح تعمل بتناغم تام ليحاكي عملية تكوين البروتينات أسرع من أية آلة تم صنعها حتى الآن.
وهناك علماء من (آي.بي.أم) يخوضون في مجالات (البيولوجيا الكمبيوترية) Computational Biology ومجموعات عمل في مجالات (المعلوماتية البيولوجية)BioinFormaties وفي المعلومات التي تتعلق بالتعاقب المنطقي لتركيبات DNA والبروتين، كما يقومون باعتماد (الخوارزميات) Algorithms والعلوم الرياضية المعقدة للوقوف على وظائفها.
ولكن ما هي أهمية (عملية التكوين الذاتي للبروتين) Protein Folding التي استدعت تجييش كل هذا الكم الهائل من الطاقة الكمبيوترية وحشد كل هذه الموارد الفكرية؟
يقول فيجاريباندي، أستاذ الكيمياء المساعد في جامعة ستانفورد، والمتخصص في مجال التكوينات البيولوجية ورئيس مختبر (ستانفورد سينكروتون للإشعاعات) الذي يتعاون بشكل وثيق مع الطاقم الذي يرأسه بيل سووب في مقر (آي.بي.أم) للأبحاث في كاليفورنيا، يصف البروتينات على أنها آلات نانوية من صنع الطبيعة ويضيف: كل شيء تستطيع أن تقوم به المعدات تقريباً في مجال البيولوجيا تقوم البروتينات بصنعه تلقائياً. فعندما تكون بين يدي الإنسان آلة بهذا القدر من الدقة المتناهية فسوف يتساءل حتماً: (كيف تم تركيبها؟) إيجاد أشياء على مستوى دقة الذرة عملية فائقة الصعوبة إذ ليس لدينا (مطارق) Hammers أو (مفكات براغي) Screwdrivers بحجم الذرة، ولكن الأمر الذي أنجزته البيولوجيا الطبيعية هو ابتكار آلات تقوم بتجميع نفسها بنفسها أو بتكوين نفسها تلقائياً، وهي عملية التكوين التي أشرنا إليها بكلمة (فولدينغ) Folding أو (التكوين الذاتي).
ويحتوي جسم الإنسان على أكثر من مائة ألف من هذه الآلات النانوية البروتينية، دينيس نيونز، الباحث في (مركز البحوث والعلوم الحية) العائد لآي بي أم الذي أمضى ثماني سنوات في العمل على محاكاة نشاط الجزيئيات يقول بأن هذه الآلات هي مجموعة من حبيبات الأحماض الأمينية المنظومة كالسلاسل.
وتتكون البروتينات الصغيرة من حوالي 100 حبيبة بينما تتكون البروتينات الكبيرة من حوالي 700 حبيبة، طريقة التعاقب المنطقية لهذه الحبيبات تعود إلى تركيبة الكروموزومات في الهندسة الوراثية التي تضع شفرة تعاقب الحبيبات بالطريقة الصحيحة.
ويضيف نيونز
أن إبقاء البروتينات على شكل
سلسلة لا يمكن الاستفادة منها إذ يجب أن تلتف بشكل لولبي هندسي معين لتصبح فاعلة.
يقول باندي: (العوائق التي نصادفها هنا هي في الإمكانيات والمتطلبات الكمبيوترية التي نحتاج إليها.
فلمحاكاة التكوين الذاتي لأصغر وأسرع بروتين في الوقت الحاضر قد يستغرق حوالي30 عاماً على أسرع محطة عمل كمبيوترية، لذا نحتاج إلى تطوير هذه المعدات السريعة).
والجدير بالذكر أن مشروع (بلو جين) قد بدأ في العام 1999 وكانت (آي بي أم) تبحث عن جهاز كمبيوتر مثل (بلو سكاي) Blue Sky وتبذل الجهود الحثيثة لإيجاد حلول للتحديات العلمية القائمة، وكان قد تم تطوير شريحة (بلو جين) في الوقت عينه.
ويقول نيونز: (لقد تصورنا بأنه وبواسطة 30 ألف شريحة كمبيوترية يمكننا أن نحاكي التكوين الذاتي لنوعية صغيرة من البروتين خلال أشهر قليلة من الوقت، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً تستطيع الجماهير أن تقدره حق قدره، قد يبدو الأمر من الغرابة بقدر يجعله غير قابل للتصديق، ولكن هنالك مبدأ متنامياً من الأبحاث يدعم الفكرة القائلة أن الحمض النووي DNA، أو ما يشكل اللبنة الأساسية للحياة قد يكون أيضاً الحجر الأساسي لخلق جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر الفائقة القوة.
الفضل في ذلك البحث الثوري، إذا ما تحقق، سوف يعود إلى ليونارد أدلمان LeonardAdleman العالم في مجال الكمبيوتر من جامعة جنوب كاليفورنيا.
إن الخلايا في جسم الإنسان وأجهزة الكمبيوتر تعالج وتخزن المعلومات بنفس الطريقة تقريباً، فأجهزة الكمبيوتر تخزن البيانات ضمن مجموعات مؤلفة من 0و1 والكائنات الحية تخزن المعلومات بجزئيات ممثلة بأحرفATC&G.
ويحاول العديد من الباحثين حول العالم خلق أجهزة كمبيوتر تعتمد على العلوم البيولوجية الدقيقة وهم يأملون بذلك ترويض القوة الحيوية نفسها، وبالرغم من أن هؤلاء العلماء يطلقون على ابتكاراتهم اسم (معدات) أو (أجهزة) فهي ليست بالفعل سوى أنابيب اختبار مليئة بالماء المشحون بالحمض النووي، ومع ذلك فقد استطاعوا حثها على مضغ الخوارزميات ولفظ البيانات.
إلا أن المشاكل التي تستطيع أجهزة الكمبيوتر هذه أن تحلها فلا تزال بدائية يستطيع أي طفل أن يضع أجوبتها بالقلم والورقة بوقت أسرع.
ولكن الباحثين يأملون بأنهم قد يستطيعون أن يحقنوا البشر بأجهزة كمبيوتر دقيقة تقضي على الفيروسات وتصلح من شأن الخلايا الجيدة التي أصابها التلف، وبكلام آخر تحافظ على بقائنا، نحن البشر، بصحة جيدة.
هنالك العديد من العلماء يصرّون على أن المواد الجينية تعمل على استنساخ نفسها بنفسها وتتحول بالتالي إلى معالجات فائقة القوة يمكنها أن تتكفل بحل مشاكل من التعقيد بمكان تعجز عن حلها أجهزة الكمبيوتر التي تعتمد الشرائح السيليكونية.
وما يطمح إليه العلماء حقاً هو خلق أجهزة كمبيوتر يمكنها أن تستمد طاقتها ذاتياً كي يصار إلى استعمالها في الرحلات إلى عمق الفضاء بهدف المراقبة والمحافظة على صحة الرواد على متنها.
ويقول أدلمان ان عملية قراءة الأنزيم الحي Living Enzyme للحمض النووي ذكّرته بكيفية قيام ألان تورينغ Alan Turing الرائد في العلوم الكمبيوترية في العام 1936 بتصور الطريقة التي قد تستطيع بها الأجهزة الكمبيوترية أن تقرأ البيانات.
يقول أدلمان الذي قام بالمعالجات الكمبيوترية التي تعتمد الحمض النووي في العام 1994، (إذا نظرنا داخل الخلية نجد العديد من الأدوات الدقيقة المدهشة). وأضاف: (إن الخلية تعتبر صندوق كنز حقيقي).
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|