برامج كمبيوتر للحد من الجريمة رجال الشرطة الأمريكية يفضلون أجهزتهم المحمولة على السلاح!
|
إعداد: محمد الزواوي
عندما قام اللصوص بالسطو على منزل بولاية ويسكونسين في يوليو من العام الماضي سرقوا من ضمن المسروقات حصالة أطفال بلاستيكية على شكل زجاجة مياه غازية كانت مملوءة بما يقرب من 1200 عملة معدنية من فئة ربع الدولار، وبعد ذلك بثلاثة أيام دخل أحد الجناة بنك «جرين باي» بالولايات المتحدة لتحويل تلك العملات إلى دولارات ورقية، ولكن بدلا من تغيير العملات انقض عليه البوليس وقبض عليه في الحال. ولكن من الذي دل على ذلك اللص؟ إنها أعظم أداة بوليسية ظهرت منذ جهاز كشف الكذب وسيارات الشرطة: الإنترنت!
فقد كان اللص يعمل في منطقة تستخدم برنامج حاسب يرسل رسائل تحذير إلى الشركات في دائرة نصف قطرها ثلاثون ميلا، وعندما دخل اللص إلى البنك كان المخبرون على دراية به وكانوا يبحثون عن أي شخص بحوزته عدد كبير من العملات المعدنية فئة ربع الدولار. وقد اكتشف رؤساء أقسام الشرط والضباط في الولايات المتحدة من واشنطن إلى فلوريدا أن المواطن العادي لديه شغف بالتعاون مع الشرطة في مجال مكافحة الجريمة، وقد عرض الآلاف خدماتهم ومشاركتهم عن طريق مواقع الإنترنت والبريد الإليكتروني.
تقول جاكلين هيلفجوت أستاذ مساعد في القانون الجنائي بجامعة سياتل: «على مرالعامين الماضيين كان هناك اعتماد أكبر على المواطنين في جهاز الشرطة؛ فالشرطة لن تستطيع القيام بكل العمل بمفردها، لذا فإن الإنترنت يمكن أن يساعد المواطنين في التعاون مع قوات شرطتهم المحلية». ولنأخذ مدينة فيرمونت الصغيرة على سبيل المثال من ولاية مينيسوتا، ففي أواخرعام 2001 نشرت الشرطة قائمة بأسماء أخطر المطلوبين على موقعها على الإنترنت، ولفتت انتباه الرأي العام إلى تلك القائمة عن طريق مقال في إحدى الصحف.
إنجازات كبيرة
يقول الرقيب كوري كلاندرد المسؤول عن قضايا التقنية لقسم الشرطة: «عندما قمنا لأول مرة بنشر القائمة على الموقع جاءتنا ردود هائلة من المواطنين، واستطعنا أن نقبض على أربعة من هؤلاء المطلوبين في الأسبوع الأول وحده»، وبعد عام من نشر القائمة استطاعت الشرطة القبض على «عشرة من إجمالي أحد عشر مطلوبا»، وقبض عليهم مباشرة عن طريق المواطنين الذين أبلغوا الشرطة عبرموقعها على الإنترنت.
وفي إحدى القضايا تلقت إدارة الشرطة رسالة بريد إليكتروني من أحد سكان مدينة دولوث التي تقع على بعد 300 ميل شمالاً، وقد أبلغ الشرطة عن عنوان أحد المشتبه فيهم الذي كان يعيش معه في نفس الشارع، ويضيف الرقيب: «بهذه التقنية أصبح لدينا المزيد من الأعين والآذان داخل المجتمع».
وقد أنتجت شركة في ولاية مينيسوتا برنامجا يأتي على رأس البرامج التي تهدف إلى مكافحة الجريمة، وهو برنامج «سيتيزن أوبزرفر»، وهو البرنامج ذاته الذي أرسل التحذيرات إلى رجال الشرطة الذين قبضوا على اللص ذي العملات المعدنية التي سرقها من حصالة الأطفال وقد قدمت الشركة حزمة برمجية تتكون من أربعة أجزاء، من أجل زيادة الحيطة بين المواطنين:
1 شبكة تحذير الشركات، والتي تسمح للشرطة بأن تتصل بالشركات المشتركة في نشاط واحد وتحذرها من الحيل الجديدة لسرقة أموال الشركات، أو حالات القبض على أشخاص بشيكات مزورة، كما تقدم وصفا كاملا للذين يقومون بعمليات السطوالمسلح.
2 تحذير السكان من الجريمة، ومن خلال ذلك النظام يستطيع أي مواطن أن يسجل اسمه لكي يحصل على نشرات الشرطة، بما في ذلك أوصاف المشتبه فيهم وصورهم.
3 شبكة تحذير المدارس، والتي تسمح بعمل حوارات مع الآباء في حالة حدوث حالات طوارئ مثل حالات إطلاق النار من الطلبة على بعضهم البعض أو على المدرسين مثلما حدث في مدرسة كولومباين الثانوية.
4 نشرة عن الهاربين أو المفقودين أو الجرائم التي لم تحل، وهي نشرة أخبارافتراضية تنشر مع أوصاف وصور، مع إرشادات إلى المواطنين لإرسال المعلومات إلى الشرطة.
استجابة بطيئة
ويقول تيري هالش رئيس شركة «سيتيزن أوبزرفر» موضحا: «قبل تلك المبادرة من الشركة كان مستوى استجابة الشرطة للرد على الجريمة بطيئا؛ فقد كانت تستغرق وقتا في نسخ ملصقات يبلغ عددها مائتي ملصق، ثم بعد ذلك يقوم شرطي بتوزيعها على مراكز مشرفي المناطق من رجال الشرطة لتوزيعها من جديد، وبذلك يكون المجرم قد استطاع الهرب وخرج من الولاية إلى ولاية أخرى بعيدة تماما».
وفي خلال فترة عمل الشركة التي تبلغ ثلاثة أعوام اتصلت الشركة بما يقرب من 130 وكالة شرطية في كل من ولايات مينيسوتا ونورث داكوتا وويسكونسن وإلينوي وميتشيجان وأوهايو وآركانساس وفلوريدا، وقد أبرم ما يقرب من 50 ألف شركةعقوداً للحصول على نشرات الجريمة من أقسام الشرطة مستخدمين خدمات شركة «سيتيزين أوبزرفر»، وعادة ما كانت الشركة تكلف أقسام الشرطة المحلية مبالغ زهيدة للغاية أو لا تحصل على نقود على الإطلاق، لأن الشركات المحلية عادة ما تقوم بتغطية تلك النفقات عن طريق الدعاية للشركة أو عمل روابط لها على مواقع الإنترنت.
ويقول هالش: «إن هدفنا أن تمتد خدماتنا عبر الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يشترك معنا ما يقرب من 5 آلاف مركز شرطة وملايين الشركات في السنوات الثلاث المقبلة».
مستقبل واعد
وحتى بدون تعاون الشركات في مجال مكافحة الجريمة، فإن أقسام الشرط الأخرى اكتشفت المستقبل الواعد للإنترنت في مجال مكافحة الجريمة، ومايكل كناب رئيس قسم شرطة في واشنطن بضاحية «ميدينا» لم يسمع قبل ذلك عن برنامج سيتيزن أوبزرفر، وهو مسؤول عن حي سكني يقطنه الأغنياء، ولكن منذ سنتين تبنى كناب فكرة جديدة عرضها عليه أحد السكان وهي عبارة عن عمل قائمة بريدية ترسل رسائل تحذيرية إلى السكان، وبذلك استطاع أن يرسل رسائل بريد إليكتروني إلى 1200 مشترك في قائمته من ضمن سكان الضاحية. وكناب معجب بقـــدرة نظامه Elerts على إرسال رسائل مخصوصة إلى بعض الأحياء ليخاطبهم بشأن مشكلة خاصة بذلك الحي، فإذا ما تكررت سرقة دراجات من شاـرع «إلم» على سبيل المثال الذي يقع بين التقاطع الأول والثالث، يقوم البرنامج على الفور بإرسال رسائل تحذيرية لقاطني العمارات السكنية في تلك المنطقة فقط. ويقول كناب: «لقد أدى ذلك إلى إحداث تغير في العمل الشرطي، وذلك لأننا أشركنا سكان الحي معنا في الجريمة، وتناقشنا بشأن المشاكل التي تواجهنا في مدينتنا، وعندما ينجح رجل الشرطة في إقامة حوار مع المواطنين، فهو بذلك يكون أكثر كفاءة في عمله». كما أقام برنامج E lerts حوارا مع السكان مما مد ضباط الشرطة بمعلومات قيمة بشأن الكيفية التي ينظر بها المواطنون إلى عمل رجال الشرطة. وبيل بيرجر رئيس شرطة من نورث ميامي بيتش بولاية فلوريدا، والرئيس السابق للرابطة الدولية لرؤساء الشرطة، يعتقد أن الإنترنت في حد ذاته يعتبر مشجعا كبيرا للمواطنين للمساهمة في العمل الشرطي بصورة لم تحدث من قبل. ويضيف: «في الكثير من الأحيان لا يريد الناس التورط في عمل مثل ذلك ولكن شيئاً ما في طبيعة الإنترنت التي لا تكشف عن الأشخاص تجعل مساهمة المواطنين أسهل؛ فيمكنهم إرسال معلومات عن طريق البريد الإليكتروني، ويقولون لنا فقط: (انظروا هنا، افحصوا هذا المكان) وعادة ما يكون ذلك بمثابة ستار بين المواطن والشرطي ومستوى أبعد وأكثر أمانا للمواطنين»، واليوم هناك ما يقرب من 3 آلاف شركة و10 آلاف مواطن يستخدمون هذه البرامج ، ويقول برجر إن ضباطه يستخدمون الإنترنت في عملهم، ويضيف: «هؤلاء الضباط أصبحوا يفضلون الآن حاسباتهم المحمولة على أسلحتهم الخاصة».
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|