شهد قطاع الاتصالات السعودي خلال الآونة الأخيرة عددا من المتغيرات التي فرضتها الأوضاع المحلية من حيث زيادة عدد السكان وما يترتب عليه من نمو الطلب على خدمات الاتصالات، أو الظروف الدولية الراهنة ولا سيما مع اتساع الرقعة الجغرافية لمنظمة التجارة العالمية، إضافة للانتشار والتنوع والتطور المستمر لتقنيات الاتصالات الحديثة التي تضرب بمصطلح المحلية عرض الحائط.
وقد حاولت الحكومة جاهدة ملاحقة هذه التطورات منذ أكثر من عقدين، عبر عدة مراحل مرت بها سوق الاتصالات وأدت إلى هيكلة شاملة لهذا القطاع الحيوي والحساس، وخاصة في التقنيات والخدمات بكل ما يرتبط بها من نواح فنية وقانونية.
مراحل
ولإدراك الأبعاد الحالية والمستقبلية لسوق الاتصالات وتأثير السياسات التي تتبعها الدولة على وضعية ونوعية الخدمات المقدمة، يجب التعرف على المراحل التي مر بها هذا القطاع وهي كالتالي:
وزارة البرق والبريد والهاتف: أنشئت عام 1345هـ في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - تحت اسم مديرية البرق والبريد والهاتف وكانت تتبع وزارة الداخلية ثم انضمت لوزارة الاتصالات حتى استقلت بوزارة خاصة عام 1395هـ.
إنشاء شركة الاتصالات السعودية
تم فصل قطاع الهاتف والبرق عن وزارة البرق والبريد والهاتف وإنشاء شركة الاتصالات السعودية كشركة مساهمة لتشغيل وإدارة هذا القطاع وذلك عام 1996م، وقد بدأت أعمالها الفعلية عام 1998 من خلال تقديم خدمات الهاتف الثابت والجوال والانترنت ونقل المعلومات.
إنشاء وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات
تم ذلك من أجل قيامها بالدور الرقابي والإشرافي على هذا القطاع وتنظيم العمل، بعد أن بات الاعتماد الرئيس على الإنترنت ووسائل الاتصال في شتى المجالات.
التخصيص
تبنت الحكومة استراتيجية الخصخصة لرفع كفاءة الاقتصاد الوطني وتشجيع القطاع الخاص ورأس المال الوطني والأجنبي للاستثمار محليا، وبدأت تنفيذ هذه السياسة بشركة الاتصالات وذلك من اجل إعادة هيكلة وتصحيح الاقتصاد الوطني والنهوض بالقطاعات الأخرى، ورفع مستوى الإنتاجية والأداء، وإنعاش السوق، وتقديم خدمات الاتصال المتنوعة.
إنشاء هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات
تم إنشائها منذ حوالي سبع سنوات بغرض تنظيم قطاع الاتصالات والمعلومات تشريعيا، ومواكبة عملية الخصخصة والمنافسة، وأيضا لمزيد من الأمان بالنسبة للمستثمرين.
منافسة
تتمثل أهمية المنافسة في توفير خدمات اتصالاتية ومعلوماتية بمواصفات عالية وأسعار مناسبة تغطي جميع أنحاء المملكة من خلال تفعيل قانون العرض والطلب، والمساهمة في تأسيس البنى التحتية اللازمة لشبكات الاتصال الحديثة، إضافة إلى بناء قطاع تقنية المعلومات ونشر الانترنت.
كما أنها تساعد الشركات في زيادة كفاءتها وتنفيذ المشروعات الضخمة والحصول على أفضل الخبرات لتقديم مستوى جيد ومرض من الخدمات.
وقد بدأت المنافسة بترخيص خدمات الانترنت، ثم خدمات الاتصالات الشخصية المتنقلة عبر الأقمار الصناعية، تلتها الفيسات التي منحت لأربع شركات والجوال والبيانات التي منحت لشركتين والهاتف الثابت.
وكانت أولى التراخيص التي قدمتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات هي خدمة الفيسات التي منحت لأربع شركات سعودية، والفيسات عبارة عن خدمة لنقل المعلومات والبيانات والاتصالات من خلال الأقمار الصناعية عبر أطباق استقبال ذات أقطار صغيرة، وتتوجه بالأساس لخدمات قطاع الأعمال والمؤسسات التعليمية، وتهدف لتوصيل خدمات الاتصال حال انقطاعها وتوصيل المناطق النائية بالخدمات الاتصالية والمعلوماتية دون مد شبكات أو أسلاك كما تمنح الفرصة للتواصل بين الشركات العملاقة وفروعها في أي مكان.
ومن أحدث الرخص رخصة البيانات التي تم منحها من قبل الهيئة إلى شركتين هما: اتحاد (بيانات الأولى لخدمات الشبكة)، واتحاد (بين) بهدف تقديم خدمات المعلومات والبيانات.
مواجهة
منذ مرحلة الإعداد لتنفيذ تلك الاستراتيجية الخاصة بالمنافسة والتخصيص تحاول شركة الاتصالات التحضير لهذا الاستحقاق الهام عبر عدد من الخطط أهمها:
استكمال مشروعات توسعة وتطوير وتحديث الشبكات، العمل على تطوير المنتجات والخدمات المقدمة للعملاء، تطوير قدرات ومهارات الموظفين والكوادر بالشركة، إعادة هيكلة الشركة إداريا، تطوير البنى التحتية وتزويدها بتقنيات الاتصال الحديثة، توفير الخدمات الإضافية وخدمات ما بعد البيع والاهتمام بها بشكل كبير، استخدام برامج لتطوير الأنظمة والبنية الهيكلية، محاولة تخفيض أسعار الخدمات المختلفة.
وسعت الشركة الى تبني أحدث الحلول التقنية وبناء قطاع المعلومات ونشر ثقافة الانترنت وتأسيس البنى التحتية اللازمة للحكومة الالكترونية والاقتصاد المعرفي إضافة إلى تقديم الحلول التقنية والخدمات ل(موبايلي) والمشغل الثالث.
المشغل الثاني
جاء إعطاء رخصة المشغل الثاني للجوال لشركة اتحاد اتصالات (موبايلي) ليعطي إشارة واضحة على جاذبية قطاع الاتصالات للاستثمارات الدولية الذي يتوقع له الخبراء نموا لأكثر من 10سنوات.
وبالفعل أسهم وجود الشركة الثانية للجوال بتطوير وتحسين مستوى الخدمات وزيادة مساحة انتشارها وتخفيض أسعارها، وتوفير فرص العمل للشباب، وإنعاش الاقتصاد الوطني، وتعزيز الشفافية والمحاسبة ودعم سوق الأسهم، والتأثير المباشر وغير المباشر على التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية، وكذا الإسراع في التحول إلى المجتمع المعلوماتي.
إلى أين؟
يؤكد الخبراء أن قطاع الاتصالات السعودي سوق واعدة ينتظرها نمو مضطرد خلال السنوات المقبلة، تثري المنافسة فيه قوة الاقتصاد الوطني بشكل عام وقطاع الاتصالات بشكل خاص، مما ينعكس بشكل ايجابي على المستخدمين والشركات مقدمي الخدمة على حد سواء.