المعلوماتية تفتح أبواب مكافحة الإرهاب ونقص التعاون الدولي يغلقها
|
نهاية عام 2001 حجز محمد عطا، الذي يشتبه انه كان قائد هجوم 11 ايلول في نيويورك بطاقتي طيران من بوسطن إلى لوس انجلس من مقهى انترنت يدعى (كينكوز) في هوليوود في فلوريدا. وفي اليوم التالي اشترى حمزة الغامدي السعودي المتهم أيضاً بالانتساب إلى (القاعدة) بطاقة طيران من بوسطن إلى لوس انجلس لليوم نفسه من مقهى الانترنت عينه.
وبعد ذلك بيوم واحد استخدم شقيقه احمد الغامدي بطاقة الاعتماد نفسها لشراء بطاقة درجة أولى على الرحلة ذاتها. واعطى ستة من منفذي عملية 11 ايلول 19 رقم هاتف محمد عطا كرقم اتصال لهم. وبذلك استخدم المتهمون بتنفيذ الهجوم شبكة الانترنت وشبكة الاتصالات الخليوية في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذه المعلومات التي كانت موجودة بين مليارات المعطيات الاخرى على الانترنت وبيانات قواعد معلومات الهاتف النقال المراقبة من جانب وكالات أمنية أمريكية عدة، لم تصل إلى المعنيين لأنهم لم يعرفوا بوجودها أصلاً.
وكان يمكن كل هذه المعطيات أن تشكل اشارات إنذار تتيح لأجهزة الأمن تعقبهم واعتقالهم.
وعملية (الربط بين النقاط) هذه تستلزم في مرحلة اولى جمع اقصى كمية ممكنة من المعطيات، ثم المقارنة بينها من خلال برامج وعمليات معلوماتية معقدة. وليس من السهل رصد معلومة مهمة في سيل هائل من المعطيات. ويقول بعض الخبراء: (ما ننجح في القيام به هو رصد معلومات تعود بشكل منتظم، غير انه من الصعب جدا العثور على حدث فريد غير متكرر).
ولتحقيق تقدم في مجال (تصفية) الكم الهائل من المعلومات والمعطيات اعتمد ضباط وكالة التحقيقات المركزية CIA على أنظمة عدة منها (آكل اللحوم) Carnivore لتنفيذ مشاريع (التنقيب في المعطيات)..
أحداث 11 ايلول 2001 وعن تجارب (التنقيب في المعطيات) يقول خبراء معلوماتيون انه قبل حوادث 11 ايلول اكتشف ضابطان في الاستخبارات العسكرية بعض المعلومات المتصلة بالتحضير للعمليات، بفضل برنامج سري معروف باسم (خطر عظيم) يقارن بين ملايين المعلومات والملفات، غير انه لم يتم نقل المعطيات إلى الاشخاص المناسبين.
ويضيف الخبراء (ان التكنولوجيا الحديثة فتحت امام المجرمين والإرهابيين احتمالات جديدة فتاكة) وأن (السلاح الدفاعي الوحيد تقريباً الذي ولد خلال نصف القرن المنصرم هو تكنولوجيا المعلومات، اي قدرتنا على رصد الأعمال المؤذية إلكترونيا قبل وقوعها. ما زلنا في بدايات هذا النوع من الأنظمة لكنها لم تعد من نسج الخيال العلمي. أجهزة الاستخبارات تحسن مسح عدد معين من الملفات لرصد عناصر محددة. انها عملية معتمدة، ولو انه من الطبيعي الا يتحدثوا عنها كثيرا). لكن من جهة أخرى تسبب (جماعات الضغط) والمطالبون بوضع تشريعات لما يصفونه (انتهاكات لحقوق الإنسان) بتعتيم وكالات الأمن على برامج التجسس والمراقبة التي تجريها.
ومن المعروف أن وزارة الدفاع الأمريكية اضطرت عام 2002 إلى التخلي رسمياً عن برنامج بعنوان (اليقظة التامة للمعلومات) Total Information Awareness كانت تطوره بعدما كشفته الصحافة، غير أن الإدارة الأمريكية اقرت بأن 131 نظاماً على علاقة ب(التنقيب في المعطيات) كانت تستخدم عام 2004 لدى 52 وكالة فدرالية.
معايير وتشريعات
وتطالب جهات عالمية عدة بوضع معايير للرقابة والتجسس على المعلومات الشخصية الخاصة بمستخدمي الانترنت وشبكات الاتصالات الهاتفية والخليوية بغية تحقيق تنسيق دولي فعال لا تسيطر عليه الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي فقط. ولتحقيق تنسيق دولي فعال في هذا المجال يدعو نائب رئيس مجلس إدارة (الجمعية المصرية لمكافحة جرائم المعلوماتية والانترنت) محمد الألفي ضمن مجموعة مقترحات إلى البدء بتبادل المعلومات والخبرات بين الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب عبر الانترنت في دول العالم كلها. كذلك نقل التقنية التي تستخدم في الدول المتقدمة في مكافحة الإرهاب عبر الانترنت إلى الدول التي لا تتوافر فيها هذه التقنية. ايضاً، التدريب وتبادل المعدات والاساليب الكفيلة بالتعامل مع المنظمات الإرهابية التي تتخذ من الانترنت وسيلة لمباشرة نشاطها من الدول المتقدمة في مكافحة الإرهاب عبر الانترنت إلى الدول التي لا تتوافر فيها هذه البرامج.
كذلك يدعو الألفي إلى التوسّع في دراسة فكر التنظيمات الإرهابية والتي تبث عبر شبكة الانترنت لنشر فكرة تجنيد الآخرين وتدريبهم وتحريضهم، كي يتسنى للحكومات والجهات المؤسسية المعنية نشر التوعية الصحيحة بالاسلوب العلمي.
وتعزيز التعاون والتنسيق مع المؤسسات الدولية المعنية بمواجهة المشكلة ذاتها، وخصوصاً (الانتربول) لمواجهة كل أشكال جرائم الإرهاب عبر الإنترنت.
والعمل على دراسة المستجدات على الساحة العالمية ومتابعتها في ما يتعلق بعمليات الإرهاب الإلكتروني والتمويل عبر الانترنت، ويدخل في إطار ذلك توسيع الآليات التقليدية للتعاون الدولي على المستوى الجنائي وتطويرها وتحسينها كي تلائم اتساع شبكات الاتصالات عن بعد، وذلك لان الآليات السارية أما لا تنطبق على الجرائم المتعلقة بالإنترنت، أو أنها تنطبق عليها ولكن تنفيذها يتسم بالبطء وكثرة الإجراءات والتعقيدات بما يجعلها غير ملائمة لطبيعة هذه الطائفة من الجرائم.
ويشير الألفي إلى أهمية حض الدول على الانضمام إلى الاتفاقات الدولية الخاصة بمكافحة جرائم الإرهاب عبر الإنترنت، وخصوصاً المعاهدة الدولية لمكافحة جرائم المعلوماتية والإنترنت، والسعي إلى إنشاء منظمة عربية لتنسيق أعمال مكافحة الإرهاب عبر الإنترنت وتشجيع قيام اتحادات عربية تسعى للتصدي لجرائم الإرهاب عبر الإنترنت، وتفعيل دور المنظمات والإدارات والحكومات العربية في مواجهة هذه الجرائم من طريق نظام الأمن الوقائي، والسعي إلى إنشاء شرطة عربية متخصصة بمكافحة الإرهاب الإلكتروني.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|