نظرية آسرة تقوم على الاضطراب
الحوسبة الفوضوية.. تغيير نوعي للعمليات التقليدية
|
* إعداد عصمت نجيب:
هل يمكن أن يكون هناك منطق علمي ناتج عن الفوضى؟ أو منظومة تقنية حديثة ترتكز على الفوضوية؟ نحن الآن أمام تقنية جديدة أخرى.
فعندما نتحدث عن إنشاء أو ابتكار نموذج جديد للحوسبة (أي استخدام الحاسب الآلي), فالحوسبة الكمية هنا لم تعد الشيء الوحيد المثير للاهتمام.
في المؤتمر السنوي لمجتمع الفيزياء الأمريكي والذي عقد في مارس الماضي تحدث ويليام ديتو من جامعة فلوريدا عن محاولاته ابتكار (حاسب فوضوي), وهذا حقاً مثير للدهشة, فالفوضى من الناحية الرياضية ليست شيئاً لا يمكن التنبؤ به, فالأنظمة الفوضوية يمكن أن تتصرف بطريقة يمكن التنبؤ بها وإعادتها. الفكرة هي أن التطور في الأنظمة الفوضوية يعتمد وبمنتهى الحساسية على الظروف في البداية, والتي تؤدي على المدى البعيد إلى سلوك لا يمكن التنبؤ به إطلاقاً, ولكن عند الاختيار الدقيق لهذه الظروف (في البداية) وبترك النظام يتطور لمدة قصيرة فقط, فيعتقد د. ديتو أن بإمكانه ضبط الفوضى لتكون ذات قوة حسابية.
يقترح د. ديتو استخدام (عناصر فوضوية) والتي يمكن أن تكون أنواعاً معينة من الدوائر الكهربائية أو أشعة الليزر أو حتى الخلايا العصبية لتحل مكان البوابات المنطقية التي تعد من أهم وحدات البناء الأساسية للحاسبات التقليدية, والمعلومات المدخلة لكل عنصر فوضوي, كما هو الحال مع عنصر المنطق التقليدي, تستخدم النظام الثنائي أما الصفر أو الرقم واحد فقط, فإذا ما كان ناتج العنصر قيمة تتجاوز الحد الذي اختاره د. ديتو فإن النتيجة تساوي واحداً, بينما إذا كانت هذه القيمة أقل من هذا الحد فإن النتيجة تساوي صفراً, وهذا أيضاً ما يحدث تماماً في بوابة المنطق التقليدية.
الفوضى والاضطراب
في عام 1998 كان للدكتور ديتو ومعاونه سوديشنا سينها من معهد العلوم الرياضية في تشيناي في الهند نظرة أساسية, فقد أظهرا إنه باستخدام عنصر منطق فوضوي يتم اختياره بدقة فإنه يمكن إجراء مختلف العمليات المنطقية (مثل: (و) , (أو)AND , OR ) عن طريق تغيير قيمة الحد, وسيسمح هذا لمصفوفة مكونة من عناصر منطق فوضوية أن تتم إعادة برمجتها بتغيير قيم الحد للعناصر, وبالتالي سيكون هذا مفيداً في الدوائر التي يمكن إعادة تشكيلها وهيكلتها.
وعلى العكس من الدوائر التي يمكن إعادة تشكيلها وهيكلتها والموجودة فعلاً الآن والمستخدمة كمثال في عمل النماذج الأولية, فإن الحاسب الفوضوي يمكن إعادة تشكيله وهيكلته بسرعة عالية بحيث يمكنه القيام بعمليات مختلفة تماماً كل ثانية تحدث فيها مشكلات أو اختلال في النظام, ولن يكون هذا تغييراً كمياً فقط , ولكن أيضاً تغييراً نوعياً عن الحاسبات التقليدية.
وهذا مجرد نقطة بداية فهناك أنظمة فوضوية لها عدة عوامل مختلفة تعتمد على بعضها البعض, وعن طريق التصميم ببراعة للمدخلات والمخرجات والحدود فيمكن لمثل هذه النظم تأدية العديد من العمليات المنطقية المختلفة في وقت واحد وبذلك تقدم وعلى المدى البعيد إمكانية القيام بعمليات حسابية أسرع مما يمكن لعناصر منطق تقليدية القيام بها.
إن النظرية آسرة, ولكن هذه الدوائر ليست فقط نظرية, فقد قام الفريق ببناء عنصر منطق إلكتروني باستخدام مجموعة من المكونات البسيطة مثل المقاومات والمكثفات والتي تتصرف بفوضى واضطرب, وقد قاموا أيضاً بعمل عنصر منطق من زوج من الخلايا العصبية من الديدان ماصة الدماء ووضعها على رقاقة, ويعترف د. ديتو إن هذه التقنية ما زالت في بداياتها مثل الحوسبة الكمية, ولكنها بالتأكيد لها وجود على الرغم من أن العديد من الناس يشعرون أن الحاسبات الحالية فوضوية للغاية بما فيه الكفاية.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
