تقنية الفيديو كونفرنس وسيلة لتواصل المغتربين وفرصة للتربح المغتربون في العالم يستخدمون التكنولوجيا الحديثة للتواصل مع أقاربهم
|
* إعداد - محمد شاهين:
لم تستطع مارثا جارمايو أوسبينا لوهلة التعرف على الوجوه التي ظهرت على الشاشة التلفزيونية, ولكن سرعان ما استطاعت تلك الشخصيات المبتسمة والملوحة بأيديها أن ترسم نظرة إدراك, ثم دهشة, ثم سعادة على وجهها.
(كم هذا جميل) (قالتها مارثا بالاسبانية), بينما أصابها الذهول, وهي تشاهد زوجها جالساً إلى جانبها وعيناه تملاؤهما الدموع.
لقد كان ابن وابنة مارثا اللذان رأتهما آخر مرة منذ أربع سنوات في كولومبيا، وقد كان أيضاً على الشاشة حفيدة ماريو التي لم يرها مطلقاً.
إن مثل هذه اللقاءات العائلية عبر القارات أصبحت مُتاحة من خلال خدمة البث المرئي المباشر أو ما يُسمى الفيديو كونفرنس.
من ناحية أخرى تعد هذه اللقاءات التكنولوجية, تجارة ملائمة تنشأ ببطء في المناطق السكنية للمهاجريين في عدد من دول العالم التي تكتظ بالمهاجرين وذلك بفضل وجود مقاولين مختصين يعملون على توفير احتياجات الفئات المهاجرة متصيدين الفرص لخلق نوع من مصادر الربح من خلال الروابط والعلاقات الأسرية.
وقد افتتح فرناندو روجارز وهو مواطن كولومبي عاش في أمريكا لمدة 25 عاماً مركزاً لخدمات الفيديو كونفرنس على شاطئ الخليج منذ ثمانية أشهر، وذلك بعد أن ظل يخطط لذلك لمدة عام ويحلم لمدة أعوام.
كما قام باستثمار مئات الآلاف من الدولارات, ليقوم بترتيب التسهيلات اللازمة في الولايات المتحدة, والعديد من الدول التي تتحدث الإسبانية.
هذا وتعتمد تكلفة هذه اللقاءات بشكل عام على البلد التي يُحاول المُهاجر الاتصال بها وعلى يوم الاتصال أيضاً. فقد تصل التكلفة إلى 80 دولاراً للساعة الواحدة للاتصال من أمريكا إلى كولومبيا في عطلات نهاية الأسبوع وقد تصل إلى 90 دولاراً للساعة الواحدة للسلفادور في عطلات نهاية الأسبوع, و120 دولاراً للساعة الواحدة للاكوادور في أي يوم.
بعد ذلك تذهب الفاتورة إلى أي من الأطراف المشاركة في اللقاء المرئي.
وفي حالات عديدة, يقوم أكبر شخص في الأسرة بجمع كل العائلة في إحدى المدن التي تحتوى على مركز للفيديو كونفرنس ليلتقوا بذويهم المغتربين في بلاد أخرى.
وحتى الآن, وبالرغم من حصولة على من 15 إلى 20 زبوناً في الأسبوع, إلا إن روجرز (أحد الموفرين للخدمة في أمريكا) لا يُحقق أي مكسب.
ولكنة مُتفائل ويعتمد على الاعلانات المطبوعة باللغة الإسبانية والاعلانات التلفزيونية الاسبانية, ليزيد ويتوسع في عمله, بينما ينتقل الكلام ببطء بين الناس.
يقول أحد المحللين في هذه الصناعة: إنه لا يوجد إحصائيات كثيرة عن استخدام المهاجريين للفيديو كونفرنس, ولكن التقارير تُشير إلى أن زيادة أسعار المعدات قد ساعدت على رفع هذه الكنولوجيا إلى مستوى يفوق مستوى وضعها في غرف التحكم في الشركات, وبرغم ذلك تظل تكلفة هذه الخدمات باهظة.
هذا ويستخدم الكثير من المُهاجريين كاميرات الإنترنت, وأجهزة الفيديو الأخرى في المنزل, وعادةً ما يستخدمون خدمات الحديث التلفزيوني المجانية التي تُقدمها شركات الإنترنت الكُبرى, كشركة ياهوو على سبيل المثال.
إلا أن سوء نوعية الخدمة, ناهيك عن إمكانية عدم وجود أجهزة كمبيوتر جيدة في منازل المتصل بهم, تعد من بعض أسباب اتجاههم إلى تلك المراكز.
يقول هارولد جيرمان, مدير تسويق لشركة IVCI : إن شركته التي تُقدم خدمات الفيديو كونفرنس تتلقى تساؤلات متزايدة من عملاء مثل روجرز عن كيفية عمل وصلة الفيديو كونفرنس عبر القارات.
ويقول جيرمان: إن نيويورك وكاليفورنيا تعتبران من أكثر الأماكن استخداماً لهذه الخدمة.
هذا ويمكن لخدمة التواصل من خلال المراكز ذات الملكية الفردية, والمراكز المشتركة أن تغطي منطقة أمريكا اللاتينية بالتعاون مع مكاتب في بلاد تلك المنطقة مثل فنزويلا وبيرو والأرجنتين وجواتيمالا, وهوندوراس والمكسيك وإسبانيا، إلى بجانب الاكوادور وكولومبيا والسلفادور وكوستا ريكا.
كما تقدم شركة اميجو لاتينو, وهي شركة أخرى من شركات الإمداد بخدمة الفيديو كونفرنس خدماتها داخل الولايات المتحدة, في مدن مثل سان فرانسسكو وشيكاغو ولوس انجلوس.
وجدير بالذكر أن خدمة الفيديو كونفرنس تحل لدى الكثير من المُهاجرين محل الزيارات التي لا يمكنهم إتمامها قبل وضع الولايات المتحدة إجراءات صارمة على الدخول والخروج للأجانب.
حتى المُهاجريين الشرعيين, غالباً ما ينتظرون لسنوات عديدة للحصول على الإقامة الدائمة والجنسية، أو ربما يكونون غير قادرين على مُغادرة الولايات المتحدة لأسباب قانونية أو مالية.
يقول دوجلاس ماسى أستاذ علم الاجتماع والعلاقات العامة في جامعة برينكتون عن الفيديو كونفرنس: إنه أصبح طريقة تكنولوجية, تُمكن المهاجريين من الاستمرار من القيام بأدوار مباشرة في حياة عائلتهم والمحافظة على التواصل المستمر معهم في وطنهم الأصلي.
ويحكي روجرز أنه في إحدى المرات حضر إليه زوجان قد أتما عقد قارنهما للتو, وجاؤوا إليه بلباس العرس ليعرضاه على الأهل والأصدقاء في بلدانهم, ولكى يتعارفوا على أفراد العائلة الجدد. يقول روجز: إن التيلي كونفرانس ثلاثي الأبعاد, قد سمح لكل من العائلتين في كولومبيا والإكوادور من مقابلة بعضهم البعض.
ويعلق روجرز على ذلك قائلاً: معظم الناس يخرجون من هنا باكيين وأنا أبكي أيضاً، إننا نقول: إن لدينا زبائن سُعداء, لأنهم جميعاً يخرجون باكين.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|