التدريب والكفاية الإنتاجية للقوى البشرية
|
*إعداد: د. زيد بن محمد الرماني:
إنَّ من المهم أن تكون الإجراءات التي تتخذ للتنمية على المدى القصير متسقة مع إجراءات المدى الطويل، ويصدق ذلك على تنمية الموارد البشرية كما يصدق على غيرها؛ ذلك أنَّ خطط التنمية ذات مدى زمني قصير ومتوسط وطويل، ولاب د من التفكير في هذه الأنواع الثلاثة من الخطط عند رسم سياسة مثمرة للتنمية.
ففي المدى القصير، تكون حصيلة نظام التعليم محددة إلى حد كبير، كما أن مشكلات القوى البشرية والتعليم والتدريب تكون أيضاً محددة بدرجة كبيرة.
ومن الواضح أن زيادة الكفاية الإنتاجية للقوى البشرية والتخلص من أعناق الزجاجات المعطلة للتنمية يستلزمان التركيز على الإجراءات التي تكفل رفع مستوى القوى البشرية العاملة فعلاً وتوزيعها بصورة أفضل.
ولهذا، يتعين على المخطط من الناحية المنطقية أن يبدأ باستقصاء مختلف الإجراءات الكفيلة بتحسين التدريب أثناء الخدمة في مؤسسات العمل الرئيسية، وهذا يتضمن تحديد فئات القوى البشرية التي تشتد الحاجة إلى تدريبها واستخدام المدربين المهرة من داخل المؤسسات أو خارجها للقيام بهذا التدريب.
ويُعدُّ تعليم الكبار والتربية الأساسية المتصلة بتنمية المجتمع من الميادين الجديرة بالتقويم المستمر، فمن الواضح أنهما في المدى القصير وسيلة أسرع وأكثر فعالية للقضاء على الأمية، كما أنهما في المدى الطويل يتسقان مع التوسع في التعليم الابتدائي؛ إذ لو أمكن محو أمية الكبار وتحريرهم من المعتقدات والخرافات التقليدية فإنَّ ذلك يساعد على تحسين البيئة التي يتعلم فيها أطفالهم.
وإذا أمكن عن طريق برامج تنمية المجتمع وما يرتبط بها من التربية الأساسية جعل أهل القرى يشاركون في التنمية مشاركة إيجابية فإن اتجاهاتهم سوف تكون أكثر مناصرة لسائر الإجراءات الخاصة برفع مستوى كفاية الموارد البشرية.
وثمة إجراء ضروري هو إعادة النظر في نظام المرتبات وحوافز العمل وتعديلها بالصورة الملائمة التي تكفل تشجيع إقبال القوى البشرية العالية المستوى على المهن التي تشتد إليها الحاجة.
وهنا نجد أمامنا نطاقاً واسعاً من الحلول البديلة مثل: توفير السكن، ومنح العلاوات التشجيعية المؤقتة، وتغيير أول مربوط الدرجات، وفتح مجالات الترقية، وتوفير فرص التدريب، وهذه المهمة - لا شك - معقدة ولها حساسية، ولكنها على جانب كبير من الأهمية في سائر خطط التنمية.
إذن، تلك بعض الإجراءات التي ينبغي أن تأتي على رأس الأولويات في التخطيط القصير المدى للتنمية، وهي تبشر بتحقيق أسرع عائد وبتقديم أقصى قدر من الإسهام في التنمية المباشرة.
كما أنها تتطلب نفقات محلية باهظة ولا تحتاج إلى الكثير من النقد الأجنبي، وهي فضلا عن ذلك لازمة لإرساء الأساس المتين للتخطيط الطويل المدى، ومع كل ذلك فإنها لم تظفر في الواقع إلا بالقليل من اهتمام أصحاب النموذج الاقتصادي.
ومجمل القول أنه ينبغي تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي يبدو أنها قد انتشرت في أوساط المشتغلين بالتخطيط، وأول هذه المفاهيم الخاطئة أن تخطيط الموارد البشرية هو بالدرجة الأولى عمل إحصائي يستهدف تقدير أعداد الأشخاص الذين تحتاج إليهم البلاد لتنفيذ البرامج التنموية التي وضعت دون دراسة سابقة لمشكلات القوى البشرية أو التعليم.
والواقع أنَّ الكثير من إجراءات تنمية الموارد البشرية في الخطط القصيرة والمتوسطة المدى لا تتصل بالأعداد إلا قليلاً، وإنما ترتبط بطرق التعليم والتدريب ونوعيتهما وبتحديد الجهات التي تقع عليها مسؤولية رفع مستوى كفاية القوى البشرية.
وثاني المفاهيم الخاطئة أن التخطيط لتنمية الموارد البشرية لا يصلح إلا في حالة التخطيط الطويل المدى بسبب طول الوقت اللازم للتعليم.
والصحيح أن تخطيط الموارد البشرية لا يقل أهمية في المدى القصير عنه في المدى الطويل، وأن نجاح السياسات الطويلة الأجل يتوقف على ما سبق اتخاذه من الإجراءات السليمة في المدى القصير.
ختاماً أقول: ليس ثمة سبب سليم يبرِّر عدم إمكان إدماج تخطيط الموارد البشرية في الأطر المنهجية للتخطيط العام للتنمية.
*المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
عضو الجمعية السعودية للإدارة
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|