من أجل حاسب أكثر هدوءاً..
مكافحة الضوضاء بالضوضاء
|
إن الأزيز الذي يصدر عن مروحة تبريد الحاسب الآلي يعد مصدر إزعاج للكثيرين في بعض الأحيان. ولذا فقد اتخذ أستاذ جامعي بجامعة بيرجهام يونج خطوات عملية من أجل القضاء على هذه الضوضاء عن طريق إنتاج ضوضاء بكميات محددة تصدر عن سماعات صغيرة تحيط بالمروحة.
* إعداد أمجد الجباس:
يقول البروفيسور سكوت د. سومرفيلدت عالم الفيزياء الذي قام بالاشتراك مع طلابه بالتوصل إلى اختراع إسكات الضوضاء:(إننا نُُسكت الضوضاء بالضوضاء)، مضيفاً إنها أحدث تطبيقات تقنية (خفض الضوضاء النشطة) أو إسكات الضوضاء والتي يتم تطبيقها على نطاق واسع في سماعات الأذن التي تستخدم لحجب الطنين الناتج عن المحركات.
حيث تقوم السماعات التي وضعها سومرفلد بإنتاج موجات صوتية موازية للأزيز الناتج عن مروحة الحاسب وبهذه الطريقة يلغي كل منهما الآخر، الأمر الذي يؤدي إلى خفض ضوضاء مروحة الحاسب.
النظام الذي ابتكره سومرفيلدت يقوم على وضع أربع سماعات متناهية في الصغر بالإضافة إلى أربع ميكروفونات على شكل حلقة تحيط إحاطة تامة بمروحة الحاسب، تقوم هذه الميكروفونات بالتقاط الضوضاء الناتجة عن المروحة وبالتعامل رقمياً مع هذه الإشارات تقوم السماعات متناهية الصغر المحيطة بالمروحة بإنتاج إشارات مضادة، والنظام بأكمله لا يشغل مساحة أكثر من المساحة التي تشغلها مروحة الحاسب.
وتقنية إسكات الضوضاء شهدت تطورات كبيرة على مدار الخمسين عاماً الماضية في العديد من المنتجات من بينها سماعات الرأس والميكروفونات والسماعات.
والهدف الذي كان الدكتور سومرفيلدت يسعى خلفه بهذا الاختراع لم يكن هدير الطائرات النفاثة، لكنه كان ذلك الطنين الخفيف الذي يصدر عن بعض الأجهزة المكتبية في مقار الأعمال والتي قد تشكل إزعاجاً للكثيرين منا.
وللتوصل إلى مثل هذا النظام كان لابد من قياس الضوضاء الصادرة، وفي هذا الصدد كان يستلزم الأمر بالنسبة لبعض أنظمة إسكات الضوضاء وضع ميكروفونات وأجهزة ذات صلة في منتصف غرفة ما من أجل قياس معدل الإسكات المطلوب إنتاجه.
لكن دكتور سومرفيلدت أراد أن يضع هذا النظام داخل جهاز الحاسب الآلي ذاته، بحيث تكون هذه التقنية المبتكرة إحدى الخواص الإضافية التي يمكن طلبها عند شراء أجهزة الحاسب في المستقبل.
وقال الدكتور سومرفيلدت:(إن الفكرة كانت غير منطقية وصعبة التطبيق في بادئ الأمر، فوضع مثل هذا النظام داخل جهاز الحاسب الآلي يمكن أن ينتج ضوضاء أكثر من الطنين الناتج عن مروحة الحاسب والذي تم تصميم النظام أساساً من أجل إسكاته).
وللتغلب على هذه المشكلة قام الدكتور سومرفيلدت والفريق العامل معه بتصميم هيكل خارجي للحاسب من معدن الألومنيوم يضاهي تماماً الهياكل الخارجية المنتشرة حالياً وقام بتثبيت مروحة حاسب نموذجية بداخله، وقام وفريق العاملين معه بوضع سماعات وميكروفونات حول المروحة، وذلك بهدف التعرف على نوع الضوضاء الناتجة ومن ثم البدء في تصميم البرامج التي تستطيع إسكاتها.
الاستعانة بأدوات استشعار
ويقول البروفيسور جيرالد سي. لوشيل أستاذ علم الصوت بجامعة ولاية بنسلفانيا وزميل البروفيسور سومرفيلدت:(إن المروحة مصدر للضوضاء يصعب إسكاته، حيث تتفاعل بداخلها عدة تقنيات تنتج هذه الضوضاء مما يجعل من الصعوبة بمكان التوصل إلى طريقة لإسكاتها).
والأصوات التي قرر البروفيسور سومرفيلدت أن يتصدى لها هي تلك الناجمة عن ريشات المروحة عند دورانها لدفع الهواء، ذلك الدفع الذي يتوقف على عدد الريشات وعدد مرات دورانها.
وتم خلال التجارب الاستعانة بأدوات استشعار تم وضعها بالقرب من ريشات المروحة لتسجيل الحركة، بالإضافة إلى البيانات التي سجلتها الميكروفونات الموضوعة لقياس إجمالي الضوضاء الناتجة.
وعن طريق معادلات حسابية معينة قام الفريق بتطويرها يتم تقدير قوة الموجات الصوتية التي يتعين إنتاجها لمقاومة الضوضاء الناتجة عن المروحة ومن ثم إسكاتها. وللتوصل إلى النموذج الأفضل قام فريق العمل بتصميم أكثر من نموذج حسب عدد السماعات، باستخدام سماعة واحدة أو سماعتين أو ثلاث سماعات حول المروحة، وبعد عدة تجارب وجد فريق العمل أن التصميم ذو الأربع سماعات التي تحيط إحاطة كاملة بالمروحة من جميع الجوانب كان هو الأفضل. ثم قام الفريق بقياس الخفض الذي تحقق في الضوضاء عند المروحة وعلى بعد مسافات منها. وخلال التجارب قام الفريق باستخدام أنواع مختلفة من المراوح ذات أحجام مختلفة من الريشات، وكان الحجم الأصغر هو الأفضل بالنسبة لهم إذ مكنهم من وضع النظام بأكمله في مساحة صغيرة لا تتجاوز المساحة التي تشغلها مروحة نموذجية، وبالفعل نجحت التجربة وأمكن خفض الضوضاء بمقدار يتراوح بين 1020 ديسيبل.
واعتبر البروفيسور لوشيل النتيجة التي توصل إليها البروفيسور سومرفيلدت نتيجة مدهشة باعتبارها اعتمدت على أسلوب جديد في التصدي للضوضاء الناجمة عن دوران ريشات المروحة.
الإزعاج أم التكلفة؟!
وعلى الرغم من أن هذه الطريقة لم تتخلص من الضوضاء الناجمة عن المروحة كلياً، إلا أنها خفضت من حدتها بشكل كبير وملموس. وفي هذا الصدد ذكر البروفيسور سومرفيلدت أن الطريقة التي تم التوصل إليها يمكنها أن تتعامل مع الموجات الصوتية الثابتة المصاحبة لدوران المروحة، وما تزال هناك الضوضاء العشوائية التي لم تتمكن طريقته من التعامل معها، إلا أنه أضاف:(لابد وأن يتم إدخال تحسينات مستقبلية على طريقته في إسكات الضوضاء بحيث يمكنها أن تتعامل مع هذا النوع من الضوضاء).
وعبر البروفيسور روبرت كلارك أستاذ الهندسة بجامعة دّك وخبير التحكم في الضوضاء عن سعادته بالطريقة الجديدة التي توصل إليها البروفيسور سومرفيلدت، مضيفاً:(إن هذه الضوضاء الصادرة عن مروحة الحاسب كانت مصدر إزعاج للكثيرين ومن المثير للإعجاب نجاح هذه الطريقة الجديدة في إسكات هذه الضوضاء بشكل ملموس).
إلا أنه أضاف أنه يتعين علينا الانتظار لنرى ما إذا كان المستهلكون على استعداد لتحمل التكاليف التي ستترتب على إضافة هذه التقنية إلى أجهزة الحاسب الآلي التي ينوون شراءها مستقبلاً، حيث سيحدد ذلك الأمر رغبة المستهلكين من عدمه في اقتناء حاسب آلي أقل إزعاجاً وأكثر هدوءاً.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 