قد يكون البرنامج الوطني الصيني التكنولوجي بطيئاً لكنه مستمر، ويبدو أحياناً ككرة الثلج المتدحرجة، فهو يزداد أهمية وتميّزاً باستمرار كما لو أن لا شيء يستطيع إيقافه.

بهذه الخلاصة سيخرج أي متابع للتطورات في ميدان البحوث التكنولوجية والمعلوماتية الصينية.. ففي ثمانينيات القرن الماضي قدّمت الحكومة الصينية مجموعة برامج للتنمية والبحوث العلمية والتكنولوجية، ثم دعت مجموعة كبيرة من الباحثين والأساتذة الجامعيين إلى تقديم رؤيتهم في مجال التنمية التكنولوجية، وتجاوب أيضا العلماء الذين قدموا ما عُرف يومها بـ(خطة بحوث وتنمية التكنولوجيا المتطورة) وأُطلق لاحقاً على الخطة اسم 863، وتطوّرت الخطة لاحقاً لتصبح خريطة طريق إستراتيجية للتكنولوجيا والعلوم في الصين.. وتضمّنت863 سبعة مجالات تكنولوجية تتعلق بعلم الأحياء، الطيران والفضاء، المعلوماتية والبرمجيات، الليزر، (الأتمتة) Automation، الطاقة والمواد الحديثة، وأُضيف إليها مجال جديد عام 1996 هو التكنولوجيا البحرية.

ونتيجة لتطبيق هذه الخطة الوطنيّة حصلت الصين في الأعوام الخمسة عشر الماضية على نحو 2000 براءة اختراع وحققت أكثر من 56 مليار يوان صيني كقيمة إنتاج مضافة وأكثر من 200 مليار يوان صيني من العائدات الاقتصادية غير المباشرة، وأثرت الخطة أيضاً على تنمية التكنولوجيا الحديثة ما عزّز معدلات نمو كل الصناعات المعتمدة على التكنولوجيا.

في الأعوام العشرين الماضية، خصصت الصين حوالي 33 مليار يوان صيني لتطوير برنامج 863، وتجاوز عدد الذين عملوا في تطوير البرنامج 150 ألفاً، وساهم البرنامج في رفع قدرة الإبداع الصينية عالمياً.

ولم تتوقف التنمية المعلوماتية الصينية عند الخطة 863 فقد تزامنت مع خطط أخرى ركزت أيضاً على التكنولوجيا، ومن هذه الخطط: (الشرارة)، (المشعل) و(التسلق).. وركزت (الشرارة) على التنمية العلمية والتكنولوجية، وبدأ تنفيذها عام 1986.. وهدفت إلى تنمية الاقتصاد الريفي استناداً إلى تطوير العلوم والتكنولوجيا وتعميمهما في الريف لمساعدة الفلاحين.. وحققت (الشرارة) بين عامي 1996 و 2000 أكثر من 281 مليار يوان من الأرباح، أما خطة (المشعل) التي بدأ تطبيقها عام 1988 فترمي إلى الإنتاج اعتماداً على العلوم والتكنولوجيا الحديثة، أي تحويل نتائج الأبحاث منتجات وخدمات.

وتختلف (المشعل) عن 863 لأنها تركز على تسريع تحويل نتائج التكنولوجيا العالية والجديدة إلى خدمات ومنتجات من طريق إنشاء مجموعة من المؤسسات، ومنذ إطلاق (المشعل)، أنشئ حوالى 100 مركز للخدمات (التأسيسية) في 53 منطقة تنموية.. وبالتزامن أطلقت خطة (التسلق) التي بدأ تنفيذها عام 1992، وتهدف الخطة إلى دعم الدولة للأبحاث العلمية الأساسية بشكل متواصل.

وقد حققت هذه الخطة بعض الإنجازات البارزة في الأعوام التسعة الماضية، ومن إنجازات (التسلق) مشروع (الطريقة والنظرية بخصوص الحساب الواسع النطاق للعلوم والهندسة)، و(بحوث نشأة الإنسان في العصور القديمة وخلفياتها البيئية).. وما زالت الطموحات الصينية التكنولوجية مستمرة!