نحو علم إنساني في مجال الإنترنت
|
تعد (الإنترنت) ثورة ثقافية ومادية ذات أبعاد عميقة غيرت مجرى حياتنا اليومية وغيرت طريقة تطبيقنا للأبحاث، وهي في طريقها الآن لتغيير حتى محتوى البحث نفسه.
هذا التغيير الهائل الذي يحدث على مرأى ومسمع من الجميع يجد صعوبة في أخذ المكانة التي يستحقها في الأبحاث العلمية المعاصرة ومجالاتها كما هو الحال في مجالي العلوم الحسية والذكاء الصناعي اللذين يدعوان بدورهما لاستكشاف العلاقات بين النظم الطبيعية والصناعية في التعامل مع المعلومات.
وإذا استبعدنا بعض الحالات المنفردة، نجد أن الجدل الدائر في مجال الفلسفة والعلوم المادية المعاصرة لم يتح الفرصة للإنترنت لكي تكون موضوعا للتفكير الجيد. والنتيجة هي أن تحليل هذه الظاهرة بهذا المدى وهذه الأهمية تجده فقط بين صفوف الحرفيين وفي مجال الخطب الارتجالية.
***
إن طرح هذا الموضوع له هدف مزدوج، فهو يوضح إلى أي مدى يمكن لطريقة البحث في مجال العلوم المادية وتكنولوجيا المعلومات الحديثة أن تتفاعل وتتكاتف لفهم ظاهرة الإنترنت من ناحية. ومن ناحية أخرى يتعرض لمناقشة بعض التجارب الميدانية لمعرفة الحوارات المفروضة كمثال للتفاعل الناجح بين العلوم الإنسانية والتكنولوجيا الحديثة.
حين نريد أن نقرب السؤال عن علاقة العلوم المادية بالتكنولوجيا الحديثة، يتكشف لنا أن هناك نقطتين يمكن من خلالهما ايجاد التفاعل فيما بينهما، كيف أن دخول الإنترنت في الحياة يغير من ممارستنا المادية والثقافية من جهة؟ ومن جهة أخرى، أي من أدوات البحث في مجال العلوم المادية يمكن أن تكون مفيدة لمعرفة مفهوم الإنترنت؟.
وهنا لا بد من استيضاح بعض الأفكار للتوصل إلى تحليل بعض التجارب العملية في مجال البحث في الاتصال الثقافي.
كيف غيرت الإنترنت غيرت عاداتنا المادية والثقافية هل هي ثقافة جديدة؟ إن الأنترنت جغرافيا معقدة مكونة من عدة عناصر منها؛ تكنولوجيا المعلومات، العمل فى شبكة، ومحتوى من الوسائط المتعددة والاتصالات.
هذا التحالف القوي من التكنولوجيات المختلفة له معطيات تكنولوجية، اجتماعية، اقتصادية وثقافية. ولا بد من التركيز على القيمة الثقافية لظاهرة الإنترنت التي أعتبرها الجانب المحوري للتغير الذي نعيشه الآن، والذي قد لا يجذب انتباه الجمهور العريض.
إذاً نجاحات وفشل الاقتصاد الجديد وانتقادات المجتمع الجديد تمر عبر الأنترنت، كما أن التحليلات عن تأثير الإنترنت على المجتمع تتوالى وتتعاقب صعوداً وهبوطاً وفي حالات مختلفة.
رغم أن التأثير العميق الذي يتعذر محوه بسهولة هو أن الإنترنت قد أثر على الثقافة، وعلى الذاكرة والانتقال الثقافي ومع ذلك نجد بأنه لم يحلل تفصيليا الظواهر الثقافية وأنه يستحق اهتماماً أكبر من ذلك: من الممكن ألا يغيير الإنترنت المجتمع ولا الاقتصاد كما كان متوقعا في البدايات؛ لكنه من المؤكد أنه سيغير دائما علاقتنا بالمعرفة والذاكرة الثقافية كما حدث سابقا بالنسبة للثورتين الثقافيتين السابقتين لهذه الثورة وهما الكتابة والطباعة.
في سنواته الأخيرة، كان الإنترنت يشبه باللغة أو الثقافة الجديد وسوف يحتاج الأمر إلى تفسير يوضح إلى أي مدى هذه التشبيهات يمكن أن تستكشف وجهة نظر الأبحاث، وإلى أي مدى يمكن أن تساعد لفهم هذه ظاهرة أكثر والتي يتم تقديرها من الناحية الاقتصادية والاجماعية.
ويبدو أنه من المؤكد من وجهة النظر التاريخية أن الإنترنت هو ثورة ثقافية قبل أن تكون ثورة اقتصادية
أو اجتماعية.
إن اللبنة الأساسية للإنترنت (وضع الشبكات، البريد الإلكتروني..) قد نمت بمعزل عن الاعتبارات الاقتصادية، نمت في بيئات مرتبطة بالدفاع أو البحث العلمى.
وهذا يشرح لماذا يصعب حتى الآن إيجاد مثال اقتصادي للتبادل والاتصالات علي الإنترنت.
الإنترنت ينمو كما تنمو اللغة انه ليس بالشيء الذي يباع أو يشترى ولكن ملكيته يمكن أن تأتي بصورة غير مباشرة بعوائد اقتصادية أو اجتماعية.
البحث عن نماذج اقتصادية لاستخدام الإنترنت مثل البحث عن نماذج اقتصادية لاستخدام اللغة أية لغة كانت. بالطبع أن دراسة اللغة تتضمن أيضا جوانب اقتصادية وتعليمية، لكن اللغة نفسها لا تباع ولا تشترى ويباع. ويبدو من الضروري تحديد الموضوع الذي يجب أن تناوله من جهة اعتبار الأنترنت ثقافة جديدة.
ويعتبر الإنترنت ثقافة جديدة لأنه يضع في متناولنا، أساليب جديدة لتسجيل المعلومات وأساليب جديدة في نفوذ المعلومات وأساليب جديدة في تحصيل المعلومات ومادة ثقافية جديدة.
ويحتاج الأربعة أوجه من ثقافة الانترنت الجديدة إلى تحليل عميق وتوفيقها مع الثقافة من وجة نظر خاصة مع الأخذ فى الاعتبار التطورات المادية.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|