تعتبر المملكة العربية السعودية الدولة الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، إذ تحتل مساحة تعادل تقريبا مساحة أوروبا الغربية، وينتشر سكانها البالغ عددهم 21 مليون نسمة في كافة مدن وقرى المملكة، وقد حققت المملكة خلال السنوات العشرين الماضية، تقدماً هائلاً في شتى القطاعات لم نشهد له مثيلاً في العصر الحديث، وذلك من خلال خطط تنموية طموحة، وقد أعطت الدولة القطاع الصحي أولوية متقدمة من خلال استثمار مبالغ طائلة في بناء التجهيزات الأساسية التي تضم أحدث التطبيقات التشخيصية والعلاجية.
في ظل التقدم الكبير الذي يشهده الطب الحديث، مقروناً بالطلب المتزايد على الأطباء والجراحين المؤهلين، كان لا بد من التفكير بأساليب جديدة وخلاقة تساعد في تحقيق هذا الهدف.
ومن هنا جاءت فكرة تبني الطب الاتصالي بغية النهوض بالجودة النوعية للرعاية الصحية، وتمكين القاطنين في المناطق النائية من الاستفادة من الرعاية الصحية المتقدمة والمتوفرة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بكل يسر وسهولة.
ما هو الطب الاتصالي الفضائي وكيف تطور؟
يمكن تعريف الطب الاتصالي على أنه استعمال وسائل الاتصالات المختلفة مقروناً بالخبرة الطبية، لتقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية والتعليمية للأفراد الذين يقيمون في مناطق بعيدة عن المراكز الطبية المتخصصة.
أثر الطب الاتصالي على العملية العلاجية
يقوم نظام الطب الاتصالي بتمكين أي طبيب في مركز طبي متخصص، كمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، من معاينة ومعالجة مرضى في مواقع نائية ومتعددة، أضف إلى ذلك، أن باستطاعة الأطباء في المملكة إجراء اتصالات مباشرة مع مجموعات من الخبراء في مؤسسات صحية متقدمة في دول العالم على سبيل الاستشارة والتشخيص والمعالجة.
كما يمكن من خلال الطب الاتصالي نقل التاريخ المرضى، والمشاهدات المخبرية، وصور الأشعة السينية وأي معلومات أخرى من ملف المريض بطريقة سريعة كما تسمح هذه التقنية بالحصول على آراء كبار المتخصصين من مختلف أنحاء العالم خلال دقائق أو ساعات.
أنواع الطب الاتصالي
هناك نوعان رئيسيان من أنظمة تقنية الطب الاتصالي:
أ) النظام الثابت (صورة ثابتة): بث باتجاه واحد، يخزن ويرسل صوراً ثابتة، باستخدام وسائط اتصال مختلفة بما في ذلك خطوط الهاتف التقليدية، وباستطاعة هذا النظام مساندة علم الأشعة البعادي، وعلم الأمراض البعادي.
ب) النظام المتحرك (صور متحركة): بث باتجاهين، يستخدم الأقمار الصناعية أو الميكرويف أو النقل عن طريق الألياف البصرية وغيرها من وسائل النقل والشبكات المتقدمة وهذه التقنيات قادرة على مساندة المؤتمرات الحية، بالإضافة لعلم الأشعة البعادي، وعلم الأمراض البعادي وغير ذلك من نشاطات الطب الاتصالي المطورة كنشاطات علم النفس البعادي وتشخيص الأمراض الجلدية عن بعد، وتشخيص أمراض الأطفال والأمراض الجراحية والباطنية الأخرى.
حاجة المملكة للطب الاتصالي
يعتبر مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث مركز إحالة ورعاية متخصص لمرضى وزارة الصحة وغيرها من المؤسسات الصحية، ولقد قام المستشفى خلال السنوات العشرين الماضية بخدمة مواطنين سعوديين كان من المفترض أن يتم علاجهم خارج المملكة لتلقي رعاية متطورة لحالاتهم المرضية المعقدة.
إن معظم الأطباء العاملين في المستشفى، سواء من السعوديين أو غير السعوديين، هم من أصحاب التخصصات الفرعية الدقيقة المكتسبة بالممارسة والدراسة.
مركز الطب الاتصالي بمستشفى الملك فيصل التخصصي
تم تأسيس مركز الطب الاتصالي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لمساندة المتطلبات الطبية الوطنية والدولية.
وتتمثل رسالة هذا البرنامج بتأسيس شبكة الطب الاتصالي السعودي ومساندتها وترسيخها. أما هدف الشبكة السعودية للطب الاتصالي فيقوم على تأسيس مراكز إقليمية للطب الاتصالي مجهزة بالمعدات القادرة على مساندة نقل نشاطات علم الأشعة البعادي، وعلم الأمراض البعادي إلى مركز الطب الاتصالي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في المرحلة الأولى، مع إمكانية الانتقال إلى المؤتمرات الحية في المرحلة الثانية.
كما تم دمج خدمات الطب الاتصالي ضمن ممارسة روتينية يمكن من خلالها نقل صور التصوير المقطعي المحوسب أو بالرنين المغناطيسي أو شرائح الباثولوجيا لقراءتها في مستشفى الملك فيصل التخصصي باستخدام تقنية التخزين والتحريك، وهكذا، يصبح من الممكن التوصل للتشخيص السليم، والحصول على نتائج ذات طبيعة مهنية متقدمة، دون الحاجة لاستقدام أعداد كبيرة من أصحاب التخصصات الفرعية في الأشعة والباثولوجيا للعمل في مستشفيات المناطق المختلقة، الأمر الذي سيمكن وزارة الصحة والمؤسسات الصحية الأخرى من توفير مبالغ مالية طائلة.