منتجات خرافية تسيطر على أسواق الغد اليد الرقمية.. هدية التكنولوجيا لكل المستهلكين
|
يقرر الفيلسوف الانجليزي آدم سميث صاحب الكتاب الشهير «ثروة الأمم» الصادر عام1776 أن «اليد الاقتصادية الخفية» تؤكد لنا أنه إذا ما عملت الشركات من أجل مصلحتها، فإن ذلك سيتواءم أيضا مع مصلحة المجموع أو الفرد، وبتلك القدرة ذاتها، هناك قوة جبارة وحتمية تهيمن على أسواق التكنولوجيا المتقدمة اليوم.. إنها «اليد الرقمية».
وعلى غرار اليد الخفية التي قال بها سميث، فإن اليد الرقمية عبارة عن هدية حقيقية للمستهلك، حيث تؤكد له أنه في انتظار منتجات خرافية بأكثر الطرق ملاءمة، وبكل الأسعار المنخفضة الممكنة، ولكن هناك اختلاف واحد كبير: إن نظرية اليد الخفية تقرر أن الشركات والمستهلكين سيستفيدون في الوقت نفسه.
أما اليد الخفية، فليست مربحة للشركات بالقدر الكافي تقريبا، في الواقع وبصراحة، من الممكن أن تكون اليد الرقمية وبالا على الشركات التجارية.
إذا كنت تريد الدليل على ما نقول، علينا أن نطرح السؤال على صناعة الترفيه، وسنجد الآتي: إن صناعة الموسيقى تؤكد أن مبيعات الأقراص المضغوطة (السي دي) تنخفض بنسبة 16% عاما وراء الآخر، ومن الواضح أن المتهم الرئيسي أمامنا هو التكنولوجيا الرقمية.. وليس جودة الموسيقى، إن المستخدمين لديهم إمكانية مشاركة المحتويات الرقمية دون معرفة هوية أصحابها على الشبكة العنكبوتية الويب، فضلا عن أن الكثير من أجهزة الكمبيوتر الشخصي مزودة بجميع التكنولوجيا التي نحتاج إليها في نسخ عدد هائل من الاسطوانات التي نفضلها، هل تحتاج إلى اسطوانات فارغة؟ اذهب إلى أقرب مركز كمبيوتر وقم بشراء مجموعة لا يزيد سعرالواحدة فيها على 30 سنتا، إن سهولة النسخ لا تتوقف على الموسيقى فحسب، فقد توافرت في الأسواق الآن محركات الأقراص المضغوطة القابلة للكتابة DVD.
التحول نحو التقنية الرقمية
إذا كانت صناعة الميديا تعتب على صناعة الأجهزة بسبب مثل هذه الأدوات التكنولوجية الشريرة التي وصلت ليد المستهلك، فإن عزاءها يكمن في أن الضربة التالية لليد الرقمية لن تكون سوى ضد صناعة الإلكترونيات نفسها.
إن التحول إلى التكنولوجيا الرقمية يزحف حثيثا نحو صناعة الإلكترونيات بالكامل بينما نقوم نحن ببطء بإزالة الميديا والمكونات التناظرية من حياتنا، وبينما يسعد المستهلك بمثل هذه الأنباء السارة، حيث يستفيد من الأسعار المنخفضة التي توفرها له اليد الرقمية، فإن المقابل الذي تجنيه المؤسسات التجارية هوالمنافسة الشرسة، ويعد دخول المصنعين لأجهزة الكمبيوتر الشخصي في مجال صناعة الإلكترونيات مؤخرا هو أحد المؤشرات الواضحة على هذا التحول، وفي العام الماضي، كانت شركة جيتواي في مقدمة المسيرة بمشاركتها المغامرة في سوق التليفزيونات ذات لوحات التحكم المسطحة.
أما هذا العام، فقد أطلقت مشغل أقراص «DVD لاسلكي متصل»، وفي الأسبوع الماضي، دخلت شركة ديل حلبة العرض، واندفعت شركة هيوليت باكارد وأعلنت أنها كانت داخل العرض طوال الوقت، معظم الخبراءلاحظوا بوضوح أن الشركات المصنعة لأجهزة الكمبيوتر الشخصي فقط يمكنها اشتهاء صناعة الإلكترونيات.
ولكن الشركات المصنعة للكمبيوتر التي تدخل السوق ما هي إلا مجرد أعراض لقضايا أكبر تواجهها صناعة الإلكترونيات بسبب التحول إلى التكنولوجيا الرقمية.
الشفرة التناظرية
وكان من نتائج هذا التحول إلى التكنولوجيا الرقمية ظهور قوتين خطيرتين في صناعة الإلكترونيات، وكلاهما لسوء الحظ يقود إلى التحول لاستهلاك السلع، القوة الأولى هي أشباه الموصلات التي يتنامى دمجها لغالبية الخصائص والوظائف التي يستطيع المنتجون تمييز منتجاتهم بواسطتها، إذا كنت تريد أن تصبح مصنّعا للإلكترونيات، عليك الاتصال بإحدى الشركات التالية LSI Logic أو Zoran أوESS Technologyو MediaTek وسوف تقوم بتوفير البضائع التي تحتاج إليها.
أليست لديك معرفة عن دمج الشرائح وتكاملها؟ لا توجد مشكلة، سيصلك نموذج مرجعي للمساعدة، إن معوقات الدخول إلى عالم مزودي الأجهزة سواء أقراص الفيديو الرقمية DVD أو التلفزيونات العالية التعريف HDTV أو الكاميرات الرقمية يقترب بسرعة من الصفر.
أما القوة الثانية، فهي الشفرة التناظرية التي تشكل أساس البضائع الرقمية كافة، إن الحقيقة المؤكدة في الموضوع هي أن معظم البضائع الرقمية إما أن تعمل وإما ألا تعمل، وبذلك تفتقد التواصل الرائع للجودة الذي يكمن في العالم التناظري، ويعود السبب إلى القوة الأولى في أن معظم القيمة المضافة توجد الآن في مستوى شبه الموصّل، إن الموتورات المعقدة والآليات المدعِّمة التي أدت بشكل طبيعي إلى التمييز في الجودة تغيب بعيدا في بطء.
طوفان المنتجات الرهيبة
إن أنابيب التليفزيون التقليدية، التي تم تزويدها عن طريق الضبط بمسارلتمييزها عن غيرها، في الطريق لتخرج من المنافسة بحيث ستحل محلها «عقول» شبه الموصلات مثل شريحة معالجة الضوء الرقيمة DLP لشركة تكساس إنسترومنتس وسنشهد تكالب المستهلكين على أجهزة التليفزيون التي تعمل بشرائح DLP والتي توفر جودة عالية وبربع الثمن، وأخيرا، بالنسبة إلى المدوِّر الخاص بالقرص المضغوط CD أوأقراص DVD حتى، فمن المحتمل تغييره باستخدام إلكترونيات بلا صمامات أو قرص صلب... ومن المرجح ألا تدخل شركة إلكترونيات في تجارة الأقراص الصلبة، والأكثر خطورة من الضغط على مصنعي أجهزة الكمبيوتر الشخصي بالنسبة إلى صناعة الإلكترونيات يأتي من المستوردين الصينيين من أمثال Apex Digital، فشركة WalMart تعلن حاليا عن مشغل أقراص DVD لشركة Apex Digital بسعر 86،43 دولاراً، وله القدرة على تشغيل أقراص DVD وأقراص CD وأغاني MP3، كما يمكنه فك شفرةDolby Digital و Dolby DTS، وله خاصية تدعيم مخرج فيديو S video، فهذا المنتج يعمل جيدا، وهذا هو حال كل المنتجات المنخفضة السعر التي تبيعها شركة أبيكس، وهم قبل أي شيء يستخدمون أشباه الموصلات نفسها التي يستخدمها جميع المصنِّعين، ومن الملاحظ أن أبيكس قفزت تماما إلى أعلى مرتبة في سوق الـ DVD داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ومع زوال التفريق بين المنتجات، فإن مسألة التوزيع ستلعب دورا كبيرا.
وبينما نتأمل مستقبل صناعة الإلكترونيات، فإن اليد الرقمية ستؤكد لنا حقيقتين: الأولى هي أن المستهلكين سيغرقون في طوفان من المنتجات الرهيبة التي يقدرون على شرائها بأسعار رخيصة جدا على نحو لا يُصدَّق، الحقيقة الثانية هي أن الشركات ستغرق في حلقة من العمل الكادح بكل صرامة داخل صناعة تنافسية رهيبة، ولا ننسى أن القائد غير المنازَع في صناعة الكمبيوتر الشخصي هو من يمتلك سلسلة للتدعيم وميزة التوزيع وليس التكنولوجيا.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|