مهلاً عزيزي القارئ (هونجا جاب بونجا) ليس خطأ مطبعياً بل اسم شخص يراسلني بالإيميل من أحد أدغال أفريقيا أو بين جنازير دبابة، يبدأ صديقنا مستر هونجا جاب بونجا (لا أعلم هل اسم جاب بونجا هو اسم العائلة أو اسم أبيه أم الاثنان معاً) بإرسال إيميلات لي يقول فيها إنه في إحدى الدول الأفريقية مختفٍ عن الأعين (شكله هونجا مشهور) ويمتلك خمسين مليون دولار أمريكي (ومليونير أيضاً) إلا أنه من حزب قاد بلاده سابقا وهو ابن لرجل من أكبر القيادات الذي قتل في المعارك، ويرغب في الهروب من البلاد إلا أن الخمسين مليون دولار موجودة لديه ويخشى أن يصادروها منه إذا صادوه في المطار؛ لذا يرغب بتحويل الخمسين مليون دولار من حساب وهمي في افريقيا لحسابي في السعودية وأنه أرسل لي هذا الإيميل نظراً لشهرتي في الخدمات الاجتماعية (مع أنه أكثر خدمة اجتماعية أقوم بها هي شراء التفاح والبقدونس بموجب ورقة احتياجات المنزل من الأهل) وأيضاً نظراً لعلاقاتي الاجتماعية القوية (مع أنه أكثر شخص أجلس معه ونحتسي الشاي والقهوة سوياً هو حارس منزلنا) من أجل ذلك أرسل هذا الإيميل، وأنه إذا حول النقود سيتقاسم معي المبلغ بالمناصفة أي سأحصل على خمسة وعشرين مليون دولار أمريكي بلمح البصر، عندها بدأت أفكر كيف سأستقيل من العمل ولن أطالب بمستحقاتي، وكيف سأدخل على مديري وأحدثه بما يدور بخاطري تجاهه دون الخوف من الطرد، وكيف سأتزوج من الثانية بملكة جمال فنزويلا والثالثة والرابعة أيضاً، وسأقوم بشراء قصر في بلد أوروبي وسأقوم بمساعدة الفقراء والمحتاجين طبعاً مع التصوير (علشان الصحافة تكتب عني المليونير صاحب القلب الحنون) وأكيد أكيد.. لن أضعها في الأسهم السعودية!
سارعت بالاتصال بأحد الأصدقاء وبلهجة جادة قلت له أريدك في موضوع ضروري فتريب صديقي من اتصالي هذا واجتمعنا سوياً وأخبرته بالإيميل فكانت مخيلتي أنه بمجرد أن أخبره بهذا الإيميل أن يصدم ويرفع حاجبيه إلا أنه فاجأني بضحكة كبيرة وقال لي: هو الأستاذ هونجا أرسل لك كمان؟ لقد أرسل لنصف سكان السعودية، وحذرني ألا أعطيه أي رقم حساب لأنه سيسأل عن تفاصيل أخرى في حسابك يستطيع سحب كل نقودك، أي عملية نصب محكمة وأيضاً بها مسئولية قانونية بالمساعدة في غسيل الأموال، فقلت له: هل الأموال تغسل أيضاً!! أنا أعلم أن الغسيل هو للسراويل والقمصان!
فشرح لي صديقي هذا الموضوع فقلت له: دعني أغسل سيارتي أولاً, فضحكت بحزن لتبخر أحلامي وعدت من جديد إلى منزلي ومعي كيلو بطاطا ونصف كيلو هيل وعدت بابتساماتي المجاملة لمديري طمعاً في المكافأة السنوية، وأرسلت للسيد هونجا إيميل ألا يرسل لي مرة أخرى وكتبت له: لعبتكم القذرة مكشوفة (الله يخلي صاحبي)، وإذ بالهاتف الثابت يرن فحدثتني نفسي هل أحد عرف بالموضوع فالمسئولية القانونية أخافني منها صديقي مع أنني لم أفعل شيئا، وإذ الاتصال كان من الخدمة الآلية بالهاتف السعودي تطالبني بسداد الفاتورة حتى لا يتعرض خطي للفصل النهائي, وكانت هذه نهاية قصتي مع الذئب الإلكتروني هونجا جاب بونجا.
فادي إبراهيم الذهبي
fthahabi@hotmail.com