قد تكون المنتديات مصدر قلق للبعض لكنها في الوقت نفسه مساحة خصبة لنشر الوعي والثقافة، وهي بالنسبة للكثيرين وسيلة فعالة ونشطة. فالمنتديات لغة للتواصل وملتقى لطرح الهموم العامة وقضايا الساعة ووعاء للأهداف المشتركة لا تعرف موانع ضيّقة أو عوائق أو حدوداً. كما أن المنتديات وسيله فعّالة كمصدر للمعلومات وهي في الواقع متنفس اجتماعي ووسيلة متطورة للتخاطب بين البشر. وفي محاولة (لنبش) دوافع الكتابة في المنتديات أجرينا الاستطلاع الآتي:

تقول (إيمان) وهي مدرسة في إحدى المدارس الأهليّة: أشارك في هذه المنتديات رغبة مني في الإفادة والاستفادة معا والتزود من العلم والثقافة، فكثير من الفتيات الآن تكتنز عقليات ناضجة، يعرفون قدر أنفسهن وان العلم سلاح ومكانة ترفع صاحبها، ولا شك بأن إبداء الرأي والاستماع إلى الرأي الاخر أحد هذه الأسلحة.

وتضيف إيمان: بالنسبة لي فانني أشارك في المنتديات الثقافية والإسلامية، والشعرية على وجه الخصوص.. فالمنتديات ساحة للرقي بالحس الديني المعرفي، لكني افتقد التخصص واصحاب الخبرة في بعض الاحيان وفي كثير من مجالات الثقافة والمعرفة.

إثبات الشخصية

ولكن (نورة) وهي طالبة فلها رأي آخر، تقول: أشارك في المنتديات رغبة مني في اثبات شخصيتي ووجودي.. وشغلي الشاغل أصبح الإنترنت من خلال مشاركتي في المنتديات والمجموعات البريدية وتضيف: كثير من الشباب في مثل سني نشأوا في أحضان ثقافة الإنترنت ولم تتح لهم فرصة إثبات الذات في عالمهم الواقعي فاتجهوا إلى اثبات ذلك في واقعهم الافتراضي فكانت هذه المنتديات هدفهم لتلك الغاية.

اقفال الفراغ

(داليا) 22 عاماً تقول: أشعر في كثير من الاحيان وخاصةً بعد أن انتهيت من دراستي الجامعية، لذا اتّجه إلى عالم فيه جميع المجالات والتخصصات رغبة مني في توسيع مداركي أيضاً.

القيود النفسية

أما (ريهام) موظفة فتقول: أعاني من ضغط نفسي نتيجة عملي لساعات طويلة ومستمرة، لذلك أشارك في المنتديات وخاصة التي تعطي للمرأة اهتماماً كبيراً، وأجد كثيراً من الحلول للكثير من المشكلات الاجتماعية التي تمس كل أسرة عربية، وعلى صعيد اخر تقول ريهام: أشارك في هذه المنتديات.. وأدلو برأيي في كثير من الاحيان حيث أجد ان الكتابة في المنتديات مثلها مثل قراءة الجرائد ومتابعة الفضائيات كما أني أشارك رغبة مني في التجديد والتنوع أيضا.

مضيعة للوقت

أمّا (منيرة) فتقول بدورها: بكل صراحة لا أجد ما يجذبني في هذه المنتديات فدخولي عالم الحاسوب من أجل التصفح عبر الإنترنت ولا أجد أي متعه في المشاركة في المنتديات، وأعتقد أن التحدث لساعات طويلة في تلك المنتديات مضيعة للوقت وبوابة لاستدراج البعض إلى صداقات مزيفة بالإضافة إلى أنني أجد أن من يشاركون في هذه المنتديات يفرضون اراءهم ولديهم رغبة في اثبات الذات والتفاخر فيما بينهم.

افتقاد التخصص

وتقول (آلاء): بالنسبة لي أرى أن المنتديات وسيلة فعالة للمعلومات ولكن ما يحدث خلف هذا الستار الظاهري هو غياب الهدف والرؤية الواضحة للمواضيع في كافة المجالات مع الاعتماد على النقل والنسخ أكثر من الإبداع والمهارات العقلية المتطورة بالإضافة إلى السطحية وعدم التدقيق في المعلومات والاراء والأخبار، بالإضافة لافتقاد التخصص في بعض الأحيان ولا أقصد من ذلك كل المنتديات بالطبع ولكن البعض منها، ولا أستطيع في النهاية إلا القول بان المنتدى هو أحد أبناء عالم النت.

إشباع نفسي

وتقول (أمل) وهي طالبة: المنتديات هي أرض خصبة للتواصل بين أناس يرغبون في إشباع رغباتهم الاجتماعيّة والحصول على المدح والاستحسان من الآخرين وسماع عبارات الثناء بغرض إشباع النفس، وهي الرغبة الكامنة في نفوس البعض سواء أخفوها أو أعلنوها، ودخول المنتدى يعتمد أولاً وأخيراً على طبيعة الشخص ومستوى النضج وقناعته بذاته فالبعض يسعى وراء تعويض التقدير الاجتماعي الذي لا يجده أو يفتقده البعض في واقع مجتمعاتهم.

وسيلة لحل بعض المشكلات

أما (هدى) فقد كان لها رأى آخر حيث تقول: في ظل هذا الانفتاح الذي نعيش فيه والتنوع في أساليب التفاعل وطريق طرح الافكار وأشكالها المختلفة أصبح من الواجب علينا التفاعل والتواصل مع الشبكة العنكبوتية بسلبياتها وإيجابياتها فهي واقع فرض نفسه علينا ولا مفر منه. ولكنني - تضيف (هدى) - لا أرى الصورة سيئة للغاية بل هي على العكس من ذلك فمشاركتي في المنتديات تحقق لي الفائدة حيث أتعرف على أحدث وسائل وأساليب التربية الحديثة والصحيحة لأبنائي بالإضافة للتعرف علي بعض الاخطاء التي تواجه الأمهات في تربية أبنائهم مع استفادتي من بعض النصائح والحلول في هذا السياق.

تفريع للهموم

تقول (هديل) شابة جامعيّة: أتفاعل كثيرا مع المنتديات بكافة أنواعها فالحياة مليئة بالمشكلات والعوائق ونحن في حاجة لتفريغ همومنا بالحديث الطويل للتخلص من مشاعر الإحباط وعندما أشارك في المنتديات النسائية فإنني أشعر بحاله من الارتياح النفسي وأجد حلاً إيجابياً لمشكلتي فالجميع يحب الكلام والاختلاط مع البشر، فالإنسان كائن اجتماعي يصعب عليه الخروج عن دائرة المألوف والاعتكاف على نفسه.

مرتع للخصوصية

وفى نفس المضمار تقول (أسماء القاضي): عندما أصمت قليلا أصاب بالملل، وأشعر بالوحدة لذلك ألجأ لهذه المنتديات ساعية لتغير روتين حياتي بالحديث مع الصديقات والاندماج معهم ومشاركتهم في ارائهم.. وتكون هذه المشاركة بمثابة متنفس للخروج من المؤثرات الخارجية، فالمنتديات مرتع للخصوصية والراحة النفسية معا.

مدخل التطور والإبداع

أما (منال الهاجري) فكان لها الرأي التالي: أشارك في المنتديات خاصة انها تسمح بإخفاء هوية المشترك، ومع أن غالبية المنتديات لا تخلو من الاكاذيب والاشاعات التي تعج بها ولكن في بعض الاحيان يوجد فريق يسعى على المدى الطويل إلى تمهيد الطريق للتغيرات الإيجابية فتجدهم يتحاورون ويتناقشون ويختلفون لايجاد جيل قادر على التطوير والإبداع، ولكن من مشكلات المنتديات - تضيف الهاجري - تثبيت المشاركات مع حذف بعض الردود.

إن وجود المنتديات تحديدا في عالمنا الشرقي أصبح جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المجتمع المستجدة والإقبال المتدفق من قبل الأشخاص على مثل هذه المنتديات حيث يجدون (منبعا) للاحاسيس والانفعالات - التي توحي للإنسان بأهميته وانه محط اهتمام - تعني مفهوماً جديداً للتواصل بين البشر ومهما كان لها من سلبيات فهي بالنسبة للكثيرين مرتع للراحة والطريق الأسرع نحو بناء علاقات ومجتمعات افتراضية تحل محل العالم الحقيقي... لذا يجب على الأعضاء المشاركين أن يكونوا متعاونين ولديهم القدرة على حل المشكلات بعده وسائل ولا نغفل دور المشرف العام الذي يجب عليه أن يسعى لإرضاء الجميع دون تفرقة، فالمشارك في المنتدى هو الدينامو المحرك للمنتدى وبدون أعضاء جادين مشاركين بفاعلية لا يمكن تحقيق الفائدة المنتظرة من هذه المنتديات.. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن هناك فئة من المشاركين تسعى للتخريب والفتن واثارة المشاكل بين الأعضاء وهم بذلك لا شك يسيئون إلى أنفسهم وإلى سمعة المنتدى الأمر الذي يعرض المشاركين للقلق والتخبط ويبقى أن نعلم أن المشكلة ليست مشكلة تقنية أو منتديات أو خدمة جديدة ولكن المشكلة هي افتقاد الوعي والتوجيه السليم، لعل التوجيه يبقى هو الحل الأمثل.