بعد أن أصبح (غوغل) مرادفاً للتنقيب عن المعلومات وأجج غيرة منافسيه انطلاق السباق نحو تطوير محركات بحث ذكية على الإنترنت * إعداد: إبراهيم الماجد
|
ابدأ (الغوغلة): اكتب اسمك في (غوغل) وانقر على مفتاح البحث ثم انتظر النتيجة. قد يكون الكثيرون قد فعلوا الأمر نفسه فصدموا بالنتائج التي حصلوا عليها. ربما اكتشف البعض أنه لا وجود له على شبكة الإنترنت والبعض الآخر تفاجأ بوجوده على مواقع لم يكن ليتوقعها. وآخرون ربما أعجبتهم اللعبة فحاولوا البحث عن أصدقائهم أو ذلك الشاب وتلك الفتاة الذين تعرف عليهم عبّر (التشات). قصص كثيرة قد تستعيدها تلك الصفحة البسيطة التي أصبح اسمها منذ ما يقارب ست سنوات مرادفا لكلمة البحث. لكن (غوغل) الذي تربع على عرش محركات البحث على الشبكة يواجه اليوم حربا ضروسا يخشى ألا يتمكن من الانتصار فيها.
الفكرة التي بدأت في إحدى غرف الطلاب في جامعة ستانفورد وتحولت إلى شركة تربح الملايين سنويا أخذت الكثير من خبرة شركات أكبر ليس اقلها تلك المرابطة في (ريدموند) والتي عدّ رئيسها في حديث إلى مجلة (نيوزويك) أن (غوغل ركلنا على قفانا)! ففي حين أهملت شركات البرامج الكبرى وحتى مواقع البحث العمل على تطوير المحركات أو اعتبارها أحد الأوجه الأساسية لاستخدامات الإنترنت، كان الشابان سيرغي برين ولاري بايج ينطلقان بشركتهما من مرأب سيارات في العام 1998 ليصلا بعد أقل من خمس سنوات إلى وادي السيليكون. المنجم المهمل غير أن الوضع لم يبق على ما هو عليه، فقد فتحت ملايين الدولارات من الأرباح أعين الكثيرين على أهمية تطوير محركات البحث كمنجم مهمل للذهب وأطلقت سباقا على التطوير قد تبدأ بوادره بالظهور في تموز المقبل. فقد أعلنت (مايكروسوفت) مؤخرا أنها ستدشنّ محركا جديدا للبحث على بوابتها على الإنترنت (إم. إس. إن.). أما موقع (ياهو!) فأطلق نسخة مطورة من محرك بحثه بدأت تعطي نتائج جيدة وقريبة من نتائج (غوغل)، من دون أن تتخطاها. وتعد المنافسة التي يشهدها اليوم عالم تطوير محركات البحث بنقلة نوعية في هذا المجال وتغيير نوعي في مفهوم البحث وطرقه على الإنترنت ليس أقله التحول نحو جعل هذا النوع من النشاط مرتبطا أكثر فأكثر بشخصية الباحث نفسه واهتماماته مما يساعد على الوصول إلى المعلومات بسرعة أكبر ونتائج أكثر دقة. وسيكون هذا التطوير في جوانب كثيرة منه لمصلحة مستخدمي الشبكة بالإضافة إلى جيوب الشركات المطورة. عرش مكرس حتى الآن 138 ألف عملية بحث في الدقيقة ما يوازي تقريبا 200 مليون عملية بحث في اليوم تستهدف ستة مليارات موقع أو صورة أو مجموعة نقاش بتسعين لغة مختلفة. تلك هي الأرقام المميزة (لغوغل) الذي غير الطريقة التي يبحث بها العالم عن معلوماته. أما عائدات البحث فقد وصلت إلى أربعة مليارات دولار السنة الماضية، منها مليار دولار لغوغل وحده جعلت من بايج (31 سنة) وبرين (30 سنة) اسمين مدرجين على لائحة (فوربس) لأغنياء العالم وإن كانا ما زالا بعيدين جدا في الترتيب عن منافسهما اللدود بيل غيتس. ويتوقع أن يضرب هذا الرقم بثلاثة خلال السنوات الأربع المقبلة. وتقوم التكنولوجيا المميزة (لغوغل) على الربط ما بين الكلمة المفتاح التي يبحث المستخدم للإنترنت عنها وما يسمى (تصنيف المواقع) (Pagerank) الذي يقيم صلة ما بين الموضوع الذي يتم البحث عنه من خلال عدد الوصلات التي تربطه بمواقع أخرى على الإنترنت. لكن المشكلة تكمن في أنه في حال لم يصنف موقع ما بدرجة ظاهرة وترتيب عال يمكن أن يجعله ذلك غير مرئي على الشبكة. بريد جديد يبحث عن رسائلك في الوقت الذي بدأت ترشح فيه معلومات عما يعتزم منافسو غوغل القيام به من تطويرات ظهر الموقع مؤخرا وقد أضيف إليه عدد من عناصر البحث الجديدة بالإضافة إلى خدمة بريد ما زالت قيد التجربة. فقد أضاف غوغل إلى لائحة عناصر البحث بابا جديدا هو (فروغل) (Froogle) المتخصص في البحث عن المنتجات التجارية والتجارة الإلكترونية بشكل عام بحيث يصبح من السهل البحث عن سيارة أو جهاز كومبيوتر أو حتى أزهار من خلال طبع الكلمة ثم النقر على (فروغل). كما يقدم الموقع أيضا خدمة البحث بحسب المنطقة الجغرافية وهي خدمة ما زالت محصورة حتى الآن في الولايات المتحدة. إذ يمكن البحث عن مطعم أو شخص أو شركة بالاسم مع حصرها في نقطة جغرافية محددة من خلال ذكر اسم المدينة أو الولاية الأمريكية أو رمز المنطقة (zip code). غير أن النقطة الأهم في التطوير (الغوغلي) قد تكمن في خدمة البريد الإلكتروني الجديد الذي يعتزم غوغل إطلاقه. وهذا البريد الجديد المسمى (غميل)(Gmail) ما زال في مرحلة البحث والتطوير داخل مختبرات الشركة التي لم تحدد بعد تاريخا لإطلاقه. وتحمل طياته بعضا من فلسفة البحث المستقبلية التي تسعى إليها الشركات المتنافسة. فهو خدمة بريد إلكتروني مجانية كما (هوتميل) أو (ياهو!) بقدرة تخزين عالية تصل إلى واحد جيجابايت بحيث لا يضطر المستخدم إلى إلغاء رسائل قديمة للتمكن من استيعاب الجديدة. وتكمن نقطة القوة في (غميل) في كونه معتمدا بشكل أساسي على محرك غوغل للبحث بحيث يستطيع، بحسب ما تعلنه الشركة، استعادة أية رسالة أرسلها المستخدم في أي وقت كان مع الردود التي حصل عليها بحيث يصبح بالإمكان مراجعتها مع كامل المعطيات المحيطة بها. ويعني ذلك أيضا عدم الحاجة إلى تصنيف الرسائل داخل ملفات للتمكن من العودة إليها بسهولة إذ يكفي وضع كلمة البحث الخاصة بموضوع الرسالة وحتى بكلمات واردة فيها للحصول عليها كاملة مع كل ما يرتبط بها. إذ إن التكنولوجيا المستخدمة في هذا البريد الالكتروني الجديد تقوم بأرشفة الرسائل بشكل أوتوماتيكي يسهل استرجاعها. ويعد غوغل بأن لا يحتوي (غميل) على إعلانات. المستقبل في البحث الذكي بالرغم من النجاح الذي حققه (غوغل) وأجج غيرة منافسيه، إلا أنه لم يصل بعد إلى مرحلة الكمال في البحث. ويكمن هذا الكمال في تمكن المحرك من تزويد الباحث بنتائج عالية الدقة حول ما يريده وهو ما لا يؤمنه (غوغل) في جميع الحالات. فإذا ما حاولت مثلا البحث عن كلمة (السعودية ) باللغة الإنكليزية قد تقع غالبا على مواقع أمريكية لمناطق منتشرة داخل الولايات المتحدة وتحمل الاسم نفسه. أما التحدي أو الفلسفة المستقبلية للبحث فهي في أن يصبح بإمكانك إن حاولت البحث عن (السعودية) أن تحصل مباشرة على معلومات ومواقع محلية. وهو ما يعرف بالبحث الذكي. فمشاكل البحث لم تحل بعد. وتحاول مايكروسوفت حاليا تطوير محرك (أم أس أن) بحيث لا يقتصر البحث على ما هو موجود على الإنترنت بل أيضا ما يحمله جهاز كومبيوتر الباحث نفسه من بيانات وصور ورسائل إلكترونية بالإضافة إلى قواعد البيانات التي يمكن له الدخول إليها. إلى ذلك يحاول فريق من الباحثين المطورين باسم (امبليسيت كوايري) (Implicit Query) تطوير محرك آخر لا يقتصر على البحث عما تريد بل يقترح بنفسه مواقع مفيدة استنادا إلى ما يقوم به المستخدم على الانترنت. فخلال السنوات القليلة المقبلة يكمن التطوير في عدد من الميادين. أما اليوم فيبدو البحث على الإنترنت أشبه بالبحث على سطح الشبكة أي في المواقع المفتوحة من دون الغوص في المواقع التي تحتاج إلى اشتراك مثلا. إذ تبقى ما يسمى (الشبكة الخفية) بعيدة عن قدرة محركات البحث الحالية على الوصول إليها. وبالتالي يسعى (غوغل) ومنافسوه إلى تطوير تقنياتهم بحيث تتمكن من الوصول إلى محتويات هذه المواقع وعرض معلومات مختصر حولها فيعرف الباحث بوجودها ويقرر حينها ما إذا كان يريد الاشتراك فيها للحصول على كامل المعلومات. إلى ذلك ما زال غوغل عاجزا اليوم عن البحث داخل ما يسمى باليوميات على الشبكة أو (ويبلوغز) (Weblogs). ففي حين يتوفر محرك بحث خاص بهذا النوع من المعلومات هو Technorati فإن قدرته تنحصر فيها ولا يمكنه البحث على كامل الشبكة كما لا يمكن لغوغل البحث داخل (اليوميات). والأمر ينطبق أيضا على الكتب التي تشكل جزءا من الشبكة الخفية فغوغل لا يمكنه الدخول إلى محتويات الكتب على الشبكة والبحث فيها حتى الآن مع العلم أن خدمة (البحث داخل الكتب) الذي تقدمه أمازون يمكنها ذلك. وقد بدأت بعض الشركات مثل (كوفا) Quova بتطوير تقنية تمكن من تحديد تقريبي لموقع المستخدم. وإذا كانت هذه التقنية تطرح أسئلة حول توافقها مع الحفاظ على الحرية والخصوصية الفردية فإن استخدام المعلومات التي تقدمها يساعد على تحديد أكبر لنوعية المعلومات المطلوبة تبعا للنقطة الجغرافية للمستخدم. ويمكن اعتبار خدمة غوغل الحالية للبحث المحدد جغرافيا شكلا مبدئيا لهذا النوع من التطوير. إلى ذلك قد يحتاج الباحث في كثير من الأحيان إلى البحث عن معلومات داخل جهازه وليس فقط على الشبكة. وهنا يكمن التحدي الحقيقي أمام غوغل إذ يعدّ نظام التشغيل المقبل لمايكروسوفت والمسمى (لونغهورن) بتأمين ذلك من خلال البحث في الملفات والرسائل. واليوم، لا يعرف (غوغل) تقريبا أي شيء عن مستخدميه وإن كان يحاول من خلال خدمة جديدة جعل الموقع أكثر توافقا مع اهتمامات المستخدم. وفي حال أصبح الموقع يعرف مثلا أنك تهوى الرسم فإنه لا بد ينقلك مباشرة إلى موقع حول (فان غوغ) إن أنت بحثت عن (الليلة المنجمة) وليس إلى موقع حول علم فلك. فمحرك البحث في العام 2010 سوف يكون قادرا على التعرف عليك وعلى ميولك واهتماماتك ومكان تواجدك ليقدم لك المعلومات التي تفيدك ربما حتى قبل أن تطلبها.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|