كثُر الحديث حول العالم عن المدن الذكيّة، وهي - لا شك - تطبيق ريادي من شأنه أن يحقق للمجتمعات وثبات رقميّة نوعيّة باتجاه المنافسة العالميّة ضمن معايير الاقتصاد المعرفي الجديد، وفكرة المدن الذكيّة ليست على الإطلاق عاديّة، بل تحتاج إلى سلّة من التطبيقات والتركيبات القائمة على بنى تحتيّة متكاملة والتي من شأنها إذا ما توفّرت أن تفتح الآفاق أمام تغيّر جذري على مستوى كميّة ونوعيّة الخدمات التقنيّة والاتصالية المقدّمة.
وفي المملكة العربية السعوديّة طرحت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مبادرة للمدن الذكية بهدف نشر خدمات الاتصالات والمعلوماتية وتطبيقاتها في المجتمع السعودي ودعم تحويله إلى الاقتصاد الرقمي ومجتمع المعرفة، وبحيث تتوافر تلك الخدمات لجميع الأفراد وقطاع الأعمال سواء في المنازل أو في مختلف الأماكن العامة بما فيها المطارات والحدائق والمنتزهات والمكاتب والمستشفيات وأماكن التجمعات بشكل عام، بالإضافة إلى توفير كافة خدمات الحكومة الإلكترونية وكذلك التجارة الإلكترونية بشكل آمن وميسر عبر مواقع وخدمات لاسلكية توفر عن طريق مقدمي الخدمات المرخص لهم من الجهات المختصّة.
ولا شك أن توضيح المفهوم العام للمدن الذكية وآثارها الإيجابيّة على شتّى الجوانب الاقتصادية والخاصّة، وكذلك إبراز جهود القطاعات المعنيّة بتطوير الخدمات والتقنيات ذات الصلّة يرقى إلى مستوى الواجب الوطني، ذلك أن توجيه دفّة العمل باتجاه التوعية بضرورة الاستخدام الأمثل للتقنية تبدو مسألة ملحّة في عالم لا مكان فيه إلاّ للمنتجين والمنافسين الكبار!
وبالإشارة إلى الخطوة البنّاءة التي جرت على هامش ملتقى المدن الذكيّة الذي انعقد في الرياض هذا العام وتم خلاله تدشين شارع الأمير محمد بن عبد العزيز كأول شارع ذكي في المدينة، فإن سائر العاملين والقائمين على صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات ينظرون بعين اللهفة إلى نجاح وتعميم هذه التجربة على سائر المدن والمناطق في المملكة بأقرب وقت ممكن، مع التأكيد على أن هناك صعوبات ينبغي السهر على تجاوزها ليس أقلها جانب العمل على زيادة الوعي بمكونات المدن الذكية وضرورة استخدام بنية تحتية متطورة في جميع المجالات توفر الخدمات والمحتوى المناسب إلكترونياً بكفاءة عالية.
ولا بد - في كل الأحوال - من المشاركة الإيجابية فيما بين القطاعات المختلفة (الخاص والحكومي)، وعدم الاقتصار على مقترحات وتصورات لجهات محددة، وحبذا لو تم تجاوز ذلك وصولاً إلى بلورة وإيجاد تصوّر لإنجاز وطني يشارك فيه الجميع و يتماشى مع خصوصيات المجتمع السعودي.