المتابع للساحة الإلكترونية العربية وما تحويه من مواقع وصفحات.. يجد أن هناك عفوية في إدارتها من قبل أصحابها أو مديريها.. بمعنى أدق أن من يدير هذا الموقع ما هو إلا مستخدم عادي لم يتعلم أو يدرس أو يتلقى دروساً في الإدارة وبشكل أخص إدارة المواقع الإلكترونية.
ولو بحثنا عن السبب لوجدنا أن المشكلة ليست في عدم اهتمام أو جدية مثل هؤلاء المديرين أو دعونا نقول هؤلاء المسؤولين.. بل السبب الرئيسي يعود لعدم وجود مدارس أو مراكز متخصصة لتلقي دروس في مهارة إدارة المواقع الإلكترونية.. الجدوى من وجود مثل هذه المراكز هو تحسين مستوى الخدمات التي تقدمها هذه المواقع بصفة عامة.. أضف إلى ذلك أن بعض المواقع الإلكترونية تحتاج من إدارتها الى التفاعل المباشر مع زوار الموقع، اما عبر نقاط التخاطب المباشر للدعم الفني واما عن طريق المنتديات أو حتى عن طريق المسنجر أو التراسل الفوري؛ مما يتطلب أن يتقن المدير أو المسؤول لغة تخاطب تختلف عن تلك التي يحتاج إليها المسؤول في الحياة الواقعية.. والسبب في ذلك يعود إلى فقدان عوامل الاتصال الناجح الموجودة في الحياة الواقعية.. ولنضرب مثالين بسيطين ثم لننظر للفرق بين الحالتين.. علماً أنني لن أضع حلاً للمشكلة لان هذا الباب واسع وقد يكون هناك من هم اكثر تخصصاً، لكني سأعرض المشكلة وسأضع بعدها علامة استفهام كبيرة قد تغري المتخصصين ليظهروا لنا المهارات التي نحتاج اليها في مثل الموقفين اللذين سأسردهما.
نفترض أن سعيدا أحد زبائن شركة (س) ولديه مشكلة في المنتج الذي اشتراه من الشركة، ووجد بطاقة على هذا المنتج تفيد في حالة وجود مشكلة أو خلل في المنتج يرجى الاتصال بالهاتف الموضح أو مراجعة الفرع، ولنفترض أن سعيدا قرر الذهاب إلى الفرع القريب منه.. بدخول سعيد إلى الفرع ومقابلته المسؤول عن التحدث مع العملاء.. سيكون من واجب المسؤول مصافحة سعيد والقاء التحية ثم إكرامه بطلب الجلوس للتحدث إليه أو الانتظار في صالة الانتظار حتى يفرغ من الزبون الذي قبله.. دعونا نتصور هذا الموقف مع سعيد حينما اشترى برنامجاً معيناً عبر موقع شركة لنسمها (ص).. بعد أن دفع سعيد المبلغ عبر بطاقته الائتمانية ووصله رابط تحميل البرنامج وقد وجد سعيد أن البرنامج لا يقبل الرقم التسلسلي المعطى معه؛ مما يضطره إلى البحث عن طريقة للتحدث مع أحد المسؤولين في الموقع وعن طريق نفس الموقع لعدم إمكانية زيارة الفرع أو لصعوبة الاتصال الهاتفي.. في هذه الحالة سيتم التخاطب عبر أحد برامج التراسل الفوري المتاحة.
ان بداية هذا اللقاء الافتراضي بين الزبون وبين المسؤول هو بداية الاتصال وهو الذي سيجعل الحكم على أن كان هذا الاتصال ناجحاً أم فاشلا.. واعني بالفشل أي أن يترك انطباعا غير جيد لدى الزبون بسبب تعامل المسؤول معه أثناء المحادثة الافتراضية.. بالتالي لو رجعنا إلى تجاربنا التي مررنا بها مثل سعيد مع الشركة (ص) لعرفنا أننا في اغلب الأحيان نخرج بانطباعات غير جيدة أو غير مرضية لا لعدم خدمتنا بالشكل المطلوب من قبل المسؤول ولكن لعدم شعورنا أصلا بهذا اللقاء السيبيري.
ان الإنسان مجموعة من مشاعر وعواطف، تبرز اكثر عندما يكون محتاجاً.. وبالتالي عدم وجود التفاعل الصحيح (الاتصال الصحيح) سيشعر الشخص بنقص وعدم رضى. وبالتالي يتضح لنا من الموقفين أن في حالة الشركة (س) يكون الاتصال متكاملاً لتوافر عنصري المشاهدة.. والإحساس.. أما في حالة الشركة (ص) فنظرا لان اللقاء افتراضي فلا يوجد إحساس أو مشاهدة وبالتالي ان لم تكن هناك مهارات وفنون تعوض هذين العنصرين المفقودين فإن الاتصال سيظل ضعيفا. مما قد يفقد الكثير من المواقع الإلكترونية التي يفتقد مسؤولوها هذه الفنون قوتها أو نشاطها.
والسؤال الذي يسبق علامة الاستفهام الكبيرة.. ما هي فنون الاتصال الإلكتروني (الافتراضي) التي يجب على كل مسؤول موقع اكتسابها ؟ وهل حان الوقت لإنشاء مراكز متخصصة لتعليمها؟
م. فهد عبده الرفاعي
مدير موقع التقنية
www.tkne.net/vb refaeefa@hotmail.com