عندما فتحت بريدي الإلكتروني وجدت تلك الرسالة التي تدعوني للاشتراك في مسابقة بموجبها أسافر إلى دبي مجاناً بصحبة عائلتي، كنت على وشك أن أقوم بحذفها لجزمي أنها كمثيلاتها من الرسائل الدعائية الخادعة، لكن لأني في ذلك الوقت لم أكن مشغولاً بأمر آخر، فقد فتحت الرسالة.
كان نص الرسالة يقول: (إجازتي في دبي - أحلى) مسابقة تفاعلية هي الأولى من نوعها تتمثَّل في اختيار عائلتين وفق اجتيازهما قواعد المسابقة وشروطها وتقييم لأفضلية المشتركين للدخول فيها، حيث تحصل كلتا العائلتين المرشحتين على تذاكر السفر والإقامة الكاملة والمواصلات في دبي.
ولأني من محبي السياحة والسفر، فقد أغرتني الفكرة، خصوصاً أنها فكرة مبتكرة فاشتركت في المسابقة من خلال تعبئة بياناتي الأولية مع حذري الشديد حتى لا أقع فريسة لمثل هذه المسابقة.. بعدها بيومين وصلتني رسالة بالجوال تقول: (لقد تمَّ ترشيحك مبدئياً في المسابقة، وعليك الاتصال على جوال رقم (؟) لاستكمال بياناتك، اتصلت بالرقم وتحدثت مع أحد العاملين في الشركة، وطلب مني معلومات إضافية، وبعد يومين اتصل بي ذلك الشخص وأخبرني أني وصلت إلى المرحلة النهائية في المسابقة، ويرغب في التأكد عن عزمي في الاشتراك، فأخبرته بالإيجاب، وبعد أسبوع اتصل بي مسؤول في الشركة يبشرني بترشيحي وعائلتي مع عائلة من المدينة المنورة للسفر لدبي.
حزمت حقائبي وأخذت عائلتي وتوجهنا إلى المطار وأنا غير متأكد من مصداقية القصة، وقدَّمت رقم الحجز إلى موظف الخطوط، وخلال دقائق سلَّمني كروت صعود الطائرة، وهنا شعرت بالاطمئنان أكثر لكن ما زال في نفسي شيء فيما يتعلق بالسكن والمواصلات.
وحين وصلنا إلى مطار دبي وجدت شخصاً يحمل لافتة مكتوباً عليها اسمي، اتجهت له فرحب بي وأخذنا إلى فندق من الفنادق الجميلة في دبي، انطلقنا في رحلتنا في دبي لمدة عشرة أيام كانت بحق من أيامنا التي لن ننساها.
لقد أبدى الكثير من أقاربنا وأصدقائنا تحفُّظاً حول حقيقة القصة، بل إن بعضهم زعم أنها قصة مُختلقة، حتى دللناه على الإنترنت الذي نعرض فيه تقاريرنا اليومية عن الرحلة والمدعم بالصور.
أما لماذا أكتب عن هذه التجربة؟ فذلك بسبب أننا حين نجد من يخالف أو يخطئ أو يخدع، فإننا نهب مسرعين إلى انتقاده وتبيان خطئه، لكن حين يبدع ويصدق فإننا في بعض الأحيان نسكت عن شكره والثناء عليه ليكون قدوة للآخرين. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، فإن استعراض هذه التجربة، سيجعلنا نستعيد الثقة بعض الشيء في تلك الشركات والمؤسسات التي تتسابق في تقديم العروض المغرية مع الاستمرار في الحذر من الوقوع ضحايا للنصب والتحايل الاقتصادي.
عبد الرحمن عبد الله الصبيحي
خبير طفولة.. اللجنة الوطنية للطفولة