خسائرها تقدر بمليارات الدولارات
القرصنة الرقمية تهدد الفن!
|
إعداد: سناء عيسى
بدأت محاولات مستميتة لمكافحة القرصنة والتوزيع غير القانوني للمنتجات الفنية بشكل عام وتحديدا صناعة الأغاني والأفلام الرقمية. حيث أصبحت القرصنة وحشا كاسرا أفلت من الأسر، واجتاح في غضب شديد كوكبنا الأرضي، مخلفا خسائر تقدر بمليارات الدولارات للمنتجين الفنيين، ووقفت القوة الجبارة للولايات المتحدة عاجزة عن التعامل مع هذا الوحش والسيطرة عليه أو تحجيمه.
قبل عرض الأفلام الجديدة في دور العرض بأيام ليست قليلة، نجد أن هناك نسخا رقمية من نفس الفيلم تتواجد على الإنترنت مجانا لمستخدمي برنامج نقل الملفات. فالقرصنة أصبحت التسلية العامة للناس، فلم تعد حكرا على طلبة المدارس والجامعات الذين يبحثون عن أحدث أغنيات الروك أو التكلفة الزهيدة للبرامج المطلوبة. فإمكانات التكنولوجيا الماكرة وغياب التشريعات القانونية، والازدراء العام لزيادة الأسعار أوجدت البيئة المناسبة لتوزيع نسخ غير قانونية بسخاء عبر الإنترنت.
السطو التقني
في كل يوم يستخدم الناس الإنترنت لتحميل مليارات الملفات: من أفلام واستعراضات والعاب فيديو، وموسيقى وبرامج وتقريبا أي مواد لها ملكية فكرية متاحة في صورة رقمية، فالأمر سهل ومغرى، كل ما عليك هو كتابة اسم الملف المطلوب وصفحات البحث تأتي إليك به وتحدد موقعه، وبضغطة صغيرة وخلال وقت يتراوح بين بضع دقائق إلى بضع ساعات تكون نسختك متواجدة على القرص الصلب لجهازك.
وبعد سنوات من محاولات محاربة القرصنة والقضاء عليها، وجدت صناعة الفن أنها تنتشر بطريقة مرعبة، فبدأت في اتخاذ وسائل أخرى للهجوم بعد الفشل في القضاء عليها وكان المتاح هو استهداف القراصنة أنفسهم، وبدءوا فعلا في رفع دعاوى قضائية ضد من يعملون في تجارة النسخ غير القانونية وكما يقول كاري شيرمان رئيس جمعية صناعة التسجيل بأمريكا ببساطة شديدة هؤلاء الناس يسرقون.
أحدث حلقات الصراع
إن هذا التكتيك غير المسبوق يستهدف ملايين البشر بالملاحقة القضائية، وهو أحدث حلقة في الصراع ضد القرصنة، فالمنتج الفكري بعد صدوره عن مؤلفه ومالكه يحتاج إلى وسيلة فعالة لحماية حقوقه وتحصيل مستحقاته، وكيفية معالجة الجمهور والصناعة والقضاء لهذه العلاقة سيحدد شكل الملكية الفكرية والفن الرقمي في السنوات القادمة، ويقول لي بلاك الباحث بمجموعة جوبيتر للإعلام إن الأمر يحتاج إلى تدخل تنظيمي وتشريعي أكثر منه تغيير تكنولوجي.
ويعتبر موقع نابستر Napster أشهر وسيلة عرفت للقرصنة الرقمية على الإنترنت، والذي قدم لما يزيد عن 20 مليون مستخدم خدمة الحصول على نسخ غير قانونية من معظم الأغاني المعروفة، وذلك عن طريق برنامج كازة Kazaa الشهير الذي تم تحميل أكثر من 230مليون نسخة منه على مستوى العالم، والذي يتيح البحث عن الملفات داخل الحاسبات الشخصية للمتصلين بالإنترنت وليس فقط على أجهزة البحث والتصفح، مما سمح بنقل مليارات الملفات والأغاني من الأجهزة الى بعضها البعض، ويقدرها جاك فالنتي رئيس جمعية الأفلام بأمريكا من 400الف إلى 600 ألف نسخة غير قانونية، مما دفع قاضي المقاطعة الأمريكي ماريلن باتل بإغلاق موقع نابستر.
خسائر فادحة
تقدر صناعة السينما خسائرها من الإنترنت بما يزيد عن ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار سنويا، بينما تشكو شركات التسجيل من خسائر هائلة، تقدر بنسبة 26% انخفاض في مبيعات الاسطوانات منذ 1999 ويقدر بنحو 3 ،4 مليار دولار، وتلعب فيه القرصنة الرقمية دورا كبيرا.
ليست الشركات الكبيرة فقط هي ضحية القرصنة، ولكن هناك أيضا ضحايا آخرون، مثل كتاب الأغنيات الذين يحصلون على نسبة من المبيعات وكذلك محلات الكاسيت التي وجدت عدد زبائنها في تضاؤل شديد. والمثير في الأمر أن كثيرا من الأمريكيين انضموا إلى النغمة التي أطلقها القراصنة يجب أن تكون المعلومة مجانا وكما يقول فيك الطالب الجامعي من ولاية بلتيمور والبالغ من العمر 21 عاما نعم إنها سرقة للموسيقى، ولكني لا أشعر بأي وخز للضمير، فعندما تتاح لك فرصة الحصول على الموسيقى مجانا فمن الصعب المقاومة.
الحيل والمراوغة
عندما أتاحت نابستر Napster في عام 1999 الفرصة لمستخدمي الإنترنت الوسيلة العملية للنسخ غير القانوني، كان الحل سهل بالنسبة للشركات والقضاء وهو قرار الغلق، لأنها كانت لديها سجلات إلكترونية عن أعضائها، ووجود حاسب مركزي في مقرها، ولكن المشكلة أن من جاءوا بعدها استوعبوا الدرس جيدا، فأصبحوا غير متمركزين، ومن السهل أن يستمروا في القرصنة حتى بعد إغلاق مواقعهم. وحاولت جمعية صناعة التسجيلات بأمريكا التفاهم مع المواقع المتخصصة بنقل الملفات، مثل Grokster وMorpheus ولكن القضاء الأمريكي حكم بأن هذه المواقع لا تتحمل مسئولية تصرفات أعضائها. واستمرارا لسياسة اصطياد القراصنة، كانت قضية كاري جونزاليز البالغ من العمر 24 عاما، والذي يعمل موظف في شركة تأمينات، وكان قد تم اتهامه بخرق قانون الملكية وإصدار وتوزيع نسخ رقمية غير قانونية عبر الإنترنت لفيلم قد حصل على نسخة عرض مسبق منه قبل عرضه في الأسواق من أحد أصدقائه في مجال السينما، وتم تتبع هذه النسخة عن طريق رقم مسلسل مسجل عليها، وقد تم الإفراج عنه بكفالة لحين محاكمته ويواجه عقوبة السجن ثلاث سنوات وغرامة 250الف دولار.
دعاوى قضائية
وأعلنت جمعية صناعة التسجيلات بأمريكا أنها بصدد تقديم مئات الدعاوى القضائية ضد اكثر القراصنة خطورة، وتقدر خسائر القرصنة بنحو 150الف دولار لكل أغنية، ويتتبع وكلاء الجمعية مواقع الإنترنت التي تعرض النسخ غير القانونية، ثم الحصول على مذكرة إحضار لكل جهاز من مزود خدمة الإنترنت.
وأولوية التتبع ستكون لأكثر المواقع عرضا للاغاني، فمن عرض أغاني اكثر كان اكثر عرضة للملاحقة. وتتعرض هذه الحملة لانتقادات واسعة، لأنه من الممكن محاكمة الآباء بدلا من أبنائهم الذين يقومون بالقرصنة، وكذلك فإن الإصدار التالي من برامج نقل الملفات سيحجب مصادر الأجهزة وستضلل المتتبعين. والحقيقة أن محاولات التكنولوجيا منع النسخ غير القانوني باءت بالفشل، فشركة Sony سوني وضعت نظاما للتحكم في النسخ عن طريق وضع علامة دائمة على الاسطوانة لحجب معلوماتها الأساسية ولكن القراصنة اخترقوها، ومغنية البوب الشهيرة مادونا وضعت قصيدة تقريع طويلة ومؤلمة ليتم تحميلها عند محاولة قرصنة اسطوانتها، فما كان من القراصنة إلا وضع أغنياتها للتحميل مجانا من على موقعها الخاص.
ماذا يقول المختصون؟
المتخصصون كان لهم رأي آخر،إذ يقول جوش برنوف من مؤسسة فورستر للبحث التكنولوجي وجود طريقة قانونية ومربحة لتوفر للناس ما يريدون سيكون الحل الأفضل للجميع، حتى في حالة نجاح الملاحقة القضائية، وصناعة الفن تحتاج إلى إيجاد بدائل قانونية.
وهناك بعض البدائل الناجحة التي بدأت تلوح في الأفق، فموقع Appleصs iTune يتيح 200 الف أغنية على موقعه، وقيمة التحميل اقل من دولار للأغنية الواحدة وتم بيع اكثر من خمسة ملايين أغنية خلال شهرين فقط، وأيضا عرض موزعي الأسطوانات أفلام إضافية عند شراء الاسطوانات الأصلية.
المؤكد أن الصراع بين القراصنة وصناعة الفن في مرحلة تحول والمستفيد في النهاية سيكون الجمهور، وهو في حالة ترقب.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 