*جواهر بنت عبدالعزيز آل سعود
في الجزء الثاني من هذه الدراسة تم تناول قوانين حماية المعلومات والشروط الواجب توفرها لبريد الكتروني آمن. وفي هذا الجزء استعراض لجهود المملكة في حماية المعلومات والتشريعات الصادرة في هذا الاطار.
مع تسارع وتيرة التقدم التقني والالكتروني في العالم كان لمملكتنا نصيب من هذا التطور ونرى ذلك على الواقع حيث نجد الحاسب في كثير من نواحي حياتنا العملية، كسداد الفواتير - حجوزات الخطوط الجوية - حجوزات الفنادق - الدوائر الحكومية الأخرى، كما خصص موقع معين على شبكة الإنترنت يسمى (البوابة الوطنية للتعاملات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية) لإنجاز العديد من المعاملات الكترونيا مما يدل على الدور الفعّال للتقنية، وحسب إحصائية مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية فإن عدد مستخدمي الحاسب الآلي مائة وخمسين ألف مستخدم في المملكة وكما نعلم ان الحاسب سلاح ذو حدين..
ولا يمكن أن نهمل هذا الحد السلبي والذي قد يكون إجراميا ولهذا سنستعرض أبرز أنماط تلك الجرائم. وعموما لا يمكن حصر الجرائم التي تقع لسبب بسيط وبديهي هو أن الجريمة وأنماطها في تجدد مستمر ولاتقف إطلاقًا عند أنماط محددة أو أشكال معينة بل هي منذ القديم في تطور مستمر وهذا التجدد في أنماط الجريمة ليس قاصرا على عصر الانفجار المعلوماتي فقط بل ظاهرة قديمة كما أنها ليست قاصرة على مجتمع معين بل ظاهرة اجتماعية عالمية تتواجد في كل المجتمعات بصرف النظر عن تطورها أو تخلفها إلا أن تطور أي مجتمع يصاحبه بالضرورة تطور أيضا في أنماط الجريمة.. ومع ذلك حاولنا حصرها في الأشكال التالية.
جرائم متنوعة
جرائم جنسية: ارتياد المواقع الاباحية والشراء منها، والاشتراك فيها وانشاؤها، إنشاء القوائم الإباحية أو الاشتراك فيها، إنشاء المواقع المحجوبة، إخفاء الشخصية أثناء التصفح أو أثناء إرسال البريد الإلكتروني وانتحال شخصية الآخرين.
جرائم اختراقات: تدمير المواقع، اختراق المواقع الرسمية والشخصية، اختراق الأجهزة الشخصية، اختراق البريد الالكتروني للآخرين, الاستيلاء على البريد الالكتروني، الاستيلاء على اشتراكات الآخرين وأرقامهم السرية وإرسال الفيروسات والتروجنات.
جرائم الأموال: السطو على أرقام البطاقات الائتمانية، لعب القمار، التزوير, الجريمة المنظمة، جرائم المخدرات، وغسيل الأموال.
جرائم إنشاء وارتياد المواقع المعارضة أو المعادية. إنشاء وارتياد, أو الاشتراك في المواقع السياسية أو الدينية أو الشخصية المعادية. وجرائم القرصنة وسرقة المواقع.
وخطت مملكتنا أولى خطواتها للقيام بالإجراءات الوقائية فقد أقر مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية يوم الاثنين 7- 3- 1428هـ الموافق 26 - 3- 2007م نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ونظام التعاملات الإلكترونية فقد شمل نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في مادته الأولى تعريفا ببعض المفاهيم والمصطلحات الخاصة بالمجال الالكتروني مع بيان ماهيتها.
وتوضح المادة الثانية الأهداف والغايات المرجوة من هذا النظام لحفظ الحقوق وحماية الاقتصاد الوطني، وتبين المادة الثالثة العقوبات المقررة لبعض الجرائم كالتنصت على ما هو مرسل عن طريق الحاسب الآلي أو المساس بالحياة الخاصة والتشهير بالآخرين وقررت العقوبة بالسجن مدة لا تزيد على سنة او دفع غرامة لا تزيد على 500 ألف أو كلتاهما معا.
وتحدثت المادة الرابعة عن العقوبات الأكثر شدة كالسجن لمدة 3 سنوات ودفع غرامة لا تزيد عن مليوني ريال أو إحداهما وذلك في جرائم الاستيلاء على مال منقول أو سند أو الوصول إلى بيانات بنكية، ائتمانية أو بيانات متعلقة بأوراق مالية للوصول إلى بيانات أو معلومات دون مسوغ قانوني.
وتناولت المادة الخامسة بعض الجرائم كالدخول غير المشروع لإلغاء بعض البيانات الخاصة, حذفها أو تدميرها، كذلك إعاقة الوصول الى الخدمة وتشويشها وتعطيلها بأي وسيلة أو ايقاف الشبكة المعلوماتية عن العمل وتعطيلها وقد قرر لها عقوبة السجن لـ4 سنوات او دفع غرامة لا تزيد على 3 ملايين ريال أو كلاهما. واكتمل الحديث عن العقوبات المقررة في المواد السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة.
وتناولت المادة العاشرة الشروع والعقوبة المقررة له والحادية عشرة تكلمت عن الإعفاء من العقوبة لمن يبلغ عنها قبل وقوع الضرر وكذلك بعد وقوعها بشرط تعدد الجناة وفصلت بقية المواد في دور كل من هيئة الاتصالات وهيئة الادعاء والتحقيق.
وبرأينا الشخصي نتمنى أن يحقق هذا النظام الردع الكافي لتلك الجرائم التي انتشرت مؤخرا بشكل مهول وخرجت عن نطاقها المحدود لتمس حياة الأفراد خارج الشبكة العنكبوتية وتثير الخوف وعدم استقرار المعاملات، بل حتى الخوف من التعاملات الالكترونية خشية الخداع والسرقة لكــن ما نخشاه هو ألا يحقق الردع وذلك لأن الجريمة الالكترونية تتوسع في نطاقها وتتطور ويصعب الوصول الى مرتكبيها لعدم وجود التقنيات التي تحدد مواقع تواجدهم بدقة!
نظام التعاملات الالكترونية
اما فيما يخص نظام التعاملات الإلكترونية، فقد شمل الفصل الأول أحكاما عامة من التعريفات والأهداف، وبين الفصل الثاني الآثار النظامية للتعاملات والسجلات والتوقيعات الالكترونية، واوضح الفصل الثالث كيفية انعقاد التعامل الإلكتروني وجواز أن يتم الإيجاب والقبول إلكترونيًا لصحة العقد، أما الفصل الرابع فقد تطرق إلى التوقيع الإلكتروني وشروطه، ثم في الفصل الخامس بين اختصاصات وزارة وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفي الفصل الرابع تطرق إلى إنشاء المركز الوطني للتصديق الرقمي حيث يختص المركز باعتماد شهادات التصديق الرقمي الصادرة من الجهات الأجنبية خارج المملكة، وذلك وفقاً للضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة. أما الفصل السابع فيبين واجبات مقدم التصديق ومسؤولياته أما الثامن فقد بين مسؤوليات صاحب الشهادة حيث يعد مسؤولاً عن سريتها وتقيده بشروط استعمالها، أما الباب ما قبل الأخير وهو الاهم فتضمن أبرز المخالفات التي يمكن حصولها والعقوبات الرادعة لها، كالدخول على منظومة شخص آخر أو انتحال شخصيته أو تزوير التوقيع الإلكتروني، والعقوبات المقررة هي غرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات أو بهما معاً, وقد خول النظام الهيئة الاستعانة والتنسيق مع الجهات المعنية للقيام بمهمة الضبط والتفتيش, وقد نصت المادة السابعة والعشرين من هذا النظام على أنه يحتفظ الشخص الذي لحقه ضرر - ناتج من المخالفات المنصوص عليها في هذا النظام أو عدم التقيد بأي من الضوابط والالتزامات الواردة فيه - بحقه في رفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة بطلب تعويضه عن الأضرار التي لحقت به. وأما الفصل العاشر والأخير فقد شمل أحكاماً ختامية حيث ذكر في مادته الحادية والثلاثين أنه يعمل بهذا النظام بعد (مائة وعشرين) يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.