حقق مؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني الذي اختتمت فعالياته يوم الثلاثاء الماضي نجاحا ملحوظا من الناحية التنظيمية وأوراق العمل المقدمة وتنوع الحضور، حتى اعتبره العديد من الزوار والباحثين والمختصين نقطة مضيئة تسجل للمملكة بوجه عام ورئاسة الاستخبارات العامة السعودية على وجه الخصوص، بل وعبر غالبيتهم خلال الجلسات الجانبية بمركز الملك فهد الثقافي وبمقر إقامة الوفود عن إعجابهم بالدقة المتناهية والنزاهة العلمية في اختيار أوراق العمل (تم اختيار 37 عملا علميا من بين 160 وردت للجنة العلمية)، وروعة التنظيم مؤكدين أن هذا التميز قل نظيره حتى في بعض دول العالم المتطور.
وبالنظر إلى المحاور التي تمت تغطيتها في المؤتمر نجد أنها اتسمت بالشمولية والعمق والتنوع حيث غطت معظم الجوانب التي لها علاقة بالتقنية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمن الوطني.
وباعتقادي أن المؤتمر قد لعب دورا شديد الأهمية في ترسيخ ونشر ثقافة المعلوماتية وأهميتها بين الكثير من السعوديين الذين لا يهتم بعضهم بتقنية المعلومات وتداخلها في معظم شئون الحياة، كما أكد المؤتمر من خلال معظم أوراق العمل التي قدمت خلاله على عدة نقاط من أهمها وجود تقاطع بين الأمن الوطني للدول و تقنية المعلومات، وضرورة تبادل المعلومات الخاصة بالجرائم الالكترونية وتطوير التعاون والتنسيق بين الدول العربية والمؤسسات الأمنية ذات العلاقة.
وفي قراءة سريعة لتوصيات المؤتمر نجد أن تنفيذها يتطلب تضافر جهود المجتمع بأسره. القطاعات الأمنية والجامعات والمدارس والجهات الحكومية والقطاع الخاص ووسائل الإعلام بهدف الوصول إلى الهدف المنشود المتمثل في عنوان المؤتمر وهو (تحقيق الأمن الوطني عبر تقنية المعلومات).
ولتحقيق هذا الهدف يجب التوسع في إقامة مراكز التدريب المتخصصة في تقنية المعلومات وعمل مراجعة شاملة لما يتم تدريسه من مقررات أكاديمية في هذا الجانب سواء في المدارس أو الجامعات لمعرفة مواكبتها لضرورات العصر الرقمي كما يجب توعية وتثقيف المواطن السعودي للمخاطر الكامنة التي قد تحملها وسائل التقنية الحديثة في بث الفكر الإرهابي والمتطرف، وخصوصا بعد أن اتضحت مخاطر بعض المواقع الإلكترونية في الترويج للأفكار المتطرفة التي تحض على العنف والإرهاب.
وبهذا العمل غير المسبوق تعطي الاستخبارات السعودية أنموذجا فريدا يحتذى به لمثيلاتها في العالم، فواجب المشاركة الفاعلة في تلمس احتياجات الوطن والمواطن لم تنشغل عنه بإنجاز عملها الأساسي المتمثل (بعكس ما يظنه الناس فهي لدفع الظلم عنهم والقضاء على الفساد) كما قال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.
وقبل الختام لا بد أن أوجه شكري لقيادتنا الحكيمة على رعايتها سلسلة من المؤتمرات المتخصصة الرائعة، والشكر موصول لرئاسة الاستخبارات العامة وعلى رأسها صاحب السمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز وسمو مساعده الأمير عبدالعزيز بن بندر بن عبدالعزيز رئيس اللجنة المنظمة الذي كان شعلة نشاط خلال المؤتمر مما ساهم في خروج المؤتمر بهذا المستوى العالمي بكل المقاييس.
وثقتنا كبيرة في إخلاص وحرص أبناء هذا الوطن المعطاء، وأن يعمل كل فيما يخصه، بدأب وجهد لوضع توصيات المؤتمر موضع التنفيذ.