الأمم المتحدة تريد إشرافاً أممياً على الإنترنت والولايات المتحدة ترفض التخلي عن إدارتها
|
* إبراهيم الماجد
ارتفعت حدة المناقشة الدولية حول مرجعية إدارة الإنترنت أخيراً، فبين دعوات دولية لعولمة إدارتها وإصرار الولايات المتحدة على بقائها (أمريكية) يبدو أن لا حلول مهمة ستطرح في هذا الشأن ضمن أعمال (القمة العالمية لمجتمع المعلومات) World Summit for Information Society المقرر عقدها في تونس أواخر السنة الحالية.
والطرف الأساسي الذي يدعو إلى جعل الإنترنت أكثر حرية من حيث إدارتها هو الأمم المتحدة التي تسعى لسحب إدارة الشبكة من أيدي الشركات الأمريكية وإنشاء مرجعية (أممية) تتولى إدارة شبكة الإنترنت وتنظيمها، أو على الأقل إبقاء الأمور على ما هي عليه مع تقليص دور الولايات المتحدة، شرط ضمان منح الدول الفقيرة دوراً أكبر في الطريقة والأسلوب اللذين تدار بهما الشبكة الدولية، للإفادة من إمكاناتها في مجالات التنمية.
وتتطلع الأمم المتحدة بشخص أمينها العام كوفي أنان إلى الإفادة من إدارة شبكة الإنترنت في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة مثلث الفقر والجهل والمرض.
وتقف بجانب الأمم المتحدة في هذه المناقشة -كما هي العادة في هذه القضية- غالبية الدول الفقيرة والنامية، أما الدول الصناعية والغنية فتقف غالبيتها بجانب الولايات المتحدة، مبدية ارتياحها إلى الوضع الحالي المتمثل في سيطرة مؤسسة أمريكية على الإنترنت بتخويل من الإدارة الأمريكية يطلق عليها اختصاراً اسم (إيكان) أو ICANN، وتساندها كل المؤسسات والشركات التي تسيطر على الإنترنت.
تطورات
وقبل أسابيع استعرضت اللجنة الأممية المكلفة بوضع مقترحات للتحكم في شبكة الإنترنت في جنيف نتائج تقارير وضعها خبراء لتحويل إدارة شبكة الإنترنت من الاحتكار الأمريكي إلى التدويل، وذلك لتقديمها في الجزء الثاني من مؤتمر قمة المعلومات الذي سينعقد في تونس.
وقال رئيس اللجنة المكلفة بدرس هذا الملف الديبلوماسي السويسري أندرياس كومر: إن هناك أربعة خيارات لما يمكن أن تكون عليه (حكومة الإنترنت الدولية)، يقضي الأول بإنشاء (مجلس الإنترنت العالمي) ويضم كل دول العالم وينتخب من بين أعضائه هيئة دولية تحل محل (إيكان) الأمريكية، ويكون من بين مهماتها مراقبة أسماء النطاقات والعناوين الخاصة بمواقع الإنترنت. بينما يقضي الاقتراح الثاني بإبقاء الأمر على ما هو عليه الآن مع زيادة صلاحيات اللجنة الحكومية الاستشارية لهيئة (إيكان) لتكون ساحة يلتقي فيها الجانب الرسمي الحكومي الدولي مع الهيئة والتعرف عن كثب على قضايا الإنترنت التقنية والإدارية.
أما الاقتراح الثالث فيجمع بين إبقاء هيئة (إيكان) مع تقليص مسؤوليتها لتكون مقتصرة على الجانب التقني، بينما يتولى مجلس الإنترنت العالمي بقية المهمات، على أن يكون بعيداً عن مسؤوليات الأمم المتحدة.
ويقضي الاقتراح الرابع بوضع تقسيم جديد تماماً من ثلاثة أجهزة، يهتم الأول بعنونة المواقع ويحل محل (إيكان)، والثاني يجمع بين الشركات الخاصة وممثلين للدول ولمنظمات غير حكومية لوضع آليات التعامل مع شبكة الإنترنت، في حين يختص الجهاز الأخير بدرس السياسة العامة لشبكة الإنترنت.
وأضاف كومر أن هذه الاقتراحات تغطي تصورات غالبية أعضاء اللجنة والدول المهتمة بتحول مراقبة الإنترنت إلى مجلس عالمي بدل بقائها في يد مؤسسة تابعة لدولة معينة.
وعدّ أن تنوع الاقتراحات يعود إلى أن أعضاء اللجنة كانوا من دول مختلفة وذوي اهتمامات متنوعة.
ورغم صعوبة التوصل إلى حلول وسط، فإن العمل تمتع بثراء كبير من وجهات النظر المختلفة، على قوله.. غير أن الجزء المهم بحسب كومر هو أن اللجنة الأممية الجديدة للإنترنت ستعمل في شكل جدي وفعال على محاربة العديد من السلبيات التي تعانيها شبكة الإنترنت الآن مثل البريد غير المرغوب فيه SPAM أو سوء استخدامها في النصب والاحتيال واختراق المواقع والتلاعب بالمعطيات الخاصة بالمستخدمين.
ولا يتوقع كومر توقيع أي من الاختيارات المتوافرة أثناء قمة تونس، ولا سيما مع إعلان واشنطن حديثاً أنها تعتزم إبقاء دورها الإشرافي الشامل على شبكة الإنترنت بدعوى مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة وأهمية الشبكة حالياً في مجالات حيوية مختلفة أهمها مكافحة (الإرهاب).
ويعتقد كومر أنه من المحتمل أن تتمخض مفاوضات تونس عن رؤية مختلفة جديدة لمجلس الإنترنت العالمي، فمن مصلحة الجميع (بمن فيهم الولايات المتحدة اشتراك العالم بحكوماته ومنظماته وتقنييه في وضع برنامج عمل مجلس الإنترنت العالمي، ولا يستبعد أن تكون إستراتيجياً هذا المجلس متغيرة وفق الظروف والمعطيات).
ورغم الرفض الأمريكي فقد أعد الفريق الأممي الذي يبحث في الوسائل الممكنة التي يمكن بها إنشاء إنترنت أممية، تقرير أو نشرة النسخة العربية المعدلة منه في 21 حزيران 2005م.
وسيُرفع التقرير إلى قمة المعلومات في تونس لمناقشة الخطوط العريضة.. وكانت المجموعة العاملة على إدارة الإنترنت - أو بتعبير الأمم المتحدة ذاتها (الفريق العامل المعني بإدارة الإنترنت) Working Group on Internet Governance WGIG - قد شرعت عقب فشل قمة المعلومات التابعة للأمم المتحدة التي انعقدت في جنيف عام 2003م في الاتفاق على الصيغة التي يمكن أن تدار بها الشبكة.
ويفسر ذلك الفشل أن مشاركين كثراً في القمة كانوا سعداء وأكثر رضا بالوضع الحالي المتمثل في إشراف (إيكان) على الإنترنت.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|