تحقيق - غادة إبراهيم
تتبارى كبرى الشركات العالميّة والإقليميّة في عرض منتجاتها وما توصلت إليه التقنية الحديثة في عالم الاتصالات والمعلومات عبر المعارض التقنية، وتتوسل الشركات من أجل هذه الغاية عدّة أساليب، ومشاركة العنصر النسائي لم تعد تقتصر على الزيارة لمعارض التقنية فحسب، فقد توجهت الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة إلى رفع نسبة الوظائف النسائية وذلك بحسب مؤشرات إحصائيّة حديثة.
والسؤال: هل توظيف العنصر النسائي يأتي فقط من اجل ترويج منتجات التقنية؟ وهل تعتمد هذه الشركات في توظيف المسوّقات على جمال الشكل فقط، خصوصاً في معارض التقنية وغيرها؟ أم أن التوظيف يتم نتيجة خبرات المرأة وكفاءتها في مجال عملها؟
وهل نشهد قريبا تواجد للمرأة العربية كعضو مشارك وفعّال في مثل هذه المعارض أم أنها ستبقى ضيفة شرف أو زائرة لا أكثر؟!
نسلط في هذا التحقيق الضوء على آراء بعض النساء حول مشاركة المرأة في معارض التقنية وذلك في سياق سلبيات وإيجابيات مثل هذه المشاركة.
جدل.. بين نجاح وفشل!
تعتبر (ريما القحطاني) وهي صاحبة أحد المشاغل النسائيّة أن نجاح أو فشل المرأة
في قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا والتقنية يظل مثار جدل بين العديد من المختصين والعاملين في هذه القطاعات وهو لا يزال بين مؤيد ومعارض، مقتنع أو مشكك بكفاءتها وقدرتها على النجاح، وتقول القحطاني: من وجهة نظري أرى أن مجتمعنا ظل لفترة طويلة يحصر وظيفة المرأة في مجالي التدريس والطب وما شابه ومن الصعوبة في الوقت الحالي أن يتقبل دخول المرأة لمجالات التقنية والتسويق دون جدل وغبار، ولكن هذا لا يقلل أبداً من كفاءة موظفاتنا، بل على العكس، فكثيرات لا ينقصهن إلاّ الفرصة، وأرى أن المرأة تستطيع المشاركة الفعالة في معارض التقنية والترويج بشكل لائق وجيد لمنتجات التقنية المختلفة في ظل التمسك بقيم المجتمع.
وتضيف القحطاني: لا شك أن سوق التقنية يحتاج إلى مزيد من الكفاءات المهنية والتعليمية وكذلك إلى قدرات نسائية عالية الخبرة في هذا المجال، وهذه القدرات بلا شك لا تنقص الفتاة في مجتمعنا شرط أن تكون في إطار من اللباقة والثقافة والخبرة خصوصاً أن المرأة في كل الأحوال هي متابعة ومشترية وشغوفة أيضاً بوسائل التكنولوجيا.
عقبات وتحديات!
تواجه المرأة أثناء أداء عملها الوظيفي الكثير من الصعوبات، وفي هذا الاتجاه تشير (رنا الحاج) وهي موظفة في إحدى الشركات العالميّة قائلة: من خلال عملي واجهت صعوبات خصوصا على صعيد المجتمع ولكن دعم الشركة لي بالإضافة إلي تعاون المسؤولين في الشركات الأخرى كان حافزا قويا في الاستمرار، وحول تجربة مشاركتها في أحد المعارض التقنية تقول رنا: إن اكبر عقبة واجهتها هي عدم تجاوب عدد كبير من زوار المعارض - عملياً - مع العنصر النسائي لسببين:
أولهما: جهلهم - ربّما - بأهمية ترويج المنتجات من خلال عنصر نسائي، ثانيهما :عدم تقبلهن للتعامل مع الفتاة اعتقادا منهم أنها تفتقر إلي الخبرة والمعلومات الدقيقة عن المنتج.
بدورها ترى (نادين فارس) وهي مندوبة مبيعات أن عدد زائرات المعارض التقنية في تصاعد مستمر، وتقول: ترى بعض الفتيات أن إحدى إيجابيات المشاركة في ترويج المنتجات التكنولوجية هو عدم الارتباط بساعات عمل طويلة، فالتواجد يكون بصفة مؤقتة ولعدّة أيام فقط وبعائد مالي جيّد، ولكني أرى بالمقابل أن هذا الأمر يشعر الفتاة بعدم الأمان الوظيفي ويؤثر على إنتاجيتها، هذا إضافة إلى أن العمل الميداني مرهق جداً لأنه يحتم مقابلة العملاء بوجه بشوش إضافة إلى محاولة إقناع العميل أو الزائر بمزايا المنتج أو الخدمة المقدمة، وتضيف فارس قائلة: أرى أن حل عراقيل مشاركة المرأة في المعارض التقنية يبدأ بتوعية المجتمع بأهمية دخول المرأة لمجالات جديدة كعالم الاتصالات والتقنية وتوفير الدورات التدريبية علي استخدام اللغة والحاسب وإنشاء المواقع وتصفح الشبكة العنكبوتيّة وما إلى ذلك، وبذلك يصبح هناك كوادر بشريّة نسائيّة مدرّبة ومحترفة، ويجب أن يترافق ذلك مع الحفاظ على قيم المجتمع وتعاليم الإسلام بحيث لا يكون العمل في المعارض بأي حال من الأحوال بالأسلوب المعتمد في معظم دول العالم حيث يتم التركيز - مع الأسف - على صورة المرأة كسلعة لا أكثر!
نموذج بنّاء!
من البديهي والواضح أن توظيف المرأة في المعارض كواجهة جماليّة لجذب اهتمام الزوار سياسة متبعة من قبل معظم الشركات العالميّة، إلاّ أن هناك تحفظات واسعة من قبل المرأة نفسها لمثل هذا التوجه، وحول هذا الموضوع تقول (نوال الصباح): علينا حث وسائل الإعلام للعمل على تغيير الصورة النمطية لنظرة المجتمع إلى مشاركة المرأة في المعارض وعملها في مجال التقنية عموماً، وأقترح إنشاء شبكة متخصصة في مجال العلوم والتقنية بهدف التواصل وتقديم المعرفة الحديثة للنساء العربيات، وهناك نماذج بناءة نأمل النظر إليها حيث لم تكن مصادفة أن تشغل امرأة، لأول مرّة، منصب وزيرة في دولة الإمارات وأن تعمل في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، فهذا القطاع يعتبر الأكثر جذباً واستثمارا لقدرات النساء، ولا شك أن مشاركة المرأة بشكل لائق بمعارض التقنية سيضيف جديداً ويحقق نجاحات إضافيّة لجميع الأطراف.
أين الخلل؟
لا شك أن أسواق الاتصالات وتقنية المعلومات في توسع مطّرد، وأن اعتماد الناس على التكنولوجيا يصبح أكثر إلزاميّة يوماً بعد يوم، والمرأة تعنى بشكل أساسي باستخدامات التقنية، ولا بدّ من أن يكون لها دور إيجابي في تحديد مسار وطريقة استخدام هذه التقنيات، ولعل المساهمة في خلق بيئة اجتماعية متقبّلة لعمل المرأة في هذا القطاع خطوة لا بدّ منها على أن تصحبها إزالة جميع الحواجز التي تتعارض مع عادات المجتمع وثقافته حيث لا يجب أن ينحصر دور المرأة في (المظهر الخارجي) أو حتى الاستهلاك والشراء فحسب بل ينبغي الالتفات إلى توظيف المهارات وتشجيع الابتكار والإبداع والابتعاد عن السطحيّة في التعامل مع عمل المرأة، وفي كل هذا شجاعة وخطوة مقدامة إلى الأمام لا بدّ منها في عصر التنافس والسباق بين الكبار والأقوياء.