مكافأة كبيرة لمن يجدها الغواصات «المستقلة» تفك أسرار المحيطات
|
* إعداد محمد يوسف:
هذه المحيطات الشاسعة، والتي تمثل أكثر من 70% من حجم كوكبنا الأرضي ما زالت مجهولة بالنسبة لنا، فكل الأجهزة الحديثة، والأقمار الصناعية وأجهزة الرصد الحديثة عاجزة عن اختراق أسطح المحيطات والنفاذ إلى أعماقها لمعرفة ما يدور في قلب هذا العالم الغامض. لكن الثورة الحديثة للغواصات الآلية، والتي تنزل لأعماق كبيرة تحت الماء، بدون تدخل بشري، وتجوب أعماق البحار والمحيطات وترسل التقارير عن الزلازل والبراكين والتغيرات الجوية، فتحت الباب أمام البشرية لسبر أغوار المحيطات وكشف أسرارها. وكل يوم تقريبا، وفي مكان ما من مساحات المحيطات الشاسعة، تحدث ثورة بركانية تحت الماء، تدفع الحمم البركانية الملتهبة إلى سطح الماء مغيِّرة بذلك ومجددة أيضا شكل القشرة الأرضية.
والحقيقة أن العلماء لا يعرفون الكثير عن هذه الأحداث المؤثرة على الأرض، لأنه عندما يعلمون بحدوث زلزال أو بركان في أعماق المحيط ويبدؤون في إرسال أدواتهم إلى هناك، تكون اللحظة الحاسمة قد مرت وانتهى الحدث، ولا يبقى منه سوى آثاره. كما أن أجهزة الاستطلاع التي تنزل في الماء ومربوطة بالحبال لا تحصل إلا على معلومات قليلة؛ ولكن هناك جيلاً جديداً من الغواصات الآلية تسمى «الغواصة المستقلة» ربما تحقق الأهداف المطلوبة والتي عجزت عنها الأجهزة الحالية. ولك أن تتخيل هذا السيناريو:
تحدد أجهزة الاستشعار مكان ثورة بركانية في قاع المحيط، وترسل تحذيرات وإشارات إلى الغواصات المستقلة للذهاب إلى مكان البركان، وتبدأ في البحث عن آثار البركان ثم تحدد مكان الريشة العملاقة الناتجة من انبعاث الحمم البركانية إلى سطح الماء، وذلك عن طريق تحديد الأماكن القاتمة أو الدافئة على سطح الماء، وتتتبعها، ثم تأخذ عينات من الماء وتحللها كل ثانية، مقدمة بذلك معلومات حيَّة عن الحدث بصورة فورية.
وحينئذ تتجه غواصة مستقلة أخرى إلى مكان الحدث وتلتقط صورا تفصيلية فورية للحدث البركاني، ومثل هذه المراقبة لحدث مثل هذا لم تتح من قبل للعلماء.
ما زالت البحار هي مفاتيح كثير من الأسئلة الهامة، ليس فقط تفاصيل البراكين المائية. ولكن مناخ الأرض وأيضا أصل الحياة على الأرض، ولكن كل هذا غائب عن أحدث أجهزة الرصد المتوفرة لدينا. فالضوء يتلاشى بعد أمتار قليلة في أعماق المياه، موجات الراديو تغرق وتنتهي، الموجات فوق الصوتية (السونار) تمثل الوسيلة الوحيدة لمعرفة الأعماق والمخلوقات الموجودة هناك. ويقول بلنجيهام أحد العاملين في مشروع الغواصة المستقلة، «نحن نذهب في السفن إلى الأماكن المطلوب دراستها، ولكننا لا نضمن أبدا وجودنا في المكان المناسب في الوقت المناسب، فإنه من الأفضل بكثير وجود الأجهزة مستعدة في المكان لرصد حدوث أي متغيرات».
أول غواصة بدون غواص كانت متصلة بحبال من الصلب، ومتصلة بسفينة الأبحاث، وكانت تنزل باستعمال المعدات مثل الأوناش والماكينات المربوطة به، وفي عام1993 نجح المهندسون في بناء أول غواصة مستقلة، يمكنها السباحة بحرية، ولكن التحكم فيها كان نصف آلي فكانت تحتاج إلى تدخل بشري، ولا تستطيع البقاء تحت الماء أكثر من بضع ساعات.
وفي خلال العامين الأخيرين، تحقق الاستقلال الكامل للغواصات الآلية، فالغواصات تستطيع الآن تنفيذ مجموعة مهمات محددة ثم العودة بعد ذلك، وبعض المهام استغرقت شهرا كاملا.
الغواصة الجديدة، وتعتبر أحدث طراز في الغواصات الآلية، موديل 2003، تسمى«دوريدو» وهي تأخذ شكل الطوربيد، طولها تقريبا خمسة أمتار وقطرها نصف متر، مليئة بالحاسبات وأجهزة الاستشعار المتقدمة وكاميرات التصوير، وجسمها الخارجي من التيتانيوم المقاوم للضغوط العالية، ومحفور عليها كلمة تقول: «جهاز علمي غير مسلح، مكافأة كبيرة لمن يجده، اتصل ب ......»، وهذا في حالة فقده، حتى يمكن العثور عليه مرة أخرى، كما به حوالي سبعة كيلو جرامات من مسببات الطفو، حتى إذا ضل في أعماق المياه يمكن أن يطفو مرة أخرى.
والحقيقة أن هناك فرضيات وظواهر كثيرة مطلوب تفسيرها، مثلا، كيف تؤثر المحيطات في مناخ الأرض؟ كيف تنتقل الحرارة في أعماق المحيطات، والتي تسبب حركة المياه الدافئة إلى المناطق الباردة، مثل حركة المياه الدافئة شمالا، حيث تفقد حرارتها وتبرد، وتصبح أثقل وزنا وأعلى ملوحة، وعندما تصل إلى المحيط المتجمد الشمالي فإنها تترسب وتستقر؟
هناك أيضا حركة تيارات المياه التي تغيرت في السنوات الأخيرة، تلك الظاهرة وغيرها ما زال العلماء حائرين في معرفة أسبابها.
ومع كل، هناك أمل كبير في أن تساعد رحلة «دوريدو» القادمة في أعماق المياه على حل هذه الألغاز التي لا يمل عالم المياه الزرقاء من فرضها علينا من وقت لآخر!
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|