الموناليزا أمٌّ لخمسة أطفال فريق فني يتعرَّف على صاحبة اللوحة الشهيرة بواسطة المسح ثلاثي الأبعاد
|
* إعداد - محمد شاهين:
حدث آخر من سلسلة أحداث استخدام الأجهزة والتكنولوجيا في الكشف عن رموز التاريخ والفن والتحف في العالم، حدث آخر يجعلنا ندرك ما للتقنيات من أهمية ومكانة ليس لنصطحبها إلى المستقبل، أو بالأحرى تصطحبنا، وإنما أيضاً لكي نعود بنا إلى الوراء وتغوص بنا في بحر أسرار الماضي لتكشفه لنا وتبرز فيه جوانب جديدة لم نكن لندركها من قبل.
في المثال التالي تأكيد على ما أقول، وقبله يمكن أن نتذكر أسرار الأهرامات المصرية التي يكتشفها العلم الحديث بتقنياته واحداً تلو الآخر.
الموناليزا تلك المرأة الغامضة التي خلّدت في لوحة في القرن السادس عشر للفنان الكبير ليوناردو دا فينتشي، كانت قد ولدت ابنها الثاني للتو عندما جلست لكي يتم رسمها في لوحة فنية رائعة، ذلك على حد قول الخبير الفني الفرنسي الذي انتهى من دراسته حولها في الأسبوع الماضي.
الاكتشاف توصّل إليه فريق العلماء الكنديين الذين استخدموا الأشعة تحت الحمراء الخاصّة والتكنولوجية ثلاثية الأبعاد للنظر من خلال طبقات الطلاء المنيعة في هذه اللوحة والتي تقبع الآن في متحف اللوفر في باريس.
وفي هذا الخصوص قال برونو موتين من مركز المتاحف الفرنسية للبحث والترميم إنه بالفحص الدقيق للصورة أصبح واضحاً أن رداء الموناليزا غطّى بحجاب من الشاش الشفّاف الرقيق. وأضاف في المؤتمر الصحفي الذي عقده: إن هذا النوع من الرداء الشاش كان يستخدم بشكل شائع في أوائل القرن السادس العشر في إيطاليا من قبل النساء اللواتي كنّ حبالى أو اللواتي قد ولدن للتو.
وهذا الشّيء لم يسبق أن تم مشاهدته حتى الآن لأن الصورة حكم عليها دائماً بأنها مظلمة وصعبة الفحص، ونحن نستطيع القول إنّ هذه الصورة الآن من قبل ليوناردو دا فينتشي رسمت للاحتفال بولادة الابن الثاني للموناليزا، الذي يساعدنا بتحديد تاريخه بدقّة أكبر فى حوالي 1503 فهذه الشابّة ذات نصف الابتسامة الغامضة تم تحديد شخصيتها بأنها ليزا غيراردني، زوجة تاجر من فلورينتين يعرف باسم فرانسيسكو دي جيوكوندو، وكان لديها خمسة أطفال.
وقال موتين أيضاً إنه على النقيض من الاعتقاد الشائع، بأن السيدة لم تترك شعرها يتدلى بحرية لكن في الحقيقة لبست غطاءً أظهرت منه فقط بضعة خصلات من الشعر استطاعت الهرب من الغطاء.
وقال: الناس كتبوا دائماً أن الموناليزا سمحت لشعرها أن يتدلّى بحرية على أكتافها. وقد أدهش هذا المؤرخين للغاية لأن ترك الشعر بحرية أثناء عصر النهضة كان مثالياً للبنات الصغيرات والنساء قليلات العفة.
وقال خبراء من مجلس البحث القومي في كندا إن الصورة كانت في حالة هشّة لكن من الممكن أن لا تعاني من الضرر الأكثر من اللازم إذا تم توجيه العناية لها بشكل صحيح.
وقال المجلس إن اللوح الخشبي الذي رسمت عليه لوحة الموناليزا حساس تجاه التقلبات في المناخ ودرجة الحرارة، ولكن على أي حال، في حالة الحفاظ على ظروف التخزين الحالية، لا يوجد هناك خطر.
من ناحية أخرى أضاف المجلس في بيانه أن الشق الموجود في اللوحة بطول 12سنتيمتراً في النصف العلوي منها، وهو من المحتمل يكون بسبب إزالة الإطار الأصلي وإصلاحه بين منتصف القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، ويبدو في حالة مستقرّة ولم يسؤ بمرور الوقت.
وقد تمنى المجلس اكتشاف تفاصيل أكثر حول أسلوب (sfumato) الذي استخدمه ليوناردو بشكل مهذّب للمزج بين لون واحد مع الآخر، الذي استخدمه الفنان لإيجاد تأثير خافت، لكن العالم جون تايلور قال إن الفريق كان قد أحبط بسبب قلة تفاصيل ضربات الفرشاة على الصورة.
وقال العالم: هو يرسم برقّة شديدة وبدون تغيير، ومع هذا تبدو تفاصيل ضفائر الشعر، على سبيل المثال متميّزة جداً، لذا فإن هذا الأسلوب على خلاف أيّ شيء رأيناه قبل ذلك متميزاً للغاية فقد كان ليوناردو في عالم فني خاص به.
ويظهر الفحص الدقيق لل craquelure - النمط الرفيع للشقوق التي تتكون على اللوحات القديمة - أن طبقات الطلاء ما زالت ملتصقة بلوحة خشب شجرة الجور بشدّة التي أبدع ليوناردو عمله العظيم عليها.
وقال تايلو: لم نر أيّ إشارة لإزالة الطلاء، لذا بالنسبة للوحة فنية بعمر 500 سنة يعتبر ذلك أخباراً جيّدة جداً، وإذا استمروا في الاحتفاظ بها على نفس المنوال في غرفة واقعة تحت التحكم البيئي، يمكن أن تبقى هكذا لوقت طويل جداً.
.....
الرجوع
.....
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|