قد لا يعلم كثيرون أن التجارة الإلكترونية أصبحت أمراً مهماً وسهلاً في الوقت نفسه، وقد لا يدرك تاجر لم يسبق أن تعامل بتلك التجارة هذه الأهمية وتلك السهولة، غير أن النمو الهائل في البيع والشراء عبر الإنترنت في أميركا وأماكن أخرى من العالم والتطوّر المتزايد لحجم هذا النوع من التجارة بوصفها عاملاً اقتصادياً قوياً يستدعي نظرة جادة إليها.
ورغم أن التجارة الإلكترونية العربية ما زالت في مراحل نموها الأولى، إلا أنها نمت بوتيرة متسارعة في السنوات القليلة الماضية، وتعددت المتاجر الإلكترونية العربية وازدهرت.
وقد نمت التجارة الإلكترونية العالمية بوتيرة متسارعة منذ ما يقارب عشر سنوات حين انطلاقها. وقد أخذ المستخدمون العرب يدركون ما للتجارة الإلكترونية من فوائد ومزايا.
أسامة العويش، وهو صحافي، يشيد بالشراء عبر الإنترنت لمختلف الحاجات ولاسيما تلك التي لم تصل بعد إلى أسواق المنطقة وبخاصة الأجهزة الإلكترونية الحديثة، ويقوم بشرائها من مواقع عربية ومواقع عالمية عديدة أهمها eBay.com، عن سبب إقدامه على الشراء عبر الإنترنت، يقول أسامة: ألجأ للشراء عبر النت لعدة أسباب ولعل أبرزها ما يتعلق بالسعر، فهو أرخص في معظم الأحيان، أو بسبب عدم توافر السلعة في المملكة، فأضطر لشرائها عبر النت.
ويشير إلى أن موقع eBay.com الذي يعمل بطريقة المزاد، هو أكثر المواقع التي يرتادها للشراء، ويضيف: بالنسبة لمن يحتاج غرضاً غير متوافر في بلده لا شك أن الشراء عبر الإنترنت أنسب من عدم الشراء أو الانتظار إلى حين يصل ذلك الغرض إلى أسواق المنطقة.
مشروع متخصص
أما رمزي تيماني الذي يعمل مهندساً في شركة سعودية فقد بلغ به تحمسه للتجارة الإلكترونية أن يفكر في إنشاء مشروع متخصص في هذا المجال حيث قال: (أشتري من الإنترنت معظم المشتريات، ولاسيما أشياء مثل الكتب والهدايا، كما أنني أستخدم الإنترنت للحصول على الخدمات كتسديد الفواتير وأمور بنكية عديدة مثل الحوالات. ورغم أن أجور الشحن ما زالت مكلفة في العالم العربي وأحياناً تعادل ثمن البضاعة نفسها في حالة أنها شُحنتْ من دولة غربية، غير أنه يرى أن (المرء يكون مستعداً أحياناً لدفع مبلغ إضافي مقابل الراحة، ومقابل أن تصله البضاعة التي يشتهيها بالجودة التي يريدها والسرعة التي يحتاجها؛ فالذهاب إلى الأسواق وتكبد الزحمة وأزمة السير من محل إلى آخر أصبح مزعجاً بالنسبة للبعض. والتسوق عبر الإنترنت يتيح استعراضاً لعدد أكبر من المتاجر والمقارنة بينها للبحث عن ضالتك وأنت مرتاح في بيتك. وفي الصدد نفسه لا بد من التنويه بأن نشر المعرفة أيضاً من مزايا التجارة الإلكترونية، لاسيما أن الكتب هي من أكثر البضائع التي راجت ونجحت تجارتها عبر الإنترنت.
وصول المعلومة
ويقول سلطان الشهري صاحب موقع تصليح وبيع أجهزة الحاسوب وبرامج على الإنترنت: (سهّلت التجارة الإلكترونية على الزبون العربي وصول المعلومة، فقد استطاع النت أن يخدم المستهلك العربي بتوصيل المعلومة والغرض الذي يحتاجه أينما كان، وأن يقوم القائمون على تلك المواقع بإيصال تلك الأدوات لشريحة أكبر من المستهلكين).
ويمتاز التسوق الإلكتروني بكونه متوافرا 24 ساعة في اليوم وطيلة أيام الأسبوع وعلى مدار السنة، فلا يلزم الاستعجال للوصول إلى المحل قبل أن يغلق أبوابه. والتسوّق الإلكتروني يتيح مجالاً للبحث عن الأشياء النادرة أو تلك التي لم تعد تباع في الأسواق).
معدلات نمو عالية
وقد أشارت دراسة أعدها مركز (مدار) لدراسات الاقتصاد الرقمي إلى أن عمليات حجز تذاكر الطيران والفنادق عبر الإنترنت شكلت حوالي 39% من إجمالي معاملات التجارة الإلكترونية بين الشركات والأفراد في دول مجلس التعاون خلال العام 2005م.
كما توقّعت تلك الدراسة أن تحقّق التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي معدلات نمو عالية لتتجاوز قيمتها مليار دولار بحلول عام 2008م، حيث تتصدر السعودية والإمارات دول المجلس في هذا المجال.
وتشمل الخدمات عبر الإنترنت أيضاً تلك التي تتضمن دفع ثمن مقابل الدخول إلى قواعد البيانات مثل (أسك زاد) (ask Z) وجهينة أو خدمات الترجمة الآلية مثل ترجمة عجيب.
وفي زمن يتنقل الناس بعيدين عن المعارف والأقرباء، وفّرت الإنترنت لمن هو بعيد عن أهله وأحبائه أن يرسل لهم علبة حلوى، مثلاً، في نفس يوم مناسبة معينة، ولمن هي بعيدة عن ابن أخيها في يوم عرسه أن ترسل له باقة ورد، علماً أن الفترة ما بين تقديم طلبية لإرسال الزهور، عبر الإنترنت وتوصيلها إلى الشخص المعني قد تكون ساعتين إلى ثلاث ساعات حسب الوقت الذي نحصل به على الطلبية.
كما أصبح بمقدور الشركات الحد من الوقت والمال لترويج البضائع وعرضها في الأسواق، لتصل إلى أكبر عدد ممكن من الزبائن أينما كانوا وعلى مدار الساعة، مما يوفر فرصة لمزيد من الأرباح.
وتعد التجارة الإلكترونية فرصة للشركات لتخفيض التكاليف؛ إذ إن إعداد متجر إلكتروني أقل كلفة من بناء متجر فعلي، وصيانته أيسر، فهو لا يحتاج إلا إلى استئجار مخرن للبضائع، ويحتاج إلى عدد أقل من الموظفين لعمليات الجرد والأعمال الإدارية الأخرى.
وتعد الصفقات المالية الإلكترونية أسرع؛ لذا فإن الموظفين يقضون وقتاً أقل في إنجاز المهام التي يمكن أن تؤديها الآلة، ووقتاً أكثر في المهام التي تتطلب التدخل الإنساني.
طرق الدفع
رغم أن بطاقة الائتمان هي الوسيلة الأسهل والأكثر شهرة عالمياً للدفع عبر الإنترنت، إلا أن الوسائل الأخرى للدفع أضحت شائعة لدى المستخدمين، نظراً للتخوف من عمليات الاحتيال وسرقة رقم البطاقة أو لصعوبة الحصول على بطاقة الائتمان لدى الكثيرين، ومن هذه الوسائل خدمة الدفع عند التوصيل والبطاقات المدفوعة سلفاً والحوالات البنكية.
ولعل بطاقة كاش يو CashU من أشهر البطاقات المدفوعة سلفاً الشائعة للشراء عبر الإنترنت لدى المستخدمين العرب. ويفضلها الكثيرون باعتبارها أكثر أماناً من بطاقات الائتمان، ويمكن لأي شخص شراؤها بغض النظر عن سنه أو جنسيته أو وضعه المالي، وذلك من موزعيها المعتمدين والموجودين بكثرة في معظم الدول العربية.
وتمتاز بطاقة كاش يو بأنها يمكن أن تتوفر لأي شخص، فعلى خلاف بطاقة الائتمان، لا يلزم أن يكون لديك حساب بنكي أو تاريخ ائتماني credit history، كما لا يلزم أن تعبئ أي استمارات أو انتظار الموافقة، بل تحصل عليها مباشرة، ومن مزاياها أيضاً أنها محمية بكلمة سر فهي أكثر أماناً، وعلاوة على ذلك يمكنك باستخدام كاش يو لتحويل مبالغ مالية من حساب كاش يو إلى آخر، أي لصديق أو قريب.. ومن الطرق الأخرى للدفع عبر الإنترنت الشيك المصدّق أو عبر شركة تحويل الأموال السريعة Western Union، حيث إن معظم العرب يفضلون الدفع عبر شيك مصدق للشراء من تلك المواقع.
تحديات وعقبات
سوف تبقى التجارة الإلكترونية رهينة استخدام الإنترنت من جهة ورهينة استخدام بطاقات الائتمان من جهة أخرى، ولا يزال كثير من الناس يترددون في الحصول على بطاقات الائتمان واستعمالها وحتى الذين يحصلون عليها فإن كثيراً منهم يعانون من قصور في الوعي وسوء الفهم يحدّ من استعمالهم لها إذ إن هناك سوء فهم وعدم توعية فيما يتعلق ببطاقات الائتمان، فالناس لا يعرفون أنه يحق لهم أن يرفضوا مبلغاً مدفوعاً من بطاقة ائتمان، وأنهم يستردون حقهم في حالة سرقة البطاقة.
ويبقى أن التسوّق الإلكتروني ليس إلا جزءاً بسيطاً من التجارة الإلكترونية، فهذا المصطلح يشمل أيضاً صفقات تبادل الأسهم والسندات التي تتم إلكترونياً عبر الإنترنت، وشراء البرامج وتحميلها من الإنترنت دون الحاجة إلى الذهاب إلى السوق، وبيع وشراء المعلومات نفسها، وإضافة إلى التجارة بين الزبائن من الشركات والأفراد، تتضمن التجارة الإلكترونية أيضاً المعاملات التي تتم بين الشركات.