تمكن الجوال خلال فترة وجيزة من غزو عقول وقلوب الكبار والصغار.. الرجال والنساء وحتى الأطفال، وأيضا الإطاحة بمكانة الهاتف الثابت والحاسب الآلي والبريد التقليدي والانترنت، وأخيرا وليس آخرا معامل التصوير واستوديوهات وشركات الأغاني ودور العرض السينمائي والمسرحي ومحطات الإذاعة.
وإبان اتساع دوائر استخدام الهاتف الجوال لتشمل المهاتفة والألعاب ومشاهدة الأفلام والكليبات وسماع الراديو والأغاني الموسيقية والدخول إلى الانترنت وتحديد المواقع والتصوير الثابت والفيديو بدرجة نقاء وجودة عالية ومتابعة أخبار البورصة والاشتراك في المسابقات وغيرها الكثير من مجالات الاستخدام.
لقد أصبح الجوال بين يدي الجميع متجاوزا جدلية الضرورة إلى الآفاق الرحبة والعالمية للموضة الشكلية والتقنية، بل انه لم تعد جودة الصوت وقوة الإرسال والاستقبال هي العامل الرئيس أو المحدد الأهم في تقييم الهاتف الجوال من جانب المقبلين على شرائه!!.
وعبر التقنيات الحديثة التي لا تتوقف عن الدوران في عجلة التطوير المحرك الرئيس لعصر الاتصالات الذي نعيش أزهى أيامه حاليا، تمكن الجوال من التقدم بخطى واسعة في طريق التحديث ويتضح ذلك من الخصائص الداخلية التي بات يتمتع بها من تصوير حديث والولوج إلى الانترنت ومتابعة البورصة والأخبار والمباريات الرياضية والبرامج المباشرة وتبادل المعلومات وما يخفيه المستقبل أكثر مما نظن، وحتى الإمكانات الخارجية والشكلية فقد أصبح هناك تنوع كبير في الأشكال والأحجام والألوان والاكسسوارات.
ورفع الجوال شعار (التغيير) بالطبع تغيير وتطوير التقنيات والإمكانات وليس تغيير الجغرافيا والتاريخ كما يقول البعض هذه الأيام، فلا يكاد يتطرق إلى أسماعنا تقنية أو ميزة جديدة في الجوال حتى تطرح في الأسواق أخرى احدث منها لتلبسها ثوب القدم، ولعل ما يسهم في ارتفاع صهيل التحديث المستمر احتواء ميدان السباق - سوق الهاتف الجوال العالمي - على العديد من خيل السباق - الشركات المصنعة - والفرسان - العلماء والمبتكرين - بل وتحمله أيضا للمزيد من الخيول دون اعتراض.
وهكذا انقلب الحال الذي من الصعب أن يدوم وسط هذا التطور غير المسبوق في عالم ما بعد الحداثة، فالهاتف بعد أن كان من المتطلبات الحياتية بات وسيلة من وسائل الرفاهية.
ومن خلال هذا الاستطلاع نحاول التعرف على آراء بعض الشباب في تلك المسألة، للوقوف على مدى ارتباط الجوال لديهم بمقتضيات الاستخدام أو تجاوزه لأهمية الشكل والحداثة.
الفائدة والضرورة
في البداية يقول يوسف: أنا لا يعنيني كثيرا متابعة الجوالات الحديثة واقتناؤها مثل الكثير من الشباب الذين يفكرون في مواكبة الموضة دون تحديد لمدى حاجتهم للمميزات الموجودة بها لكن من باب التميز والكشخة ليس إلا، وما يعنيني في المقام الأول جودة الجوال والخدمات التي يوفرها ومدى احتياجي إليها بعيداً عن حداثته أو سعره لذلك غالبا ما اقتني جوالات مستعملة.
ويقول (دحام علي): إن شرائي للجوال لا يتوقف على الموضة والحداثة بل اختاره تبعا للمواصفات التي احتاجها في الاستخدام وتناسبني فعليا بعيدا عن التقاليع، وفي الفترة الأخيرة ظهر بالأسواق العديد من أنواع الجوالات بمسميات مختلفة محلية مثل الشيطان والدمعة والاباتشي وغيرها من الأسماء المتداولة بين الشباب، فالجوال الآن يعبر عن شخصية مستخدمه والغالبية من الشباب يسارعون إلى اقتناء آخر وأحدث الجوالات التي تطرح بالأسواق مهما ارتفع سعرها وهم يعتقدون إنها أفضل المميزات وبالفعل قد تكون كذلك ولكن لا تفيدهم، حتى الأطفال في المدارس باتوا يتسارعون في شراء الجوالات الحديثة والتفاخر بها بين أصحابهم. وأضاف قائلا: صديقي لديه مجموعة من الجوالات الحديثة في المنزل يخزنها بعدة أرقام رغم انه عاطل لا يعمل ولا تفيده ولكنه يهوى الجوالات الحديثة بشكل غريب، وطبعا كل هذا إسراف وتبذير في نظري، الجوال ضرورة للموظف والموظفة وحتى لبعض المهن وكل من هم بحاجة إليه المهم أن يكون الاستخدام له أهمية فعلية.
الموضة أولاً
وخلافا لذلك يقول خالد حسن التركي: أفضل الجوال الحديث الذي يوافق الموضة واعتبره من مكملات (الكشخة) مثل الملابس والأحذية، ويهمني أيضا الألوان والأشكال والاكسسوارات الحديثة، لأنني لا استخدم الجوال في الاتصال فقط ولكن في الاستماع للأغاني والبرامج والدخول إلى الانترنت. فالجوال عند الكثير من الناس شعار تميزهم عن غيرهم فإذا اقتنيت جوالاً قديماً يقيمك الناس حسب ذلك بأنك فقير ووظيفتك متواضعة ولا تستطيع شراء الجهاز الحديث، في الوقت الذي يقيم من يمتلك جوالا حديثا بأنه من علية القوم ووظيفته محترمة. ويتابع قائلا: بالطبع ذلك غير معقول فهو تقييم ظاهري ومبني على الشكل الخارجي ولكن بالأخير نحن مضطرون لمجاراة ذلك مما يجعلني لا اقتني إلا الجوال الحديث ولو اضطر للاقتراض.
ويوافقه الرأي إسماعيل صالح العنيزي الذي يقول: أعتقد أن الجوال أصبح هذه الأيام وسيلة ضرورية للحياة في كافة الأمور والمصالح سواء العمل أو التواصل مع الأهل والأصحاب أو حفظ المعلومات والتصوير ومتابعة الأخبار والأحداث وغيرها من الخدمات التي يوفرها الجوال الحديث بكل سهولة. وبعد أن أصبحنا نتعامل معه مثل الهاتف العادي من كثرة استخدامنا له فمن الطبيعي أن أبدل جوالي كل فترة وأخرى من باب التغيير وكسر الملل وأيضا أجاري (ربعي) من ناحية (الكشخة) التي تتغير باستمرار مع ظهور جوالات حديثة بالأسواق، المهم قبل ما يقدم الجوال ويتعطل لأي سبب حتى لا اخسر من سعره كثير لأتمكن من شراء الجديد، فجميعنا نتبارى في الحصول على الأحدث والأجمل.
ودائما ما يكون هناك اختلاف كبير بين الجوال الحديث والقديم حيث يحتوي الحديث على مزايا وخدمات كثيرة وإضافية تفوق القديم، أكثرها يتعلق بالانترنت وإمكانات الصوت والصورة والمشاهدة الحية للفضائيات ومتابعة البورصة، ومما لا شك فيه أن تلك الإضافات تحمل أهمية في الوقت الحاضر للكثير من الناس وبذلك تتلاشى الحدود بين الموضة والفائدة فتتحول (الكشخة) لضرورة.
دون تحديد
من جانبه، يؤكد عبد الله مساعد المالكي أنه لا يقيس الموضوع بهذا الشكل ويقول: الجوال وغيره من الأجهزة الحديثة صنعت للاستفادة منها ولتسهيل حياة الناس، ذلك لا يمنع أن يبحث الإنسان عن الأفضل دائما في أي شيء حتى الهاتف، لكن ما يحدث الآن هو أن الشباب يسارعون إلى الموضة في الجوال الحديث بل وينتظرونه ويتابعون أخباره قبل وصوله والأدهى من ذلك أن بعض أصحابي من ذوي الرواتب العالية يقومون بالاتفاق مع بعض أصحاب المحلات أن يتصل به في حال وصول جوال حديث من النوع الذي يحدده في مقابل زيادة في السعر يتفقان ضمنياً عليها حتى يكون أول شاب يحمل هذا النوع من الجوال بالرياض، وقد يكون هذا الجوال الحديث أقل مميزات ولكن الشباب يرون أن الجديد أكثر ثمنا وآخر ما نزل بالأسواق، وأحيانا لا يحتفظ به من يشتري الجوال الجديد إلا لوقت قصير ثم يبدله بجديد وقد لا يستغرق هذا الوقت الشهر أو أقل. وهناك نوعية من الناس واعية جدا تعرف إمكانات الجوال الجديد وقدراته والخدمات الحديثة التي يقدمها ويتميز بها عن غيره من الجوالات الحديثة والقديمة نسبياً وأيضاً طريقة استعماله بالشكل الصحيح.
ويتابع المالكي: عندما أقوم بشراء جوال جديد لا ابحث عن الحديث فقط لأنه حديث وجذاب ومساير للموضة، ولكني ابحث عن الجديد بشكل عملي ومتوازن ودقيق خاصة أن أسعاره مرتفعة جداً، وفي نفس الوقت اهتم أن يكون الشكل الخارجي والألوان مناسبة ومتناسقة مع ابتعادي عن البهرجة في تلك المسألة!!.