إعادة هندسة إجراءات الأعمال
Business Process Re-engineering
|
* بقلم د: ماجد بن عبدالله المشارى آل سعود:
مع ظهورها في التسعينيات من القرن الماضي، تعتبر إدارة الإجراءات أسلوباً ناجحاً تبنته كثير من مؤسسات الأعمال لإحداث تكامل فعال بين الموارد البشرية وتقنية المعلومات بغرض الوصول إلى مستويات عالية في الأداء. لكن عدداً آخر من المؤسسات يحجم عن التحول من القالب الوظيفي للعمل إلى النمط الإجرائي لاعتقادها أنه مشروع طويل ومعقد ومكلف ويشتمل على الكثير من المخاطر.
لعل التجارب الفاشلة للعديد من الشركات التي قامت بإعادة هندسة إجراءاتها وفق آليات غير سليمة قد أسهمت بشكل كبير في بناء تصور مغلوط عن هذه الأساليب الفعالة، الا أن النجاحات التي تحققت للعديد من الشركات الرائدة في مجال إدارة إجراءات الأعمال تؤكد أثر هذه الأساليب في بناء بيئة الأعمال المفتوحة والقادرة على التأقلم مع متغيرات السوق ومستجدات العمل والجديد في تقنية المعلومات.
ومع تزايد الاهتمام بالتجارة الالكترونية والحكومة الالكترونية وتطبيقاتها، اكتسبت إدارة إجراءات الأعمال أهمية أكبر كونها متطلباً أساسياً لنجاح هذه التطبيقات.
ولعل الإقبال المتزايد على أنظمة تخطيط موارد الأعمال (ERP)وأنظمة ادارة علاقات العملاء (CRM) وأنظمة إدارة المعارف(KM) أوضح مؤشر على ذلك.
فإدارة إجراءات الأعمال أداة فعالة في اكتساب القدرة التنافسية من خلال ربط أفضل التجارب (Best Practice) بإجراءات العمل ووظائفه. ويتطلب ذلك قدراً من الانسجام الاستراتيجي (Strategic Alignment) بين الأساليب التالية لتحسين الأداء والتي تعمل في مجموعها على إحداث التحول الإجرائي (Process-Orientation) للعمل:
- مسح أفضل التجارب وإدارة المعارف وتحليل الإجراءات (Process Analysis)، وذلك بغرض تحديد وفهم إجراءات العمل.
- أنظمة المحاكاة، وتدفق العمل (Workflow) وتحليل الإجراءات، وذلك بغرض نمذجة الإجراءات وبناء سيناريوهات تنفيذها.
- ادارة المشاريع وادارة المخاطر، وذلك لادارة تطبيق الاجراءات ذاتها وتقليل المخاطر على العمل جراء ذلك.
- التجارة الالكترونية وتكامل تطبيقات الأعمال، وبذلك بغرض تمكين الاتصال بين الإجراءات المختلفة.
- قياس الأداء وتعزيز قدرة ما يسمى بذكاء المؤسسة (Business Intelligence)، وذلك بغرض مراقبة سلوك الإجراءات وتصحيح (realignment) أي انحراف في دائها.
- ادارة التغيير (Change Management)، وذلك لتسهيل تقبل إجراءات العمل في بيئته.
وبشكل عام، فإن إدارة إجراءات الأعمال ستبقى دائماً أسلوباً مهماً لتحسين الأعمال نظراً لأن الحاجة إلى التغيير والتطوير في العمل مستمرة ولا يمكن أن تقف عند حد معين.
تتميز إدارة إجراءات الأعمال بالعديد من الخصائص المتمركزة على الاجراء ذاته. فتعريف العمل وفق إجراءات يفيد في وصف كيفية اتمام العمل، وبالتالي يسهم في معرفة الاشكالات المتعلقة بالنمط الوظيفي وإزالتها.
كما أن الإجراءات هي الوسيلة الأجدى في استثمار قدرات تقنية المعلومات لخدمة وظائف العمل المختلفة، وهي كذلك أسلوب فعال في الحصول على أكبر قدر من الجودة في أداء العمل وباقل تكلفة.
وأخيرا فإجراءات العمل هي المميز الحقيقي لمؤسسة أعمال ما عن منافسيها اذ هي تعبير عن طريقة تنفيذ العمل داخل المؤسسة والذي يؤدي بها إلى مستوى تنافسي معين.
ما المقصود بإعادة هندسة إجراءات الأعمال ؟ حيث إن فكرة إعادة هندسة إجراءات الأعمال فكرة جديدة نسبياً، فقد تم استخدام عدة أسماء مختلفة لوصف هذا النشاط، منها تحديث الإجراءات، إعادة تصميم إجراءات الأعمال، إعادة هندسة التنظيم، إعادة تصميم إجراءات الأعمال، إعادة بناء الأعمال.
وقد قام عدة باحثين بتعريف إعادة هندسة إجراءات الأعمال(BPR) بطرق مختلفة، بعضهم اعتبر أن إعادة هندسة إجراءات الأعمال هى إعادة لتصميم الإجراءات، في حين ان البعض الاخر اعتبرها تحويلاً كاملاً للتنظيم الإدارى الاجرائى والهيكلى للمؤسسة أو الشركة.
وهناك تعريفات مختلفة لإعادة هندسة إجراءات الأعمال تظهر وجهات النظر المختلفة للباحثين منها تعريف (هامر وشامبى) حيث عرفا إعادة هندسة إجراءات الأعمال بأنها:
أساس إعادة النظر وإعادة تصميم إجراءات الأعمال الاصلاحية تهدف لاحراز تحسين مثير للاهتمام يتزامن مع مقاييس (معايير) الأعمال، مثل الكلفة، الجودة، الخدمة، والسرعة.
ورغم اختلاف التعريفات والاصطلاحات المستخدمة للتعبير عن إعادة هندسة إجراءات الأعمال فإنها تتضمن التأكيد على أن إعادة تصميم إجراءات الأعمال باستخدام تقنية المعلومات الممكنة تقرب من التغيير التنظيمى، وتجعل إعادة هندسة إجراءات الأعمال متميزة عن وسائل وادوات الادارة الاخرى وتجعلها مثالاً يحتذى به.
ان التصميم الاجرائى للعمل يعطي الإمكانية لتحقيق افضلية المنافسة، وهو الطريق الوحيد الذى من خلاله يمكن تحسين الأعمال لتخفيض المجموع الكلي للتكلفة دون التأثير على جودة المخرجات.
لذلك فإن تبني أسلوب إجراءات الأعمال هى طريقة مناسبة لتفعيل تقنية المعلومات لمساندة تحسين إجراءات الأعمال، ويمكن تقسم إجراءات الأعمال ان إلى أربع مجموعات هى:
1- إجراءات متعلقة بالعمليات الرئيسة للمؤسسة.
2- إجراءات مساندة للعمل.
3- إجراءات ادارية متعلقة بتنظيم الموارد والتحكم بها.
4- إجراءات متعلقة بعمليات خارج نطاق المؤسسة الادارى وتؤثر على طبيعة عمليات المؤسسة.
إدارة التغيير Change management تشمل إعادة هندسة إجراءات الأعمال تغييرات أساسية وجوهرية هامة، تنشأ من الحاجة للتعرف والإقرار ان طريقتنا في اداء الأعمال في الغالب مصممة للعملاء، والخدمات والمنتجات، الامر الذى يختلف عن بيئة المنافسة المعاصرة.
هناك ايضا تحول في ناحية تحسين الجودة ،ناحية العميل ،ناحية التحديث.
اكثر من الاهتمام بالضبط والكلفة.
لذلك فإن المنظمات تتحرك باتجاه إعادة هندسة إجراءات الأعمال القديمة، عن طريق ادخال نظم وإجراءات جديدة ،تشمل طرقاً جديدة لاداء الأعمال.لذلك فهى تتضمن تغييرات هامة وجذرية.
استخدام تقنية المعلومات
يعتبر معظم الباحثين تقنية المعلومات الوسيلة الرئيسة والاقدر لإعادة هندسة الإجراءات وتنبع أهمية استخدام تقنية المعلومات الحديثة من قدرتها على مساندة وتمكين تنفيذ إعادة هندسة الإجراءات، حيث توفر تقنية المعلومات عدة قدرات ومزايا مثل: الاتصالات، الشبكات، السعة التخزينية العالية تقاسم المعلومات، الأداء، السرعة، لمساندة تشكيل إجراءات الأعمال.
كما انها تعيد تشكيل إجراءات الأعمال لان لها امكانية تسهيل تدفق المعلومات كما تضمن امكانية الحصول على معلومات متسقة وسريعة خلال الأعمال ،وعندما تستغل الشركة كامل قدراتها في تقنية المعلومات بعد إعادة هندسة إجراءات عملها فإن عملياتها تصبح مميزة عن الشركات الاخرى المنافسة لها.
مع ذلك فإن بعض المؤسسات التي استثمرت مبالغ كبيرة في تقنية المعلومات لم تلحظ تحقق تحسين في ادائها وهذا ناجم عن سوء استخدام تقنية المعلومات، حيث تم استخدامها فقط كاداة لمكننة وتسريع إجراءات عمل غير فعالة لم يعد جاريا العمل بها.
وهكذا فليس من المستغرب ان استثمار تقنية المعلومات في مثل هذه الحالات لم يحقق الفائدة المرجوة.
عليه فإن الاستفادة القصوى الناتجة عن تقنية المعلومات يمكن الحصول عليها من حسن استغلال مقدراتها لخلق إجراءات فعالة، وليس مجرد مكننة إجراءات غير فعالة لم يعد جاريا العمل بها.
إعادة هندسة إجراءات الأعمال وإدارة الجودة الشاملة أساليب الادارة المتعلقة بالجودة مثل ادارة الجودة الشاملة عادة ما تختلط مع إعادة هندسة إجراءات الأعمال، وهناك العديد من الدراسات التي حاولت التفرقة بين الاثنين من حيث الامور المتشابهة والمختلفة بينهما.
ادارة الجودة الشاملة وإعادة هندسة إجراءات الأعمال تتشابه في الملامح العامه، مثل مبادى الإجراءات، والحاجة للتغيير، احتياجات العميل، أهمية قياس الإجراءات، وأن كليهما يهدف لتحسين تنفيذ الأعمال لكسب المنافسة، ولكنهما على كل حال مختلفين في عدة وجوه فبينما ادارة الجودة الشاملة تكاملية، ومتدرجة بطبيعتها، فإن إعادة هندسة الأعمال متباينة، وجذرية في احداث التغيير.
كذلك، فإن تقنية المعلومات لها درو رائد في إعادة هندسة الإجراءات وان استخدامها يعتبر جزءا رئيسا في مشاريع إعادة هندسة الإجراءات، في حين ان دورها قليل الاهمية في ادارة الجودة الشاملة.
إعادة هندسة إجراءات الأعمال والمكننة تعتقد معظم المنظمات بإمكانية احراز تحسين مهم على اعمالها من خلال الاستثمار في تقنية المعلومات دون إعادة التفكير في إجراءات الأعمال القائمة، وهذا ربما يكون احد الاسباب التي جعلت تقنية المعلومات تفشل في احداث الفوائد المرجوة منها في معظم المؤسسات.
اذ إن مكننة إجراءات الأعمال غير الفعالة لا يمكنها ان ترفع مستوى الطاقة الانتاجية بل انها عادة تفشل في ذلك.
ورغم المعدل المرتفع للمنظمات التي فشلت في إعادة النظر في إجراءات الأعمال القائمة الا ان شركات اخرى مثل IBM استطاعت ان تحقق بفضل جهود إعادة هندسة الإجراءات تحسينا حقيقيا في كل من تخفيض الوقت، والتكلفة، وتحسين الجودة.
دور تقنية المعلومات في إعادة هندسة الإجراءات المتعلقة
بالتغيير التنظيمى
بسبب التعقيدات التي تشوب تقنية المعلومات فإن دورها في إعادة هندسة إجراءات الأعمال تم مناقشتها من عدة كُتاب وباحثين، فبينما يعتقد البعض ان تقنية المعلومات لها دور رائد في إعادة هندسة إجراءات الأعمال بل ان تقنية المعلومات تشكل احد اهم مكونات الكثير من مشاريع إعادة هندسة الإجراءات.
يرى آخرون ان إعادة هندسة الإجراءات ربما لا تستخدم تقنية المعلومات بالضرورة.
يعتقد البعض ان تركيب انظمة واجهزة حاسوبية جديدة وتحليل الانظمة ونمذجة الأدوات تشكل الاجزاء الاساسية المكونة لإعادة هندسة الإجراءات، في حين يذهب آخرون إلى ابعد من مجرد مساندة تقنية المعلومات عملية إعادة هندسة الإجراءات اذ يعتبرون ان تقنية المعلومات هى المحرك الرئيس لها.
وفى المقابل فإن هناك من يعتقد ان تقنية المعلومات يمكن ان تعوق جهود إعادة هندسة الإجراءات، من حيث ان استخدام تقنية المعلومات في إعادة هندسة الإجراءات من شأنه احداث تنظيم جديد للعمل بالمؤسسة من شأنه اعاقة التغيير مستقبلا.
وحيث ان مكننة الإجراءات اعتمدت تطبيقات انظمة فإن أي تغيير مستقبلي للإجراءات يتطلب إعادة بناء هذه التطبيقات.
وحسب استطلاع أجرى عن إعادة هندسة الإجراءات فإن60% من المنظمات تعتبر تقنية المعلومات رافداً مهماً لجهودهم في إعادة الهندسة.
وعلى كل حال فإن ضمان نجاح استخدام تقنية المعلومات في إعادة هندسة الإجراءات يحتاج فهما عميقا، بشكل عام فإن إعادة هندسة الاجراءات تكون ذات قيمة عندما ينتج عنها شيء جديد. لذا ينبغى للمؤسسات أن تضمن مستوى كافيا من المهارات وادارة قادرة لأعمال الأنظمة في الوقت المناسب.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|