سؤال يبحث الكثيرون له عن إجابة.. ما هي الحكومة الإلكترونية؟ وما نفعها؟
|
* إعداد : محمد العادلي
منذ سنوات والحديث يكثر عن مصطلح جديد هو (الحكومة الإلكترونية)، فبعد أن بدأت الدول الغربية بالخطوات الأولى في هذا المجال بدأت الكثير من البلدان ومنها البلدان العربية باتخاذ قرارات للبدء بتشكيلها، فما هو المقصود بهذا المصطلح؟ وما فائدة هذه الحكومة؟ وهل هي ضرورية في عصرنا الحالي؟ أسئلة مهمة حول هذا الموضوع ولعلنا نجيب هنا عنها وعن غيرها.
فالحكومة الإلكترونية هي بكل بساطة : الانتقال من تقديم الخدمات العامة والمعاملات من شكلها الروتيني الورقي الى الشكل الإلكتروني عبر الإنترنت.
?0254غير أن تحول حكومة ما الى حكومة إلكترونية ينبغي أن يسبقه انتشار واسع للإنترنت وأن تكون نسبة مستخدمي الإنترنت لا تقل عن ثلاثين بالمائة من نسبة سكان هذا البلد، كي يكون للعملية مردود خدماتي وجدوى اقتصادية تساهم في عملية التنمية. وحتى لا يصاب البعض بخيبة أمل من النسبة التي ذكرت آنفاً فإننا لا نعني بالضرورة وصول الإنترنت الى بيوت هذا العدد من السكان، بل يكفي أن تتوفر لهم إمكانية الولوج إلى الإنترنت (من مكان عملهم أو من مقاهي الإنترنت أو من منازلهم).
إن كثرة مشاكل البيروقراطية في الإدارة والصعوبات التي ترافق عملية تعقيب المعاملات، مع الانتشار الواسع للإنترنت دفعا بعدد من بلدان العالم الى التفكير بالتحول الى حكومات إلكترونية، وخصوصاً تلك البلدان التي تطمح الى جلب الاستثمارات ورؤوس الأموال أو تقديم خدمة جيدة لمواطنيها والمقيمين على أرضها.
ومن الواضح أن الكثير من الحكومات قد أدركت أن أكثر ما يخيف أصحاب رؤوس الاموال من الاستثمار في بلد ما هو انعدام وجود قوانين واضحة للاستثمار أو حركة حرة لرؤوس الأموال. ولذلك فالحكومة الإلكترونية بالتأكيد هي الحل لأنها تزيل كل لبس أو خوف. فعن طريقها يتاح للمستثمر الاطلاع على جميع القوانين الخاصة بالاستثمار وإنهاء معاملاته في بلد ما دون أن يغادر مكتبه أو حتى السفر الى ذلك البلد.
وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة للمستثمر فإن الحكومة الإلكترونية أكثر فائدة وتيسيراً بالنسبة للمواطن العادي أو حتى المقيم في أي بلد, وخصوصاً أنها توفر له أمرين في غاية الأهمية هما الوقت والمال, فربما تحتاج معاملة ما إلى ثلاثة أو أربعة أيام من التنقل من دائرة الى أخرى بالإضافة الى أجور المواصلات وتعطله عن العمل خلال هذه الفترة, على العكس من ذلك عند تعامله مع حكومة إلكترونية يكفيه عشر دقائق من العمل على الإنترنت لإنهاء معاملته.
ومن هنا ينبع دور الحكومة الإلكترونية في تنمية المجتمع, فتأمين الخدمات للمواطن بأسهل السبل يجعل تركيزه على عمله أكثر، ولا يفني جزءاً من عمره في تعقب المعاملات, كما يقضي هذا التحول على الروتين القاتل لموظف الحكومة وخصوصاً أولئك الذين يعملون بتماس مباشر مع الجمهور, كما يحد بشكل كبير من الفساد الإداري وخصوصاً عملية الرشوة، إن لم نقل يقضي عليها بشكل نهائي.
ومع ذلك لا بد من الإشارة الى أن التحول لحكومة إلكترونية يتطلب مبالغ طائلة, من بناء بنوك للمعلومات الى بنية تحتية مطورة للشبكات بالإضافة لإعادة تأهيل العاملين, كل هذا يكون دون جدوى إذا لم يتحول المجتمع قبل هذا الى مجتمع معلوماتي. ولذلك نرى عدداً كبيراً من بلدان العالم لم تتحول الى حكومات إلكترونية بعد وتنتظر نتائج تجارب الدول الأخرى التي سارعت الى التحول لحكومات إلكترونية, كما تنتظر التحول التدريجي للمجتمع الى مجتمع رقمي.
ومع ذلك فإن العديد من الدول العربية (ومنها الإمارات والسعودية وقطر والبحرين ومصر وسوريا وتونس وغيرها) بدأت منذ عدة سنوات بالتهيئة للانتقال نحو عصر الحكومة الإلكترونية بعد أن أدركت القدرات والفوائد والتسهيلات الكبيرة التي يمكن أن تقدمها. ولعل تجربة الإمارات عبر حكومة دبي الإلكترونية هي الأكثر باعاً في هذا المجال، فقد خطت خطوات كبيرة في هذا المجال, حتى بات يمكن القيام بعدد كبير من المعاملات دون أن تغادر كرسي مكتبك, فالنسبة العالية لمستخدمي الإنترنت في هذه الإمارة, وكذلك صغر حجمها, وكونها مركزاً تجارياً عالمياً وتفعيلها للدرهم الإلكتروني، كل هذا ساهم في الإسراع بعملية التحول الى حكومة إلكترونية.
والأهم من هذا وذاك أنها استطاعت سد الفجوة الخاصة بالتشريعات عندما أصدرت القانون الخاص بالتوقيع الإلكتروني والتبادل التجاري الإلكتروني والدرهم الإلكتروني.
ومن هذه التجربة الوليدة نستنتج أن عملية التحول هي عملية متكاملة, إذ لا يمكن إيجاد حكومة إلكترونية بدون وجود تشريعات تحكم هذه العملية, كما لا يمكن لحكومة إلكترونية أن تمارس عملها بدون اعتراف قانوني بالتوقيع الإلكتروني, أضف الى ذلك العملة الإلكترونية, فدفع رسوم معاملة تنفذ عن طريق الإنترنت يجب أن يتم عن طريق الإنترنت أيضاً. كما أن ذلك يستدعي وجود نظام الإلكتروني يعتمد عليه لدفع الرسوم والمشتريات.
إننا في العالم العربي بحاجة الى توفير الكثير من المستلزمات لدعم مشاريعنا الوطنية الخاصة بالحكومة الإلكترونية وهذه المستلزمات تحتاج الى الوقت أيضاً للقيام بعملية التحول الإلكتروني, لكن المبشر في الأمر هو أن الكثير من دولنا العربية باتت تتسابق فيما بينها من أجل إتمام ذلك.
وقبل ذلك كله بالتأكيد نحن بحاجة الى الفرد الذي يمتلك حاسباً شخصياً واشتراكاً في الإنترنت باعتبار كل منهما جزءاً أساسياً من البنى التحتية اللازمة للتحول نحو الحكومة الإلكترونية.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|