خسائرها بمليارات الدولارات سنوياً القرصنة الرقمية.. داء استشرى .. وحملة أخفقت
|
إعداد: محمد الزواوي
تستمر صناعة الترفيه في إشهار المزيد والمزيد من أسلحتها في حربها للقضاء على القرصنة الرقمية. بدءاً من الدعاوى القضائية ومرورا بحملات الدعاية التي توبخ من يقوم بعمليات القرصنة على منتجاتها. وقد شهدت صناعة الترفيه مؤخراً عددا من الدعاوى القضائية. وقامت المؤسسات الإعلامية بتجربة تكتيكات جديدة من أجل وقف ما اسموه بعمليات السرقة الجماعية للأفلام والعروض التلفزيونية عبر الإنترنت. ويكون ذلك أحياناً قبل طرحها للبيع بأشهر عديدة. ولم يكن التحول إلى العصر الرقمي سهلاً حتى الآن بالنسبة لتلك الشركات التي تخسر المليارات كل عام. ولكن المجهودات الأخيرة كشفت أن هناك شبكة ضخمة من الشركات عازمة على إيجاد طرق لكي تجبر الزائرين إلى مواقعها بدفع قيمة العروض المتاحة التي يمكن الوصول إليها أيضا ولكن بصورة غير قانونية. وربما تكونت قناعة لدى المسؤولين عن تلك الصناعة أن الاستئصال التام لعمليات القرصنة الرقمية لن يكون محتملاً أو حتى منطقياً.
أداة جديدة
ويقول روب أتكينسون من معهد تطوير السياسات في واشنطن ان الصناعة في النهاية سوف تبتكر أداة تجارية جديدة من أجل تطبيقها. "لأن معظم الأمريكيين يدركون أنه يجب دفع قيمة الأشياء التي يستهلكونها بوسيلة ما". ولكن ما يتم التفكير فيه الآن هو كيفية قيام مستهلكي البرامج الترفيهية بدفع قيمتها في المستقبل سواء برامج الموسيقى أوالأفلام أوالعروض التلفزيونية. وربما تعطينا بعض الإجراءات القضائية والمبادرات من الشركات العاملة في تلك الصناعة عن شكل سوق الترفيه في السنوات القادمة:
في الأسبوع الماضي أصدرت محكمة امريكية قرارين. أحدهما ضد صناعة الترفيه والآخر في مصلحتها. فقد حكمت محكمة فيدرالية برفض إغلاق موقعي Grokster وMorpheus وهما من أكبر مواقع تبادل الملفات على الإنترنت. وذلك لأنهما لايمكنهما التحكم فيما يدور داخل أنظمة تبادل الملفات خلالهما. حتى إذا كانت تلك الملفات لها حقوق نشر. وفي محكمة فيدرالية أخرى أصدر القاضي حكما ضد شركة Verizon للاتصالات وإجبارها على الإفصاح عن أسماء المستهلكين الذين يشتبه في تبادلهم للملفات الموسيقية التي لها حقوق ملكية. كما ستنظر محكمة أخرى في فلوريدا دعوى قضائية تريد منع الشركة من بيع برمجياتها التي تمكّن المستخدمين من نسخ أقراص DVD.
بدأت الرابطة الأمريكية لصناعة المواد المسجلة حملة مدتها أسبوع. سوف ترسل فيه رسائل فورية لأي شخص يقوم بتحميل موسيقى لها حقوق نشر من مواقع تبادل الملفات على الإنترنت. وتلك الرسالة سوف تكون جزءا مما أسمته الرابطة "بحملة توعية" لإعلام الذين يقومون بعمليات تبادل الملفات أنهم ليسوا مجهولي الهوية. وأنهم "يخاطرون بتعريض أنفسهم للعقوبات القانونية". وأن أفعالهم تضر بكل من كاتبي الأغاني والموسيقيين وكل موظفي صناعة الموسيقى.
أطلقت شركة أبل للحاسبات متجرا جديدا للمواد الموسيقية على الإنترنت اسمته iTunes. ووصفه الناقدون بأنه "أول خدمة موسيقية حقيقية على الإنترنت تتميز بأنها مفيدة وممتعة. وقانونية في الوقت ذاته" على الرابط التالي:www.applemusic.com . فبتسعة وتسعين سنتاً فقط للأغنية الواحدة يمكن للمستخدم عمل أسطواناته الخاصة بدون أية مصاريف شهرية إضافية. وقد قاتلت صناعة الترفيه في كل الجبهات التي تستطيع الوصول إليها؛ في المحاكم وفي مكاتب عمداء الكليات وفي مصانع الحاسبات. وحتى عن طريق الرسائل الفورية التي ترسلها إلى المستخدمين. أما المعارضون لتلك الشركات فليسوا فقط القراصنة. ولكن مجموعات مختلفة من تلك الأصوات التي تنادي بأن يظل الإنترنت مجانيا. أما بالنسبة لشركات الترفيه فإن الخسائر لا يمكن تجاهلها بحال من الأحوال؛ فتشير تقديرات صناعة الموسيقى إلى أن خسائر تلك الشركات تقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار سنويا من جراء عمليات القرصنة.
إجراءات مضادة
وحتى المستهلكين الذين لا يعرفون الفرق بين موقعي Gnutella و Kazaa ولم يقوموا بتحميل أي شيء قبل ذلك. فهم أيضا ليسوا بمأمن من الإجراءات المضادة التي سيتخذها مسؤولو تلك الصناعة. وفي خلال هذا الشهر سيقوم كبار النجوم مثل بن أفليك وكاميرون دياز بنشر إعلانات في الخدمات العامة التي تظهر في المسارح والسينمات المحلية تطالب الجماهير بألا يسرقوا موظفي صناعة الأفلام بتحميلهم أفلاما مجانا. ولكن مع وضع الجماهير في اعتبارها مداخيل النجوم الخيالية التي تبلغ عدة ملايين شهريا وفضول الجماهير لمعرفة ذلك. فإن تلك الإجراءات الأخيرة التي قام بها النجوم ربما تؤدي إلى حدوث أثر عكسي. كما يقول درو بورست المحلل بمؤسسة Bernstein في نيويورك. فالسلوك الجماهيري تجاه صناعة الترفيه في المجمل أحد العوامل الحاسمة في الفوز بدعمهم لكبح جماح القرصنة الرقمية. فعلى سبيل المثال عندما قامت المغنية مادونا بتوبيخ الذين يقومون بتحميل الأغاني من ألبومها الأخير الذي صدر مؤخرا. قام أحد الهاكر بمهاجمة موقعها بصورة دورية. واستطاع أن ينسخ كل الأغنيات التي على موقعها بدون أن يدفع سنتا واحدا. ويقول السيد بورست: "إن الناس معترضون على أن شركات الموسيقى لا تضيف شيئاً جديدا على صناعة الموسيقى، ولكنهم فقط يقفون في منتصف الطريق بين المستهلك والفنان. كما أنه لا يفيد الصناعة أن تتوتر العلاقة بين الفنانين أنفسهم وبين الشركات التي تتبناهم وتحتكر أعمالهم".
الشعور بالذنب
لذا فنتيجة لذلك فإن الناس لا يشعرون بالذنب عندما يقومون بسرقة تلك الشركات. في حين إن الفنانين أنفسهم قد وضعوا أنفسهم في صورة سيئة بتأنيبهم. ويضيف: "لقد كان شيئاً سيئاً أن يقوم الفنان بتوبيخ الناس قائلا "إنك تسرق موسيقانا" في حين إنه لا يوجد لهم البديل. ولكن الآن فإن صناعة الموسيقى تفعل الشيء الصواب بالإبقاء على احترام ما يريده الناس. وفي الوقت ذاته اكتشاف ما تريد تلك الشركات الحصول عليه من أموال". ولكن ليس معنى ذلك أننا نقول إن شركات الموسيقى قد تخلت عن الإجراءات القضائية المتشددة؛ ففي الشهر الماضي وحده قامت صناعة التسجيلات برفع دعاوى قضائية ضد طلاب جامعة برينستون. وضد الجامعة التكنولوجية بولاية ميتشيجان. وضد جامعة العلوم التقنية التطبيقية في نيويورك. مطالبة بتعويضات قدرها 150 ألف دولارعن خسائرها من جراء تحميل الأغاني مجانا عبر الإنترنت.وإيجاد موازنة بين الدخول في العصر الرقمي وسلبياته لن يكون سهلا بالنسبة لشركات الترفيه. ولذلك هناك العديد من الشركات التي ترفض الدخول في العصرالرقمي. مثلما نراه عندما نستعرض أقوال قادة الصناعة مثل جاك فالنتي رئيس رابطة الأفلام السينمائية الأمريكية. والذي وصف القرصنة الرقمية بأنها "التهديدالذي يلوح في أفق مستقبلنا".
قيود الشركات
ولكن يقول أتكينسون ان التوازن هو ما نحتاجه. أما إذا لم يوجد فقد تنبأ بأنه سوف تحدث "انتكاسة خطيرة على مستوى كل من المستهلك والمؤسسات. فالصناعة لا يمكن أن تغالي في التشدد من أجل حماية نفسها وإلا سوف تضر بالمستهلك". وسرد إجراءات للتحكم في المحتويات التي يشتريها المستهلك بصورة قانونية؛ مثل عمل أسطوانات لايمكن أن تعمل على جهاز العميل بدون الأسطوانة. أوإجبار مشاهدي المنازل على الجلوس أمام الأفلام المليئة بالإعلانات التجارية حتى نهايتها على أقراصDVD. بإضافة الشركات إمكانية عدم تجاهل لقطات من الفيلم أو مشاهدة بعضه.وأضاف: "ان القيود التي تضعها الشركات يجب أن تكون معقولة. فعدم مقدرة المشاهدعلى تقديم الفيلم على أقراص DVD لن يكون حلا معقولا في مواجهة القرصنة.
وكذلك فإن القضاء التام على القرصنة لن يكون ممكناً كما أنه لن يكون هدفا معقولا أيضا. فسوف يظل دائما هناك بعض من الناس الذين يتصرفون بصورة غير قانونية". وربما تظل جودة الخدمة هي الملاذ الأخير لصناعة الترفيه المنكوبة. ولنأخذ صناعة الأفلام كمثال على ذلك كما يقول السيد جوناثان زيتران أحد المشاركين في تأسيس مركز بيركمان للإنترنت والمجتمع في جامعة هارفارد. ويضيف: "ان عرض أفلام الفيديو عبر الإنترنت لا يزال في مراحله الأولى. وجودته ليست بالقدر المطلوب". ولا توجد الآن خدمة تبادل الملفات عبر الإنترنت تستطيع ضمان أن الملف سوف يتم تشغيله بصورة جيدة عبر الإنترنت. وربما يقوم الناس بدفع قيمة أكبر للمواقع المعترف بها من الصناعة والتي تضمن تشغيل الفيديو بجودة عالية. ولكن بدون تبني منهج يجمع بين الجودة التقنية الرقمية وبثمن معقول في الوقت ذاته. فإن الصناعة سوف تموت. وهل بالامكان وأن نقوم بإلغاء الانتشار الرقمي على الإنترنت فربما كنت أقول نعم يمكن. أما الآن فأنا أشعر أن ذلك لم يعد ممكنا". وربما تكون هذه العبارة أكثر انطباقا على مجموعة سنية معينة وهي فئة الشباب تحت 21 عاما الذين فطموا على الاستفادة من الأشياء المجانية عبر الإنترنت. ويقول آندي سيسنجر 20 عاما من ولاية أوهايو الأمريكية: "أنا أدرك تماما أنه لكي ننتج أسطوانة ما فإن ذلك يتكلف كثيرا جدا. ولكن قانونية تبادل المواد التي لها حقوق نشر لا تقلقني. فأنا أعتقد أنني لدي الحق في أن أقررما هو الصواب وما هو الخطأ عندما يتعلق الأمر بدفع مالي إلى شخص آخر. فسوف أعطي أموالي إلى الفرقة الموسيقية التي تروقني. ولا يجب علي أن أدفع أموالي إلى أي شخص آخر".
+++++++++++++++++++++++++++
* المصدر: خدمة "كريستيان ساينس مونيتور".
+++++++++++++++++++++++++++
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|