أخيراً.. خرجت أسرار اليابانيين على الإنترنت موقع القناة 2 يفتح المجتمع الياباني المغلق
|
* إعداد : سناء عيسى:
التقاليد اليابانية شديدة الصرامة وتمنع تماما المواجهات المباشرة وتوجب تقديس الصغير للكبير حتى لو كان أكبر منه بيوم واحد، الشتائم في اليابان ما هي إلا مدارة أو كلمات غير مباشرة، ولكن اليابانيين وجدوا أخيرا المتنفس الذي يسمح لهم بكل ما يجيش في خواطرهم.
القناة 2 اليابانية
القناة الثانية اليابانية هي أكبر موقع اجتماعي ياباني على الانترنت (http://www 2ch.net)، في هذا الموقع يسمح بكل شيء ممنوع اجتماعياً: الموظفون الساخطون يسربون المعلومات عن شركاتهم، الصحفيون يعلنون الأخبار التي لا يمكنهم نشرها في وسائل الاعلام بشكل مباشر، واللغة الدارجة التي لا يمكن سماعها في الحياة اليومية لليابان تجد مكانها في هذا الموقع.
موقع القناة 2 على الانترنيت يستقطب خمسة ملايين ونصف المليون مشترك كل شهر, كثير منهم يدخلون عدة مرات في اليوم.. تأسس هذا الموقع في عام 1999 ويسمى باللغة اليابانية (نيشانيرو) وقد أصبح شغل اليابان الشاغل.
الجهات الاعلامية تتابع هذا الموقع لقياس الرأي العام والاعتماد عليه في كثير من التقارير, كما أن الشركات الكبرى تراقبه بهاجس كبير لمتابعة شكل منتجاتهم وتقبل الناس لهذه المنتجات واعادة التقييم، والشرطة تتعامل فورا مع أي تهديدات تظهر على الموقع, فعندما ظهر تهديد بتفجير السفارة الصينية على هذا الموقع تشددت الحراسة حولها في الحال.
مقارنة بالأمريكيين الذين يعبرون بصراحة ووضوح عما يجيش في نفوسهم ويمكنهم التوجه إلى محطات الراديو أو أي جهاز اعلامي آخر ويبدأون في الحديث، نجد أن اليابان تختلف كثيرا لطبيعة المجتمع المحافظة, ففي الأحوال العادية لا يمكنهم الخروج عن المألوف أو العرف الاجتماعي, ولذلك وجد هذا الموقع الياباني الفريد اهتماما كبيرا، كما أنه ليس له نظير في الولايات المتحدة.
مناقشات مفتوحة
مثل كل مواقع شبكة الانترنيت الحرة والمفتوحة, يبدأ المستخدمون المجهولون في فتح مناقشات في آلاف الموضوعات الحساسة والمحظورة ثم تتوالى التعليقات، وعلى عكس الطبيعة اليابانية المحافظة التي تزن كل كلمة قبل التفوه بها وخاصة مع التقدم في السلم الاجتماعي فإن القناة 2 تحجب الوضع الاجتماعي لصاحبها لتحرره من هذه القيود الاجتماعية, وتعليق (الموت لك) هو تعليق دارج بالاضافة إلى التعليقات التي تتميز بالسخرية والقسوة والاندفاع.
موقع القناة2 على الانترنيت ليس هو صاحب أكبر زوار يابانيين على شبكة الانترنت ولكنه يأتي في الترتيب بعد 20 موقعا تجذب زوارا أكثر, وذلك طبقا لتقرير من Net Ratings اليابان في مارس الماضي ولكن معظمهم للتجارة والمبيعات.
وبالرغم من أن موقع ياهوو اليابان مفتوح للتعليقات أيضا إلا أن شهرة وتأثير القناة 2 تتفوق على موقع ياهوو.
وعلى عكس مواقع الشركات الكبرى فإن موقع القناة 2 يديره شخص واحد ومحتوياته يتحكم فيها المشاركون، ودخله الوحيد من اعلانات الشركات الصغيرة والمجهولة، ويعلق أكيكو سوجياما مدير قسم المعلومات بشركة جالا والمسئول عن تتبع صورة الشركات الكبرى على الانترنت عموما وعلى القناة 2 خصوصا (القناة 2 أصبحت اسماً لامعاً في المجتمع الياباني وتأثيره تعدى قياسه بالأرقام).
مدير ومؤسس القناة 2 هو هيرويوكي نيشيمورا ويبلغ من العمر 27 عاماً، وكان قد بدأ عمله في تصميم مواقع على الانترنت للشركات عندما كان يدرس علم النفس بالجامعة.
وفي عام 1998 درس عاما كاملا في جامعة وسط أركنساس وتأثر بثقافة الانترنت الأمريكية ومن ثم أنشأ موقع القناة 2، وفي مقابلة مع السيد نيشيمورا حاول التخفيف من تأثير موقعه الفريد وقال إنه أنشأه لأنه كان لديه وقت فراغ وكان هدفه تقديم الأساس لموقع الكتروني يتحكم زواره في محتوياته وإيجاد وجود ياباني في محيط شبكة الاتصالات العالمية.
دوافع غير تجارية
أحد الحوادث التي جعلت موقع القناة 2 مشهوراً كانت هي تعدي ممثل شركة توشيبا باللفظ على أحد العملاء أثناء إجرائه الصيانة، فما كان من العميل إلا أن سجل الحوار وبثه على موقع القناة .
وبعد ذلك بدأت شهرة القناة 2 في الزيادة حتى بلغت 5.4 ملايين زائر في الشهر الماضي بعد أن كانت 220 ألف زائر فقط في يونيو 2000 في بداية جذب الانتباه إليه. في الولايات المتحدة وأوروبا كان تقدم الانترنت وانتشارها سببه روح المجتمع وانفتاحه، أما في اليابان التي تأخرت في دخول عالم الانترنت كان سبب انتشارها الدوافع التجارية.
ويقول مدير قياس الانترنت في اليابان: (في التأثير على المجتمع فإن القناة 2 فريدة ولها دور كبير جدا.. لقد بدأ في تأسيس هذا الموقع لأنه يريد أن يستمتع بوقته ويحب ذلك وهذا التفكير غير معتاد في اليابان وهو أمر مثير.. أنا لو كنت مكانه لحوّلت الموقع للتجارة والربح فوراً).
أما أكثر الموضوعات شعبية فهي الأخبار وما يتعلق بها، والمعلومات السرية يبدأ تسريبها في هذا الموقع.
أما الموضوع الساخن الحالي فهو الأسباب الحقيقية وراء احتجاب الأميرة ماساكو عن الأنظار الشهور الماضية والتي لم تقربها الأجهزة الاعلامية إلا من بعيد.
والموقع أيضاً يفتح موضوعات محرمة في اليابان مثل حالات الاكتئاب، وإحدى المناقشات دارت حول هل يخبر الأب أبناءه أن جذورهم تعود إلى جماعة من المشردين أم لا، وهذا الأمر بالرغم من بساطته إلا إنه يمثل مشكلة في اليابان.
مشاعر القومية
تظهر القناة 2 الوجه الآخر لليابان، ومعظم الموضوعات تميل إلى القومية والخوف من الأجانب وخصوصاً الكوريين، وعندما أعلنت شركتا سوني وسامسونج أخيرا الاندماج, هاجم الكثير من اليابانيين سوني لتعاملها مع شركة من كوريا الجنوبية وقالوا (الموت لسوني) و(الموت للكوريين) وعبّر الكثيرون عن كراهيتهم للكوريين بألفاظ نابية.. البعض يرى أن هذا النقد ما هو إلا انعكاس لمجتمع نشأ على القومية والمحافظة.. أما البعض فيرى القناة 2 على أنها قائمة على صدمة الناس بالمبالغة.
ويعلق البروفيسور كاورو اندو استاذ العلوم الاجتماعية بجامعة جاكوشوين على سلوك زوار موقع القناة 2 قائلاً: (الممنوع مرغوب! إنهم يكتبون ما لا يستطيعون التلفظ به أمام الناس وهذا يختلف عن المشاعر الحقيقية).
قبل أيام قليلة أعلن السيد نيشيمورا أنه سيؤجر مكاناً لموقعه في شركة بالو ألتو بمبلغ 20 ألف دولار شهرياً لاستضافة موقع القناة 2 وقال إن الاعلانات ستغطي الإيجار بالضبط، كما أعلن أيضا أن الملل أصابه بسبب هذا الموقع وأنه غير جاذب للمستثمرين وعندما سئل عن دور هذا الموقع في المجتمع الياباني قال إنه لقتل الوقت، وأضاف قائلاً (معظم المشاركين في هذا الموقع من الأغبياء.. لا يمكن تغيير الواقع بالكتابة عنه ولكن هناك أشياء أخرى يجب فعلها لتغيير هذا الواقع) بالطبع تصريح نيشيمورا سيفتح عليه أبواب السخط على موقعه القناة (2).
.....
الرجوع
.....
| |
|
|