أهداف إستراتيجية للحكومة الإلكترونية لواء مهندس متقاعد/ فريج سعيد العويضي
|
يعيش العالم اليوم في مجتمعات متقاربة ومتصلة ليتحول إلى مجتمع واحد تربطه التقنية الحديثة برباط وثيق فتختلط المصالح وتسهل التعاملات والتبادلات التجارية مما ينتج عنه بالضرورة الحاجة الملحة لنظام حكومي إلكتروني يتفاعل مع السرعة الهائلة المطلوبة لتنفيذ الاحتياجات اليومية للمواطنين. وقد تمخضت تقنية المعلومات ونظام الإنترنت عن تطور هائل في الكفاءة والإنتاجية وخدمات الجمهور حيث يمكن استخدام الهاتف وشبكة الإنترنت العالمية على مدارالساعة وطيلة أيام الأسبوع.
ويمكن تلخيص أهداف النظام الحكومي الإلكتروني أو الحكومة الإلكترونية في النقاط التالية:
تسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية والتعامل معها باستخدام الحاسبات الآلية.
تطوير كفاءة وتأثير الخدمات الحكومية.
تطوير الإجراءات الحكومية مما يحقق السرعة في البت وإنهاء المعاملات.
ويمكن لصاحب النظرة الثاقبة أن يرى التوفير الاقتصادي الهائل الذي يمكن أن ينتج من تحقيق هذه الأهداف حيث إن التعامل مع الحكومة الإلكترونية يضمن مستوى عالياً من الكفاءة في إنهاء الإجراءات وتخفيض كبير في المصاريف المتكررة ناهيك عن توفير التكلفة الباهظة للأوراق وأحبار الطابعات والنماذج الورقية. وفوق كل هذا ما سوف يتحقق من خدمات حكومية مثالية للمواطنين حيث يتمكنون من قضاء حوائجهم بيسر وسهولة وهم في مكاتبهم أو منازلهم خلال دقائق بدلاً من أيام وأسابيع.
إن أكبر العوائق أمام الحكومات الإلكترونية التي ترتكزعلى القاعدة الشعبية بدلا من الاعتماد على المنظمات هي الازدواجية والتداخل بين الهيئات والمنظمات والإدارات الحكومية المختلفة ذات العلاقة بالخدمات الأمر الذي يؤدي إلى تعقيد الإجراءات وتكرارها كما أن تكلفة الحلول الفنية تكون باهظة ولا يتوقف ذلك عند الصرف على التطوير التقني بل إن هناك استمرارية في المصروفات التقليدية بجانب المصروفات التقنية مما يرهق الميزانية العامة ويؤدي إلى تأخير التطور التقني.
وينتج من هذه الازدواجية تعقيد الإجراءات حتى في المجال التقني حيث يضطر المواطن إلى التجول خلال كم هائل من الصفحات لتحقيق رغبته أوالحصول على المعلومات الضرورية لإنهاء معاملاته الحكومية.
إن تكرار النماذج والمعلومات التي تطلبها الجهات الحكومية المختلفة لتقديم أي خدمة للمواطن أمر مرهق وشاق لكل من المواطنين والمسئولين في الدوائر الخدمية. وعلى سبيل المثال يمكن لكثير من الدوائر الحكومية الاستغناء عن طلب صورة بطاقة الأحوال أوعقود الزواج وشهادات الميلاد وغير ذلك بالرجوع لقواعد معلومات لديها أولدى جهة حكومية أخرى وتتأكد من وجود تلك الوثائق بصورة آلية سريعة ويتم البت فيها بأسلوب آلي لإنجاز تلك الخدمة خلال ثوانٍ معدودة.
وموضوع الازدواجية والتداخل بين الجهات الحكومية الخدمية موضوع مهم يجب القضاء علية لما في ذلك من إهدار للجهد والمال والوقت لدى تلك الجهات ولدى المواطن كما أن تلك الازدواجية عامل مهم في إرهاق الميزانية العامة للدولة.
وفي هذا المجال لا بد من الإشادة بالتشكيل الوزاري الجديد الذي كان من أهم سماته ربط الهيئات والإدارات والوزارات ذات العلاقة ببعضها. مما سيؤدي حتما إلى اكتشاف الازدواجية والمساهمة الفاعلة لإنهائها. بالإضافة إلى ذلك هناك عوائق أخرى تواجه الحكومة الإلكترونية مثل قصور الثقافة الإلكترونية وغياب التنظيم الإداري الإلكتروني الموحد وعدم توفر الثقة في تقنية المعلومات ومدى حفظها من الأيدي العابثة والمحافظة على سريتها وأساليب التحقق من شخصية المستفيد من الخدمات التقنية والتوقيع الإلكتروني.
وقد يكون مشروع البنية التحتية الذي تشرع الآن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في تنفيذه عاملاً مهماً في تحقيق الثقة وإيجاد وسيلة فاعلة للتحقق من الشخصية والتوقيع الإلكتروني. أما فيما يتعلق بالتنظيم الإداري الإلكتروني الموحد فحبذا لوتم وضع هيكل تنظيمي ل«مشروع مجمع» يربط جميع قواعد المعلومات التي يحتاجها المواطنون والخروج ببوابة «بورتل» يكون بمثابة موقع واحد يقصده المواطن لقضاء جميع حوائجه. ومن الضروري أن يتمركز هذا المشروع على احتياجات المواطن وليس على ما تقدمه كل جهة من خدمات كما أنه من الضروري بمكان توفر برمجيات قياسية يتم اختيارها من الأسواق العالمية لتحقيق الحلول التقنية اللازمة لإنشاء الحكومة الإلكترونية.
وبالتوازي مع ذلك لا بد من تجميع كلما يمكن الحصول عليه من بيانات ونماذج وتعليمات سير الإجراءات المتعلقة بمصالح المواطنين في جميع وزارات وإدارات وهيئات المملكة العربية السعودية مع تحليل كامل للعلاقة التعاملية بين الجهات الحكومية المختلفة والمواطنين بهدف التخلص من الازدواجية. ويجب أن تبنى هذه الإجراءات على أربعة أسس هي «الأمن الوطني» و«الحافز الاقتصادي» و«الخدمات الاجتماعية» و«العمليات المكتبية الحكومية».
بقي الآن تحديد المسؤوليات وتوزيع الأدوار ومتابعة التنفيذ. ففي المجال الفني هناك مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ووزارة التجارة والصناعة، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، والأمانة العامة لمشروع الخطة الوطنية لتقنية المعلومات. ويقع عليهم مسؤولية تطوير الهيكل التنظيمي للحكومة الإلكترونية المتمركز على القاعدة الشعبية.
أما في المجال الإداري وتقديم الخدمات فإن الجزء الأكبر يقع على كاهل وزارة الداخلية بالإضافة إلى وزارة الخارجية ووزارة التربية والتعليم ووزارة المالية، ووزارةالاقتصاد والتخطيط لما لهم من اتصالات مباشرة بالمواطن ومصالحه اليومية.
وتشير الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن 60% من مستخدمي شبكة الإنترنت يتعاملون مع المواقع الإلكترونية الحكومية مما يضيف قيمة كبيرة لتسهيل التعاملات اليومية بين الحكومة والمواطنين ويحقق مستوى رفيعاً لما تقدمه الحكومة من خدمات لمواطنيها، أما على صعيد المصروفات لتطوير تقنية المعلومات فقد أنفقت الحكومة الأمريكية الفدرالية ما يزيد على 48 بليون دولار في عام 2002 وتتوقع صرف 52 بليون دولار في عام 2003 ولا شك أن هذا المستوى الكبير من الإنفاق ينتج عنه تحول هائل في أساليب الخدمات الحكومية التقليدية إلى خدمات الكترونية ذات كفاءة عالية متمركزة على القاعدة الشعبية.
وقد خصص الجزء الأكبر من الإنفاق على مبادرات تخدم إلى حد كبير شبكة الإنترنت حيث أنتج حوالي 35 مليون صفحة في أكثر من 22000 موقع في الإنترنت ويجب التنويه أن التجربة الأمريكية الأولى التي كانت ترتكز على قاعدة المنظمات بدلاً من القاعدة الشعبية تسببت في تقليص كبير في مكاسب وإنتاجية الحكومة وقدراتها في مجالات خدمة المواطنين.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|