«البنتاجون» و«نوكيا» و«متورولا» و«صن» أشهر ضحاياه عودة أخطر هاكر في التاريخ
|
* القاهرة مكتب «الجزيرة» عاطف عوض:
تجمع أكثر من 1600 من خبراء تكنولجيا المعلومات ورجال الأعمال في إحدى قاعات مركز (موسكون) بمدينة (سان فرانسيسكو) الأمريكية.
وقد كانت قمة الاثارة عندما ظهر نجم الحفل السجين السابق وأشهر هاكر في التاريخ (كيفين ميتنيك).. ليواجه مستشارين امنيين وخبراء قانونين قدموا لمناقشة مسألة خطيرة وطريفة في نفس الوقت.. هل تستطيع الشركات الكبيرة توظيف مجرم سابق من أجل حماية شبكاتهم؟!
انها فعلا قضية متفجرة وقد ازدادت سخونة بعد النقاش الحاد الذي دار بين (كيفين) و(ايرا وينكيلر) رئيس قسم التخطيط الأمني في شركة (هيولد باكرد) H P بعد أن قام هذا الأخير بتحذير الشركات من استئجار «مجرم سابق لحماية شركاتهم».
وقد سخر كيفين من أقوال وينكيلر قائلاً انه أي وينكيلر قد قام سابقا باستخدام مجرم سابق للعمل في شركة استشارية يمتلكها وقال: أنا أعرفه شخصياً.. وقد تبادلت معه بعض الأسرار مسبقاً!! ويعد كيفين أكثر الهاكرز شهرة وهو معروف بتوقيعه «الملك» الذي يتركه في مسرح الجريمة بعد كل عملية اختراق يقوم بها.
وقد قضى كيفين 18 عاماً من عمره يتجول بحرية داخل أجهزة الكمبيوتر التابعة لأكبر الشركات التقنية العالمية والطريف أنه يترك ضحاياه يدخلونه بأنفسهم دون أن يشعروا طبعاً إلى أنظمة التشغيل وإلى.. كهوف أسرارهم.
وقد كلفه ذلك أكثر من خمس سنوات من عمره قضاها داخل السجن وعندما انتهت مدة عقوبته في يناير الماضي أصبح قادراً على العودة إلي الإنترنت (وكانت السلطة الأمريكية قد سمحت له منذ عام ونصف تقريباً باستعمال هاتفه الجوال، ثم جهاز الكمبيوتر للكتابة عليه فقط دون الدخول إلى الإنترنت وافتتاح شركة استشارات تدعى (شركة التفكير الدفاعي) والغرض منها مساعدة العملاء على منع الهاكرز واللصوص من سرقة بطاقات الائتمان والسجلات الطبية والأسرار التجارية.
وقد كان توقيت الإعلان عن تأسيس هذه الشركة عبقريا في حد ذاته.. فقد جاء الإعلان عنها في وقت وصلت فيه عمليات الاختراق إلى مراحل خطيرة بسبب النمو الرهيب للإنترنت، وبينما يدعي كيفين أنه كان يقوم بعمليات الاختراق من أجل المتعة فقط وأنه لم يقم أبداً بسرقة أموال أو تحطيم ممتلكات، وان ما اتهم به من قرصنة لم يكن سوى لعبة كبيرة مضيفا كنت اشبه بجيمس بوند وراء كمبيوتر، مؤكداً انه لم يقصد التسبب بأذى لأحد، إلا ان معظم المتهمين في جرائم الكمبيوتر الآن لديهم أهداف أكثر تدميرا وعلى سبيل المثال فقد أدى آخر فيروس من نوع الدودة ويدعي الصفعة SLAMMER إلى اغلاق 13 ألف ماكينة صرف تابعة لبنك أمريكا BANK OF AMERICA كما أدى إلى ابطاء سرعة الإنترنت في جميع أنحاء العالم إلى معدلات غير مقبولة بالمرة.
وتخشى أجهزة المخابرات الغربية أيضا من استغلال الارهابيين للانترنت أو لتكنولوجيا الحاسب الأخرى في مهاجمة أهداف أمنية غربية.
فمجرد انفاق الأموال على شراء أحدث البرامج الامنية ليس كافيا لمنع الاختراق، فمن المهم ايضا مراعاة البعد الإنساني لعملية الاختراق.
فهناك حيلة يطلق عليها الهندسة الاجتماعية
SOCIAL ENGINEERING ويلجأ الهاكرز عادة إلى هذه الحيلة لاستخراج كلمات السر والمعلومات السرية من أحاديث ضحاياهم، وعادة ما كان يلجأ كيفين في كل هجماته تقريباً إلى اختراق أقوى الدفاعات ونظم تأمين البيانات وحوائط النيران FIREWALLS عن طريق المثابرة وخط تليفون وسلسلة من الأكاذيب ولذلك فان نصيحته الدائمة إلى الشركات هي «لا توجد رقع (حلول) للغباء!!» في إشارة إلى اعتمادهم على الرقعPATCHES التي تطرحها شركات البرمجيات من آن لآخر لإصلاح بعض العيوب في البرامج التي تنتجها.
ويشير سجل جرائم كيفين إلى أن أفضل مفتاح لاختراق أي نظام مغلق لا يكمن في الحاسب أو في المودم ولكن في الطبعية البشرية الساذجة.
وقد استطاع كيفين ذات مرة اختراق شركة موتورولا وانتحل شخصية أحد العاملين هناك واتصل بمهندسة تعمل بالشركة وأقنعها بارسال نسخة من الكود البرمجي الخاص بأحد الهواتف الجديدة التي كانت ستطرحها الشركة في هذا الوقت.
ويحاول كيفين الآن جاهداً أن يقدم نفسه على أنه مستشار تكنولوجي مؤهل وذو خبرة وذلك بعد أن افتتح مكتبا فخما في مدينة لوس انجلوس الأمريكية مدينة الشهرة والثروات وقد اجتذب مكتبه (التفكير الدفاعي) تسعة عملاء حتى الآن رفض كيفين الافصاح عن هويتهم.
وأصبح مشهورا جدا هناك ونشر كتاباً باسم (فن الخداع): السيطرة على العامل البشري في منظومة الأمن كما يستعد النجم السينمائي كيفين سبيسي لإنتاج سلسلة أفلام عن كيفين تهدف إلى تعليم سبل تأمين نظم الكمبيوتر من الاختراق.!
ومع ذلك لا تزال هناك بعض المؤسسات لا تثق فيه، ولا يرجع ذلك فقط إلى أنه مجرم سابق ولكن بسببب سمعته السيئة في هذا المجال.. تقول (ليندا ماكارثي) التي تعمل مستشارا أمنيا في شركة سيمانتيك الشهيرة لمكافحة الفيروسات:هل يوجد عاقل يقوم بتعيين لص بنوك لحماية أمواله؟ وتخشى ليندا وغيرها أن يشعر كيفين بالحنين إلى الماضي ويعود إلى أساليبه القديمة عندما يرى اغراءات كثيرة أثناء عمله مستشاراً أمنياً يعرف الشفرات والأكواد والمداخل السرية للأنظمة المختلفة.
وهو الأمر الذي ينفيه كيفين بشدة ويقول عادة لمن يواجهه بهذه المخاوف: ثقوا تماما أنني لن أسقط في الهاوية مرة أخرى.. أنها ليست خيارا بالنسبة لي.
ولكن سجل كيفين لا يسمح بأي ثقة في وعوده وهو الذي اعتبر بنص حكم المحكمة الفديرالية الأمريكية مدمنا للاختراق.
فقد استطاع كيفين الذي يرى المحققون الأمريكيون أنه قادر باتصال هاتفي واحد على وضع البلاد في حالة استنفار قصوى استعداداً لحرب عالمية ثالثة طيلة 18 عاما أن يخترق أكبر المؤسسات الأمريكية والعالمية من بينها شركتا الهاتف موتورولا، ونوكيا، وشركة فوجيتسو اليابانية للبرامج، وشركة (صن مايكرو سيستمز) الأمريكية لنظم الكمبيوتر وشركة نوفل للشبكات وشركة (تي آند تي) للاتصالات، كما نجح في التسلل إلى أكثر الأنظمة تعقيدا وحصانة وخطورة في العالم كالبنتاجون.
قصة كيفين
برع كيفين منذ عام 1978م في الدخول على سنترالات مؤسسة الهاتف المحلية وتمكن من الحصول على مكالمات هاتفية مجانية، وتطور الأمر إلى تمكنه من اقتحام عوالم الآخرين، والاستماع إلى مكالماتهم، ثم تعرف على مجموعة من الشباب لهم الاهتمام ذاته، والخبرة في اختراق شبكة الهاتف عن طريق الكمبيوتر وكانت لهم اجتماعات منتظمة وفي البداية كان كل ما قاموا به لا يتعدى المزاح لكن ما لبث الأمر أن تحول إلى أذى، حيث قام أحدهم بتدمير ملفات إحدى شركات الكمبيوتر في سان فرانسيسكو.
وفي عام 1981م تسلل كيفن وأصدقاؤه إلى المركز الرئيسي لشركة الهاتف في مدينة لوس انجلوس ووصلوا إلى الغرف التي تحتوي على الكمبيوتر الذي يدير عمليات الاتصال، وأخذوا كتب التشغيل الخاصة به، وقوائم وسجلات تتضمن مفاتيح السر لإقفال الأبواب في تسعة مراكز أساسية تابعة لشركة الهاتف في المدينة.
واستطاعت الشرطة بعد عام القبض عليهم وحكم على كيفن بقضاء ثلاثة أشهر في سجن الأحداث بتهمة السرقة وتدمير بيانات عبر شبكة كمبيوتر، كما قضت المحكمة بوضعه بعد ذلك سنة تحت المراقبة في لوس انجلوس.
من جهته حاول مركز الخدمة الاجتماعية تقديم العون له لتطوير خبراته في مجال الكمبيوتر والاستفادة منها بشكل شرعي، لكن كيفن استطاع خداعهم وتعلم معارف أخرى، وحيل تساعده على ممارسة هوايته باختراق شبكات الكمبيوتر.
في عام 1983م اعتقل من قبل شرطة جامعة شمال كاليفورينا، بعد ضبطه يحاول استخدام كمبيوتر الجامعة لاختراق شبكة ARPA NET التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» وحكمت المحكمة عليه بستة شهور تدريب في إصلاحية للأحداث في كاليفورنيا.. وبعد ذلك بسنوات اعتقل مرة أخرى، بتهمة العبث بكمبيوتر حسابات إحدى الشركات.
وفي عام 1987م أدين بسرقة برامج إحدى شركات البرمجيات في كاليفورنيا، عن طريق الشبكة ووضع تحت المراقبة لمدة 36 شهراً كانت نتيجتها زيادة إحساسه بالقوة والعظمة.
وفي عام 1988م اشترك مع صديق له في محاولة الدخول إلى مختبرات شركة ديجيتال لسرقة نسخة من نظام تشغيل «الميني كمبيوتر» الخاص بالشركة التي اكتشف المسؤولون فيها تلك المحاولات واستعانوا بالشرطة المحلية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ولم يستطيعوا التوصل إلى نتيجة، لأن كيفن كان اتخذ اتحياطات ذكية، لمنع اكتشافه، وذلك بأن استخدم جهازي كمبيوتر، الأول يحاول عن طريقه اختراق شبكة ديجيتال والحصول على نظام تشغيل والثاني يراقب مركز مؤسسة الهاتف ويتتبع المحاولات الرامية لاكتشافه.
ولكن بعد أشهر طويلة من التضليل والخداع وقع كيفين في قبضة الشرطة وذلك بفضل وشاية رفيقه في العملية بعد أن وقع ضحية لأحد مقالب كيفين التي لم يستطع تحملها فقام بالبلاغ عنه! أحيل كيفن إلى محكمة لوس أنجلوس، بتهمة سرقة برامج تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، وتسببه في خسارة شركة ديجيتال أكثر من 200 ألف دولار، صرفتها لتبقيه بعيداً عن أجهزتها، وحكم عليه بحكم غريب: السجن سنة واحدة، وستة شهور معالجة من ادمان اختراق نظم الكمبيوترات عبر الشبكات!
في عام1992م أصدر قاضي التحقيق الفيدرالي مذكرة اعتقال ضد كيفن لمعاودته لنشاطه وعدم التزامه بشروط المراقبة وعندما ذهبت الشرطة لاعتقاله كان كيفن اختفى دون أي اثر واصبح كيفين نجما اعلامياً ، وفي عام 1994م استطاع كيفين اختراق الحاسب الخاص بواحد من اشهر خبراء أمن الشبكات يدعى شيمومورا وكان يعمل مستشارا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الأمن القومي الأمريكية واستطاع سرقة ملفات مهمة جدا لكل من يرغب في تعلم أساليب اختراق شبكات الكمبيوتر والهاتف الجوال، ولم يستطع المحققون في البداية معرفة هوية المهاجم.
وبعد عدة أشهر تمكن شيمومورا بمساعدة المحققين وبفضل نظام المراقبة الذي صممه واهتم بتحسينه كل يوم من تتبع أثر المخترق وهو يجوب الإنترنت.
ودارت الشبهة حول كيفين ميتنك، المختفي عن الأنظار منذ العام 1992م وكشفت أنه يقوم بعملياته عبر شبكة هواتف متحركة، من مدينة رالي شمال كاليفورنيا.
وفي فبراير 1995م سافر شيمومورا إلى مدينة رالي، وفي اليوم التالي ساعد خبراء شركة الهاتف المحلية والمحققين الفيدراليين على استخدام ماسحة لتردد الهاتف المتحرك، كي يحدد مكان كيفن ميتنك بدقة واستطاع بعد 15 يوماً تحديد مكان كيفن بدقة واستطاعوا اعتقاله.
زاد عدد المتعاطفين مع كيفين بسبب المعاملة القاسية التي كان يتلقاها كيفن، إضافة إلى حرمانه من حقوق لا يحرم منها، عادة، أخطر المجرمين وأصبح بطلاً في نظر الكثيرين في الولايات المتحدة.
وشكل البعض جماعات للدفاع عنه وقالوا انه ليس مجرماً وانه لم يبع المعلومات والبرامج التي كان يستولي عليها بل كان يستخدمها لزيادة قدراته فقط.
وصدر عن حياة كيفين عدة كتب. لعل أشهرها كتاب TAKEDOWN الذي اشترك في تأليفه الصحافي ماركوف المتخصص في تتبع جرائم كيفين وشيمومورا الذي استطاع الايقاع به ليضع نهاية أو هكذا اعتقد الجميع وقتها، لأشهر وأخطر مجرم في تاريخ الإنترنت.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|