الإنترنت تسرق المعلنين من وسائل الإعلام المطبوعة المستقبل يشير إلى تقدم الصحافة الإلكترونية وتراجع الورقية
|
* أوتاوا: تهاني الغزالي
في سابقة تنذر بأن شبكة الإنترنت باتت أقوى منافس لوسائل الإعلام المطبوعة غير مجلس مسابقة بوليتزر الذي يمنح أرفع الجوائز الصحفية في الولايات المتحدة قواعد المسابقة بحيث تسمح للصحف بالمشاركة بمواد نشرت على الإنترنت. وتجيء هذه الخطوة في وقت يقدم المجلس جوائز في 14 مجالاً مختلفاً. هذا وقد كان يسمح بضم المواد التي تنشر على الإنترنت في أحد هذه المجالات وهي الخدمة العامة منذ عام 1999 وسيسمح الآن للتقارير والصور التي تنشر على الإنترنت بالاشتراك في جميع مجالات المسابقة.
وعلى ما يبدو فإن المجلس قد اتخذ هذا الإجراء لتواكب المسابقة التقدم الذي طرأ على الساحة الإعلامية بعد أن اختطفت الإنترنت والقنوات الإخبارية التي تبث على مدار24 ساعة المعلنين الذين لاحظوا انجذاب المستهلكين الشبان لخدماتهم. وقد نتج عن هذا التحول من قبل المستهلكين إعلان سلسلة من المجموعات الصحفية في الولايات المتحدة خفض الوظائف في الشهور الأخيرة بما في ذلك شركة نيويورك تايمز وشركة تريبيون التي تملك صحيفتي شيكاغوتريبيون ولوس أنجليس تايمز.
هذا ومن المعروف أن عدد قراء الصحف المطبوعة يتراجع بشكل ملحوظ خلال العقود الماضية وما زال التراجع مستمراً أمام سيطرة شبكة الإنترنت على حركة المعلومات. حيث أظهر تقرير لإحدى الصحف الأميركية الشهر الماضي بعد أن حلل 789 صحيفة أميركية أن متوسط التوزيع اليومي في فترة الستة أشهر المنتهية يوم 30 سبتمبر 2005 هبط إلى 45.15 مليون نسخة. ومن المعروف أن صناعة الصحف في الولايات المتحدة الاميركية تواجه مستقبلاً غامضاً في ظل الانتشار السريع لاستخدام شبكة الانترنت والإقبال المتزايد من الناس على تلقي المعلومات الخبرية من المواقع الالكترونية.
وقد طرحت هذه المشكلة نفسها مؤخراً على مؤتمر نظمته وكالة رويترز، للنظر في المسألة من زاوية المخاوف الفعلية من احتمال اقدام بعض الناشرين على بيع صحفهم. ولم يمنع الجدل الدائر حول الموضوع الصحف نفسها من السعي للاندماج في عالم الانترنت من خلال طبعات الكترونية خاصة ومجانية في معظم الاحيان. وعلى العكس من ذلك فإن دراسات السوق في اميركا اثبتت ان كثيراً من المواقع الالكترونية الخدمية والتجارية منها، اتجهت إلى الصحف والمجلات للاعلان عن نفسها والوصول إلى مستخدمين جدد.
وبمعنى آخر فإن هذه المطبوعات سواء العامة منها اوالمتخصصة استفادت اعلانياً من انتشار المواقع الالكترونية المختلفة على شبكة الانترنت.
وتشير دراسة نشرتها مجلة (كولومبيا للصحافة) إلى ان نسبة مستخدمي الانترنت الاميركيين ممن يستقون الاخبار اليومية من الانترنت قفزت من 6% عام 1998 إلى 20% في اوائل عام 2000 اما من حيث الاعلان فقد قفز حجم الانفاق الاعلاني على الانترنت من 1.9 مليار دولار عام 1998 إلى 4.6 مليار دولار في نهاية عام 1999 اما المواقع الاخبارية فقد نمت حصتها من هذا الانفاق من 152 مليون دولار عام 1998 إلى 358 مليون دولار في نهاية عام 1999م. والمعروف ان غالبية الصحف اليومية في الغرب وفي العالم العربي تدير مواقع الكترونية خاصة بها وتصدر طبعات الكترونية وتشير احصائيات مؤسسة (نيوزلينك) الاميركية في نهاية عام 1998 إلى ان عدد الصحف التي تدير مواقع على الشبكة في العالم قد وصل إلى 4900 جريدة منها حوالي 2000 جريدة اميركية بينما لم يكن يتجاوز عدد الصحف الالكترونية على الشبكة الثمانين صحيفة في نهاية عام 1994وهذه الأرقام تشمل الصحف اليومية والأسبوعية والدوريات والمجلات وغيرها من المطبوعات. وبينما تتبوأ المطبوعات الاميركية مركز الصدارة من حيث عدد المواقع الالكترونية فإن المطبوعات غيرالاميركية تشكل نسبة 43% من اجمالي هذه المواقع وقد لجأ عدد لا بأس به من كبريات الصحف في اميركا وأوروبا واليابان إلى الفصل ما بين الجريدة المطبوعة والنسخة الالكترونية من حيث الادارة والتحرير وطبيعة المحتوى ومصادر الدخل والانفاق لكل منهما، مثال على ذلك صحف الواشنطن بوست والنيويورك تايمز والشيكاغو تربيون الاميركية والفايننشال تايمز اللندنية، واصبحت النسخ الالكترونية بوابات اعلامية شاملة تجدد محتواها على مدار الساعة طيلة ايام الاسبوع وتسبق في كثير من الاحيان النسخ المطبوعة في نشر الاخبار، وقد حدث تغيير مهم في مفهوم الصحيفة الالكترونية حيث تطورت هذه الصحف من كونها نسخاً كربونية من الصحف المطبوعة إلى ظهورها كبوابات اخبارية واعلامية وترفيهية ذات شخصية مستقلة، فمثلاً موقع صحيفة النيويورك تايمز على الشبكة يقدم خدمات لا توفرها وقد لا تستطيع ان توفرها النسخة الورقية من الصحيفة مثل حالة الطقس وأسعار العملات والأسهم وحجوزات الفنادق والطيران والسوق الالكتروني للتبضع والشراء ومقارنة اسعار الحاجيات لقد ادى نجاح تجربة النيويورك تايمز على الشبكة إلى اطلاقها موقعاً رديفاً أسمته (نيويورك تودي) وهو اشبه بدليل لعالم مدينة نيويورك يقدم كل ما يحتاجه الزائر اوالمقيم في المدينة من معلومات بدءاً من دليل الهاتف وعناوين المطاعم وبرامج التلفزيون وحالة الطرق وخرائط للاحياء والشوارع وانتهاء بما يحدث في المدينة من نشاطات ثقافية وترفيهية مختلفة، وكذلك فعلت الواشنطن بوست وغيرها من كبريات الصحف في اميركا وبريطانيا وغيرها من الصحف في الغرب، هذه المواقع اصبحت شركات شقيقة تدار من قبل طواقم متخصصة لها اداراتها المستقلة من التحرير والاعلان والتسويق وكما ذكرت فإن عدداً من هذه المواقع اصبح يدر أرباحاً على مالكيه لا تقل اهمية في بعض الاحيان عن ارباح نشاطات النشر التقليدي، وحول هذا الموضوع نظمت وكالة رويترز مؤخراً مؤتمراً في نيويورك تحدث فيه ديفيد ساندرسون رئيس شعبة الاعلام العالمي في شركة (باين اند كو) للاستشارات فقال (هناك شكوك حقيقية حول ما هو النموذج الذي يمكنه الاستمرار في صناعة الصحف)، وحتى مع التراجع في الاسهم حيث هبطت اسعار اسهم شركات النشر بما معدله 12 بالمئة هذا العام يعتقد ساندرسون ان أسهم الصحف قد لاتزال أعلى من قيمتها، وما يؤكد المتاعب التي تواجهها الصناعة مطالب اثنين من أكبر المساهمين في شركة (نايت ريدر انكوربوريشين) للنشر بأن تطرح الشركة للبيع في المزاد بعد تراجع أسعار اسهمها لفترة طويلة، ووافقت الشركة على دراسة احتمال البيع، ورفض ساندرسون التعليق تحديداً على مستقبل سلسلة صحف نايت ريدر لكنه قال إن الشركات المساهمة الخاصة يمكن أن تكون مهتمة بالصحف مما يوفر تدفق سيولة مالية كبيرة، وقال ساندرسون إنه بينما تكافح الصناعة للعثور على قراء شباب والحصول على اعلانات في نسختيها المطبوعة والالكترونية فانه (من الممكن أن نرى ان من الأجدى بيعها)، وردد تشارلز روتمان المدير التنفيذي لوكالة (ام بي جي) للشراء الاعلامي في اميركا الشمالية نفس الرأي القائل بان آفاق صناعة الصحف وفقاً لحالتها الآن كئيبة، وقال روتمان (اعتقد ان آفاق صناعة الصحف في الأمد الطويل مثيرة للشكوك حقاً في افضل تقدير، ليس هناك الكثير من النشاط)، واضاف (ان الشركات أكثر اقبالاً على الاعلان عبر الانترنت اوالهواتف المحمولة ووسائل الاعلام الجديدة الأخرى عن الاعلان في الصحف)، وقال إن أحد الاسباب وراء تراجع تفضيل المعلنين للصحف هو أن المستهلكين الشباب المستهدفين يحجمون عن الاشكال التقليدية للاعلام، وأضاف أمام القمة (المال يطارد المستهلك، إنها حقيقة لا يمكن انكارها وان الجيل الذي يكبر حالياً لا يعتمد على الصحف والمجلات اوالتلفزيون في الترفيه كما كان حال جيلي)، ومن المعروف أن توزيع يوم الاحد انخفض في 627 صحيفة بنسبة 3.1 بالمئة وفقاً للتقرير الذي نشر في وقت سابق، ومع ذلك يقول تشوك بورتر رئيس شركة (كريسبين بورتر بلس بوجسكي) للاعلان انه سيكون من المبالغ فيه القول ان الاعلام التقليدي انتهى، واضاف (هذه اشياء من السهل قولها، معظم الناس لا يريدون تغييرات ثورية، لا أظن ان اي من هذه الوسائل ستنتهي، (واردف ان الحل يكمن في جعل الاعلان المطبوع أكثر وابتداعاً).
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|